تمر اليوم ذكرى ميلاد العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ فى 21 يونيو من سنة 1929 وذكرى رحيل السندريلا سعاد حسنى فى 21 يونيو من سنة 2001، وقد كان الكلام عن علاقتهما طويلا، لكن تظل سنة 1992 سنة فارقة فى هذه العلاقة، فما الذى حدث؟
يقول الناقد الفنى أشرف غريب فى كتابه "العندليب والسندريلا.. الحقيقة الغائبة" جاء رحيل عبد الحليم حافظ فى الثلاثين من مارس 1977 ليعيد إلى الأذهان سؤالا ظنه الكثيرون قد مات قبل موت العندليب نفسه بفعل توالى سنوات السبعينيات: هل عاش عبد الحليم وسعاد حسنى قصة حب حقيقية. أو بعبارة أكثر تحديدا: أحبها أم لم يحبها؟ أحبته أم لم تحبه؟
وظل السؤال مطروحا على هذا النحو حتى عام 1992 يلح تارة على عشاق النجمين، ويتوارى أخرى فى خضم أحداث ربما لم تكن لتسمح بالتوقف أمام هذا الأمر، سعاد حسنى نفسها وفى المرتين الوحيدتين اللتين جرؤ فيهما محاوروها على فتح هذا الموضوع، أكدت أن ما كان يجمعهما هو حب أخوى وحالة صداقة قائمة على العرفان، بفضل الرجل الذى وقف بجانبها فى بداياتها الفنية ليس أكثر، رغم أن كل الأدلة والشواهد التى تحدثنا عنها سابقا واعترافات حليم وسعاد نفسيهما فى مناسبات شحيحة كانت تؤكد أن ما بينهما كان أكثر مما ذهبت إليه السندريلا بكثير ومن ثم ظلت الحيرة قائمة : أحبها أم لم يحبها؟ أحبته أم لم تحبه؟ إلى أن حدث شيء مهم أعاد صياغة طرح السؤال، ودفعه إلى واجهة الأحداث الفنية، فمنذ سنة 1992 تحديدا أصبح السؤال هو:
هل تزوجها أم لم يفعل؟
ما كان يعنى بالنسبة للمهتمين بالموضوع قفزا على السؤال بصيغته الأولى بعد أن بات الأمر محسوما، وتأكد الجميع من أن معبود الجماهير ومعبودته كانا فى حالة عشق فعلى أخذت من عمر الزمان ست سنوات كاملة.. فماذا حدث فى هذه السنة؟
كانت سعاد حسنى فى ذلك التوقيت بعيده عن مصر فى رحلات مكوكيه بين لندن وباريس بحثا عن أسباب الشفاء من علل تراكمت عليها فى العمود الفقرى والعصب السابع أدت إلى صعوبة فى الحركة وسمنة مفرطة لم تكن سعاد تطيق معها الظهور أمام جمهورها الذى ظل أسير صورة السندريلا الجميلة التى أحبها منذ ظهورها السينمائى سنه 1959 ومع تزايد فترات غيابها عن مصر انعدمت أحاديثها الصحفية أو شحت وبات ظهورها الإعلامى بوجه عام أقرب إلى المستحيل الرابع وفجأة أدلت سعاد فى هذه السنة بحديث صحفى مطول من العاصمة الفرنسية باريس إلى مفيد فوزى، وقت أن كان رئيسا لتحرير مجلة صباح الخير، ولم يكتف الصحفى المحنك بنشر الحديث على صفحات المجلة، بل أعاد نشره فى طبعة جديدة من كتابه الشهير "صديقى الموعود بالعذاب" سنه 1995، ليطيل ما استطاع من أثار القنبلة التى أطلقها فأصبحت مقترنة باسمه كان الحديث الصحفى عاديا تقليديا إلى أن جاءت الفقرة التى كانت بمثابة القنبلة التى تطايرت شظاياها ولم تستقر دون أن يستطيع أحد لملمة أثارها حتى اليوم.
سأل مفيد سعاد حسنى سؤالا عن عبد الحليم بعد تمهيد بسيط:
كنت أتمنى أن يجمعكما بيت واحد لا فيلم واحد.
فقالت سعاد حسنى بهدوء: حصل
قلت بدهشة إيه اللى حصل؟
قالت: تقصد بالعربى ليه متجوزناش؟
قلت: أقصد.
قالت: زواج عرفى واستمر ست سنين.
ولكن لماذا لم يعلن هذا الزواج؟
قالت سعاد حسنى: حليم مثل فريد الأطرش يعتبران أن الفنان ملك الجماهير وأن إعلان الزواج يؤثر على الفنان.
قلت من أجل هذا لم تعلنا الزواج؟
قالت سعاد حسنى: بالضبط
قلت: بناء على طلب أو رغبه عبد الحليم؟
قالت سعاد حسنى: بالضبط
قلت: ألم يهمك أن يعلن هذا الزواج؟
قالت سعاد: لا ما همنيش لأن هو كان أهم من الإعلان، وممكن تسكت بقى.
قلت: يعنى كان حليم عايش فى بيته وأنت فى بيتك؟
قالت: بالضبط، كان بينزل من بيته فى شارع حسن صبرى ويجى عندى فى شارع يحيى إبراهيم ومحدش يعرف هو فين، كان دى ساعات لقائه بنفسه، كنت اقول له ده غلط، وده صح، وده مش حلو، وده فيه تجنى، مرة قلت له يا حليم انت فنان كبير لكن مش فى عمر أم كلثوم، يعنى هى تخلفك، ما كانش فى داعى تقول إنها عملت مقلب مع عبد الوهاب فيك، الناس أقدار برضه، وكان يقول لى زى الطفل عندك حق يا سوسو.
قلت لسعاد: من كان شهود زواجكما؟
قالت: مدام الزواج لم يعلن اعفنى من ذكر أسماء الشهور.
قلت: من الذى طلب هذا الزواج العرفى؟
قالت: دى كانت رغبته
والآن دعونا نتوقف قليلا أمام أول اعتراف كامل ومباشر بحدوث الزواج بين العندليب والسندريلا، حتى لو كان زواجا عرفيا، خاصة أنه جاء على لسان أحد طرفى هذه الزيجة.
اول ما يداهمك سؤال مهم لا تستطيع الإفلات منه: لماذا باحت سعاد حسنى بالسر الذى حافظت عليه طيلة 26 عاما، من نهاية علاقتها بعبد الحليم عام 1966 أو حتى بعد رحيله بخمسه عشر عاما، البعض اتهم مفيد فوزى بأنها مجرد فرقعة صحفية ورط فيها سعاد حسنى، سعيا وراء زياده توزيع مجلته، بل ذهب آخرون إلى اتهام سعاد حسنى نفسها برغبتها فى الإمساك بتلابيب الشهرة والأضواء من خلال فتح هذا الملف المثير، ورغم محاولات الرجل الذى كان لديه طموح مشروع فى تسجيل انفراد صحفى لاكتساب حديثه مع سعاد صفه العفوية والتلقائية، فقد بدا الأمر حتى لمن لا يملكون الخبرة الصحفية على أنه ترتيب مسبق بين الطرفين فسعاد كان بإمكانها التراجع عن تصريحاتها حتى بعد أن قالتها وتطلب من مفيد صديقها القديم عدم النشر لكنها لم تفعل، وكان بإمكانها كذلك أن تكذب ما جاء على لسانها لو وجدت فيه ما يستحق ذلك لكنها لم تفعل أيضا، وهذا يؤكد أن كل شيء كان مرتبا بشكل مسبق أو على الأقل حظى بموافقتها.
وقد سألت سعاد حسنى بنفسى فى اللقاء الذى جمعنى بها فى فبراير 1995 وفى حضور الكاتبين الكبيرين رجاء النقاش وجمال الغيطانى فى فيلا إحدى صديقاتها، عن الأسباب التى دفعتها لفتح موضوع علاقتها بعبد الحليم فى هذا التوقيت بالذات فقالت لى إنها كانت تعى تماما ما قالته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة