على مدى سنوات تحرص مصر على بناء علاقتها بقارة أفريقيا انطلاقا من الوفاء للقارة والالتزام بمصالحها، فالقارة السمراء تمتلك إمكانات اقتصادية وموارد وطاقة بشرية، ومع هذا فإن عائد كل هذا لا يتناسب مع هذه الإمكانات، لأسباب كثيرة، بعضها يرجع لعهود الاستعمار، والبعض الآخر إلى ظروف موضوعية، منها عدم الاستقرار، أو غياب القدرة على التنظيم والوحدة والشراكة والتعاون كما ينبغى، وتحرص مصر على بناء علاقات متوازنة وقوية مع كل الدول الأفريقية، وتسعى لتقوية دور المنظمات القارية، بالشكل الذى يدعم التعاون والمصالح المشتركة.
ظهر هذا فى الكثير من الخطوات، نحو بناء علاقات أفريقيا مع كل القوى الفاعلة فى العالم ورفع مطالب القارة، والدفع نحو بناء شراكات مع الصين واليابان وأوروبا وروسيا، وكثيرًا ما تتحدث مصر باسم القارة أو ضمن تحرك أفريقى، فى قضايا المناخ، والاستثمار، وعلى المستوى القارى يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تدعيم كل الخطوات التى تساهم فى تنمية قدرات القارة، سواء من خلال مؤتمرات الاستثمار فى أفريقيا، أو لبناء القدرات وتبادل الخبرات والتدريب وتقديم تجربتها للدول الأفريقية.
وآخر نموذج لهذا التعاون هو المؤتمر والمعرض الطبى الأفريقى الذى يعقد بحضور وزراء ومسؤولين ومستثمرين وخبراء وعلماء فى مجالات الصحة والعلاج والدواء، حيث شهد مناقشات حول وضع الصحة فى القارة، وكيفية مواجهة هذا الواقع بقدرات ذاتية أو من خلال العمل الجماعى القارى، بالشكل الذى يضمن تحقيق أقصى استفادة لدول القارة، فى مجالات الصحة والدواء واللقاحات التى تواجه القارة مشكلة فى الحصول عليها، وظهر هذا أثناء جائحة كورونا، حيث تأخر وصول اللقاحات لدول أفريقية، بينما استحوذت الدول الكبرى على النصيب الأكبر، كما أن أفريقيا تواجه مشكلات أخرى مع أمراض وأوبئة كالسل والملاريا والتيفويد والكوليرا، وغيرها، وبعضها تأخرت اللقاحات الخاصة بها.
وقال الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، إن قارة أفريقيا تعانى بشدة وتعتبر موطنا لأمراض كثيرة ولكن يمكن علاجها، ولا يزال مرض السل يقتل على الأقل 500 ألف أفريقى كل عام، و95% من مرضى الملاريا فى العالم و96% من وفياتها بأفريقيا، وقال الدكتور كونستانتينو شيونجا نائب رئيس دولة زيمباوى ووزير الصحة، إن القارة الأفريقية تحتاج إلى المساندة لبناء القطاع الصحى، وتعلمنا درسا مهما أثناء جائحة كورونا، وأن معظم سكان القارة وشعوبها لديهم موارد محدودة فى شتى المجالات، لا سيما المجالات الطبية، فى حين نجد أن الدول المتقدمة لديها إمكانيات متوفرة، معربًا عن أمنيته فى تكوين شراكات تجارية مع مصر فى مجالات الدواء من أجل مواجهة التحديات التى تواجه القارة.
وشدد على أهمية الاكتفاء الذاتى فى كل المجالات خاصة مجال الدواء، وأنه إذا تمكنت أفريقيا من تصنيع اللقاحات حينئذ سنكون حققنا إنجازا كبيرا.
وأكدت حنيفة بنجرنا وزيرة الصحة الأوغندية، أن جائحة كوفيد - 19 وضعت تحديا من أجل الاستعداد لصناعة الأمصال بدلا من الانتظار على قوائم الحصول عليها، ولا توجد دولة بمفردها يمكن أن تحقق القدرة على الاكتفاء، لكن يجب أن تتعاون الدول من أجل الاستدامة.
وفى تعقيبه أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن قلة الموارد لا يمكن أن تبقى عائقا فى تحقيق الأهداف، واستعرض تجربة مصر فى القضاء على الفيروس الكبدى سى، من خلال مبادرة شاملة، قامت على التفاوض مع شركات الدواء لتوفير العلاج بسعر أقل كثيرا من سعره العالمى، كانت تكلفة الدواء وقتها 10 آلاف دولار، وتحصلنا عليه بتكلفة أقل، ووجه كلمته إلى شركات الأدوية، مؤكدًا أن أفريقيا سوق واعد وخلال سنوات ستكون 2 مليار، أغلبهم من الشباب، ولهذا فإن المستقبل فى أفريقيا.
وأعلن الرئيس السيسى، مبادرة من مصر لتقديم 30 مليون جرعة لقاح ضد فيروس كورونا للأشقاء فى الدول الأفريقية، وبالتنسيق مع الاتحاد الأفريقى. وقال إن قدرات مصر الاقتصادية لا تتيح تقديم الخدمة الطبية بمعايير عالمية، لكن من يمتلك أقل ليس لديه سوى الأفكار، ولم يكن نقص الموارد مبررا للإحباط، بل للتحدى، وواجهنا وتغلبنا على مشكلات كثيرة بالمبادرات، مثل 100 مليون صحة وفيروس سى، وقوائم انتظار العمليات الكبرى.
وأكد الرئيس أن مصر مستعدة لتقديم خبراتها وتبادل الخبراء مع الأشقاء فى أفريقيا، وأن القارة قادرة بالإخلاص على تجاوز كل هذا الواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة