سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 يونيو 1957.. مصر تشحن مركب «إخوان إيلوكس» بالبصل وأدوات زراعية علنا وبالسلاح سرا إلى الجزائر فى كفاحها المسلح ضد الاحتلال الفرنسى

الجمعة، 03 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 يونيو 1957.. مصر تشحن مركب «إخوان إيلوكس» بالبصل وأدوات زراعية علنا وبالسلاح سرا إلى الجزائر فى كفاحها المسلح ضد الاحتلال الفرنسى احمد بن بيلا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى الملحق العسكرى المصرى فى العاصمة الإسبانية «مدريد» تكليفا، بمحاولة استئجار مركب بضاعة ذات حمولة كبيرة وسريعة من شركة ملاحة إسبانية، لنقل شحنة بصل وأدوات زراعية من الإسكندرية إلى مراكش بالمغرب، فتعاقد «الملحق العسكرى» مع شركة تتبعها مركب «إخوان ايلوكس»، وفى مصر تم الاتصال بوكلاء الشركة، وهم «إخوان محمد ياقوت النجار»، لعمل ترتيبات استقبال المركب، كانت هذه الشحنة فى حقيقتها غطاء وتمويها لعملية سرية كبيرة، هى إرسال سلاح من مصر إلى الثوار الجزائريين، أثناء اشتعال الثورة الجزائرية المسلحة ضد الاحتلال الفرنسى، حسبما يذكر فتحى الديب، مسئول الشؤون العربية برئاسة الجمهورية، فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر».
 
كان «الديب» هو مهندس الاتصال بقادة الثورة الجزائرية منذ بدء كفاحها المسلح بقيادة أحمد بن بيلا فى نوفمبر 1954، ويزيح فى كتابه الستار عن الدور المصرى الرائد فى مساندة الثورة الجزائرية، ويكشف عن أسرار الحصول على السلاح الذى تم تأجير مركب «إخوان إيلوكس» لحمله إلى الجزائر، يذكر أنه سافر من يوم 15 يناير 1957 إلى ألمانيا والسويد والنمسا وتشيسلوفاكيا «قبل تقسيمها إلى التشيك، وسلوفاكيا»، بجواز سفر باسم محمد إبراهيم حسن، وبصفته حامل حقيبة دبلوماسية كان يتم تسهيل الحركة له بين دول أوروبا، وكان معه فى هذه الرحلة جزائرى يحمل جواز سفر باسم «وزانى حامد»، بينما هو فى الحقيقة طبيب جراح بشرى اسمه «إدريس» ويقيم فى مراكش بالمغرب، ويتولى مسؤولية شراء السلاح لجيش التحرير الجزائرى.
 
ويقول إن سفره جاء بعد أن تلقى رسالة حملها «وزانى» من قائد ولاية وهران التابع لجيش التحرير، عبدالحفيظ بوصوف، يطالبه فيها بالتدخل بعد مراوغة تاجرين دوليين متخصصين فى عمليات تهريب السلاح، أحدهما فرنسى ويدعى «فراى»، والثانى «دنماركى» ويدعى «أريكسون»، وجاءت المراوغة بعد أن وقع «وزانى» على عقد معهما لصفقة من الهاونات والرشاشات والبنادق يتم شحنها من مخازن مخلفات الحرب العالمية الثانية بألمانيا الغربية، وقام بإيداع مليون دولار لهذا الغرض فى أحد البنوك السويسرية استلمهم من «بوصوف»، يؤكد الديب أنه أطلع الرئيس عبدالناصر على البرقية، فكانت تعليماته إليه بالسفر، والتأكيد عليه بأهمية استخلاص المبلغ أو اتمام الصفقة مع ضمانات وصولها، وسافر الديب ومعه «وزانى»، ونجح «الديب» فى تنفيذ مهمته السرية والتخلص من التاجرين الدوليين «فراى» و«أريكسون» بحيل بارعة تنقل خلالها من ألمانيا إلى السويد ثم النمسا، ويروى كل ذلك فى كتابه بالتفصيل وبوقائع تصلح لفيلم سينمائى.
 
وفى نهاية المطاف زار ومعه «وزانى» العاصمة التشيكية «براغ» لشراء السلاح منها، والتقى مسؤولين تشيك عن طريق المستشار العسكرى المصرى إسماعيل فريد لإنجاز الصفقة، وقبل الوصول إلى هذه الخطوة استخدم «فراى» و«أريكسون» وسائل ترهيب باحتمالات القتل، وترغيب بالنساء والخمر، وفشلت جميعها.. يكشف «الديب» أن فى إتمامه لصفقة السلاح التشيكية، كان يجرب السلاح فى ميدان رماية بنفسه، ويفاصل فى ثمنه حتى أبلغوه: «تقديرا للحكومة المصرية وللرئيس جمال عبدالناصر قررنا إجراء تخفيض 30% لكل أنواع الذخيرة التى سيتم التعاقد عليها مع الالتزام بكل الشروط فى إعداد السلاح بلا أى علامات، وإتمام إجراءات الشحن ويفضل أن تكون أحد موانئ بولندا».
وصلت الصفقة يوم 3 مايو 1957 إلى ميناء الإسكندرية، واستقرت فى المخازن المعدة، وبدأت مهمة شحنها إلى «جبهة وهران»، فجاءت فكرة استئجار مركب بضاعة كبيرة وسريعة من شركة إسبانية، تكون مهمتها المعلنة «شحن بصل وطلمبات رفع مياه إلى مراكش»، ويؤكد «الديب»، أنه طلب من عبدالحفيظ بوصوف، قائد جبهة وهران بموافاته باسم شركة مغربية يثقون فيها ليتم الشحن من الاسكندرية باسمها كشحنة تجارية عادية، وبالفعل زوده «بوصوف»، باسم الشركة المغربية المرشحة، أما فى مصر فكانت شركة «الشرقية للملاحة والتجارة» هى المعنية بتصدير «الطلمبات والبصل»، وهى شركة أسسها «الديب» خصيصا يوم 28 يونيو 1956 برأسمال 20 ألف جنيه لتمتلك مراكب تجارية، وتكون ستارا لعمليات تهريب السلاح للجزائر.  
 
يذكر «الديب»، أن مدير «الشرقية للملاحة والتجارة» استخرج إذن تصدير عادى لطلمبات رفع المياه والبصل، ويكشف أنه لجأ إلى الدكتور عبدالمنعم القيسونى وزير الاقتصاد لتسهيل الإجراءات حفاظا على السرية، ويؤكد أن عملية الشحن تمت تحت إشرافه شخصيا، وفى صباح 3 يونيو، مثل هذا اليوم، 1957 أبحرت المركب، ويكشف «الديب»: «أرسلت خطابا حمله رسول خاص إلى ملحقنا العسكرى فى مدريد لأضعه فى الصورة ولما يجب أن يقوم به الإخوة الجزائريون فى ميناء الوصول، ومحددا له الصناديق المعبأة بطلمبات المياه والبصل»، ووصلت المركب يوم 13 يونيو وكانت المفاجأة فى انتظارها، حيث صادرتها السلطات الإسبانية، واتهم الجزائريون أطرافا مغربية فى ذلك.  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة