الرئيس السيسى حل المعادلة الصعبة وفتح كل الملفات.. الإصلاح الاقتصادى منح قدرة على تقديم برامج ومبادرات لمساندة الفئات الأكثر تضررا
القضاء على فيروس «سى» وتوسيع المبادرات الرئاسية فى الصحة وإنهاء العشوائيات
«حياة كريمة» تطوير شامل للريف وتغيير حياة أكثر من نصف السكان اعتبرتها الأمم المتحدة أفضل الممارسات الدولية
عندما نتحدث عن 8 سنوات تولى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، الرئاسة، علينا النظر إلى هذه المرحلة، علينا أن نضعها فى سياق ثلاثة عقود منذ التسعينيات، حيث الفرص الضائعة والدخول إلى حالة من عدم الرضا أو الفهم والبقاء فى جمود بالرغم من الفرص التى توفرت على مدى الفترة منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين حتى منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة.
وعلى مدى السنوات العشر التى سبقت 25 يناير، ساد شعور الفرص الضائعة فى التحديث أو التنمية بعدالة، كانت هناك حالة من التردد ونسبة نمو لا تنعكس فى صورة خدمات أو طرق أو إسكان أو مواصلات عامة، والعلاج للقادرين أو بقرارات بيروقراطية للعلاج، كان فيروس سى يلتهم أكباد المصريين، وأمراض كالسرطان والفشل الكلوى تفرض نفسها من دون أفق لمواجهة حقيقية، والعشوائيات تحزم العاصمة والمدن، والاختلال فى ملف الإسكان أدى إلى عشوائية بالأحياء، والاعتداء على الأراضى الزراعية، والتوسع فى الإسكان الفاخر على حساب الإسكان المتوسط والمنخفض.
ملف المواصلات العامة أيضا واجه فوضى، توقف توسعات المترو وتحديث القطارات أو إطلاق خطوط جديدة، والنقل العام مرتبك بين قطاع عام عاجز وخاص مستغل أو عشوائى، مع حوادث طرق، بسبب غياب الطرق الحديثة، واختناقات المرور وتوقعات بأن تنسد القاهرة بزحامها وتصل السرعة فى 2020 إلى 8 كيلومترات فى الساعة.
المعادلة الصعبة
كل هذا مع اقتصاد مختل ونمو مرتفع غير عادل فى توزيعه، عاجز عن استيعاب الأزمات، طوابير الخبز وأنابيب الغاز والسلع الرئيسية، مع إدخال الأمن فى محاولات حل الأزمات أو مواجهة تداعياتها، تعقيد فى ملفات الصناعة أو المشروعات الصغيرة، مع أفق سياسى غير واضح، وعدم امتلاك شجاعة السير فى إصلاح اقتصادى حقيقى، يدفع بالفرص للأمام، ويعالج المشكلة بسياق اجتماعى يفتح آفاق الاستثمار ويوفر فرص عمل، كل هذا بالرغم من توفر فرص كبيرة لتدفقات أموال من تحويلات أو عوائد و أراض.
فى الزراعة كان الاعتداء على الأراضى الزراعية بالبناء، وتوقف استصلاح أراض جديدة أو منحها وتوزيعها بلا قواعد، الأمر الذى فتح باب التسقيع والاتجار فى الأراضى لتتكون طبقة مليارديرات الاتجار فى الأراضى، مع استمرار التركز فى مساحة لا تتجاوز 6-7 % من جغرافية مصر، فى ظل تضاعف أعداد السكان، بمتوالية هندسية والعجز عن مجاراة كل هذه الأرقام بخدمات أو أفكار.
وداخل هذه الفترة يتم وضع ثلاث سنوات بعد 25 يناير، تحولت أحلام التغيير إلى كابوس، الدولة والشعب واجها حالة من الشك والتشتيت، وكادت تدخل البلد فى حرب أهلية، خاصة مع تقسيم الشعب وزرع حالة من عدم اليقين بين الناس، وأكثر نقطة كانت هى تقسيم الناس ونشر الخلاف، وتصوير الشعب على أنه جماعات وتجمعات وقبائل وأضداد، مع وجود إرهاب نجح فى دول من حولنا فى أن ينتزع محاولات التغيير، ويحولها إلى حمامات دم وحروب أهلية انتهت بتفكك النواة الصلبة، بشكل يجعل من الصعب العودة إلى المربع الأول، مع ملايين اللاجئين، لتتحول أحلام التغيير إلى كوابيس، فى مصر كانت بؤر الإرهاب تتجمع، لتبدأ عملية اقتسام المنطقة بين جماعات متطرفة وتنظيمات مسلحة.
من الارتباك إلى الاستقرار
خلال السنوات الثلاث بعد يناير، اتجهت الطرق إلى انقسام وصراع وغياب لتوجه سياسى، واستغل تنظيم الإخوان هذه الحالة وقفز إلى السلطة، مستغلا حالة الارتباك السياسى والاجتماعى والاقتصادى، وأسفر عن وجهه، ووجد المصريون أنفسهم لأول مرة بعد عقود مهددين فى هويتهم، بجانب اقتصادهم، وشؤونهم مرهونة بإرادة مرشد فى الداخل ومرشدين فى الخارج، وتبعية اختيارية لدول وأجهزة، أسرارهم مستباحة، ووطنهم فى مهب الريح، عداء تاريخى للنواة الصلبة مع رغبة فى الانتقام والتفكيك، بجانب وضع اقتصادى ورئيس بلا برنامج أكثر من مجرد رهن قرار المرشد فى دولة بحجم مصر للخارج، مع الإطاحة بأبسط قواعد العمل السياسى.
استشعر المصريون الخطر وخرجوا ليرفضوا حكم المرشد، وتابعيه فى الداخل والخارج، كانوا يعرفون أنهم يواجهون جماعة أخطبوطية اعتادت أن تتسرب وتتعامل بوجهين وخطابين، سرقت إرادة الشعب بعد يناير، وحملتها إلى مجهول وخدعت الجميع بوعود عائمة سرعان ما تراجعت عنها، متاهة جماعة الإخوان نجحت فى شق دول وتقسيم أوطان، وإشعال حروب أهلية، وفى مصر سعت الجماعة إلى تفتيت النواة الصلبة للدولة، ثأرا من الجيش والشعب اللذين رفضا مخططات التنظيم الدولى الأخطبوطى، فضلا عن ارتباك اقتصادى انتهى بنزح الاحتياطى النقدى، بعد تآكل الاقتصاد وانعكاسات الفوضى على الأنشطة الاقتصادية، هربت الاستثمارات وتوقفت التنمية وتضاعفت البطالة والمرض، وصعدت أزمات الكهرباء والوقود، مع شك وانقسام كاد يذهب بالبلد للمجهول.
المصريون شعب مسالم، ينتفضون عند استشعار الخطر على الدولة وعلى المستقبل، واثقين فى قدراتهم، وفى جيش الشعب، الجدار الذى لم يخذلهم ولم يتخل عنهم، ومثلما حرس الدولة والشعب بعد 25 يناير، عاد ليقوم بدوره، كقوة تحمى ولا تهدد، وقدم نموذجا تاريخيا للجيش الوطنى الذى لا يتخلى عن مهامه فى حماية مصر وشعبها وأمنها بالداخل والخارج، بلا تردد وبشجاعة وإخلاص.
الاقتصاد والصحة
عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، قدم تشخيصا أمينا وواضحا، وعقد ميثاقا بالعمل وتحمل المسؤولية، والدخول فى كل الملفات فى وقت واحد، واختار مع المصريين الطريق الأصعب، داخليا وخارجيا، وحل المعادلة الصعبة التى بدت مستحيلة، وكل هذا فى وجود إرهاب يفجر ويحرق ويقتل، ويطلق الشائعات ويستهدف نفسية المجتمع، ورهان على أن مصر إذا حاولت أن ترمم اقتصادها وتبنى قدراتها الداخلية وإصلاح الداخل اقتصاديا واجتماعيا، لن تجد فرصة لبناء تأثيرها الإقليمى، الوقت ضيق والتحديات متعددة، إرهاب متربص، واقتصاد منهار يفتقد إلى ثقة المنظمات الدولية، كهرباء مقطوعة، أزمات فى الوقود والخبز، بنية أساسية متهالكة، بطالة، عشوائيات تحزم القاهرة والمحافظات، فيروس الكبد الوبائى يلتهم أكباد المصريين، خارجيا مصر معزولة، مع دول وأجهزة تسعى لبسط نفوذها والتدخل فى أمن مصر القومى شرقا وغربا وجنوبا.
وخلال 8 سنوات، استعاد المصريون الأمن، استعاد الاقتصاد عافيته وصمد فى مواجهة أزمتى كورونا وحرب أوكرانيا، وهما أزمتان أصابتا الاقتصاد فى دول كبرى بالارتباك ورفعتا التضخم، تضاعف الاحتياطى النقدى الأجنبى من 16 مليار دولار إلى أضعاف وهو ما ساهم فى امتصاص أزمتين كبيرتين، وتم إنشاء محطات كهرباء عملاقة وفرت حاجات الاستهلاك الصناعى والمنزلى، مع فائض للتصدير، انتهت الأزمات الموسمية، وتم علاج 10 ملايين من فيروس الكبد الوبائى، مع إطلاق مبادرات 100 مليون صحة، وإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الخطرة، ومبادرات للكشف على سرطان الثدى للنساء وصلت إلى أعماق الريف، ومبادرات لعلاج التقزم والعيون والسمع للأطفال.
وتم فتح ملف العشوائيات، الذى بدا مستعصيا على الحل، وتم البدء بإنشاء «الأسمرات 1 و2»، ثم مجتمعات تم نقل أغلب سكان العشوائيات إليها، وحتى المناطق التى ظلت مستحيلة التغيير، تغيرت وتحولت للأفضل فى السيدة زينب والمدابغ والإسكندرية وغيرها، مع توسيع ملف الحماية والاجتماعية، وصرف معاش تكافل وكرامة للأسر الفقيرة.
الزراعة وحياة كريمة
الإصلاح الاقتصادى، أثمر نتائج على حياة الناس، صمدت الدولة أمام تداعيات فيروس كورونا، وحققت ثباتا نسبيا لأسعار السلع الأساسية، مع قدرة على تقديم برامج ومبادرات لمساندة القطاعات والفئات الأكثر تضررا، تم تخصيص 100 مليار جنيه - 2 % من الناتج المحلى - لمواجهة «كورونا»، واقتصاد مصر من بين اقتصادات قليلة حققت نسبة نمو فى ظل تراجع عالمى، وتم القضاء على فيروس «سى»، والبدء فى مبادرة «حياة كريمة»، التى اعتبرتها الأمم المتحدة أفضل الممارسات الدولية توافقا مع كل أهداف التنمية المستدامة، وتطوير شامل للريف فى أكثر من 4500 قرية خلال 3 سنوات على 3 مراحل، بتكلفة تتجاوز 700 مليار جنيه، ليكون تغييرا حقيقيا لأكثر من نصف سكان مصر بين 50 و60 مليون إنسان فى الريف، والنهوض بمكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وتغيير حياتهم جذريا، ليصبحوا شركاء فى عملية التنمية، ويشعروا بثمار نتائج عملهم، فكل ما يجرى على أرض مصر من تغيير شامل، هو نتاج جهد المصريين وشجاعتهم وصبرهم، وهو ما يضاعف من مخزون الثقة لدى المواطن، الثقة التى توحد المصريين فى مواجهة الحاضر والمستقبل.
خلال 8 سنوات تم إنشاء شبكة طرق ومحاور وكبارى عملاقة، بناء على تخطيط دقيق، وتشخيص لمشكلات النقل، والاحتياجات المستقبلية من تجارة وصناعة، ولم تكتف الدولة بحلول موضعية، وانطلقت إلى عاصمة إدارية جديدة ذات بنية تقنية ومعلوماتية عالية الدقة، توازيا مع تطوير القاهرة التاريخية، والمتاحف الجديدة، ومحاور لربط المتاحف بحركة السياحة مع مدن من الجيل الرابع، العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة ودمياط وأسيوط والمنيا الجديدة، وغيرها، تستوعب ملايين، وتمتص الزيادة السكانية، وتتضمن أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واجتماعية.
الإسكان والزراعة والنقل
يظل ملف الإسكان هو أهم الملفات التى تتعلق بحياة المصريين على مدى عقود، ويتصل بكل الملفات الدقيقة، مثل العشوائيات والفساد فى المحليات ومخالفات البناء وانهيار البنية الأساسية، وتكدس سكانى فى مناطق مقابل فراغ فى مناطق أخرى، الاختلال فى ملف الإسكان وغياب خطط للبناء، والعجز عن توفير مسكن ملائم، كانت سببا فى ظهور العشوائيات والمبالغة فى البناء الفاخر، وتعطيل قواعد العرض والطلب، وشاعت السمسرة و«التسقيع»، وتحركت الدولة لعلاج الملف من خلال مشروعات سكنية متنوعة، وإسكان اجتماعى ومتوسط، لتوفير إسكان مناسب لكل الفئات فى المجتمع، الإسكان الاجتماعى للشباب وذوى الدخول المنخفضة، والإسكان المتوسط للطبقة الوسطى.
فى الزراعة يأتى مشروع مستقبل مصر ليسهم بنصيب كبير فى الإنتاج الزراعى من أراض جديدة تضاف إلى الرقعة الزراعية فى الوادى والدلتا، ويضاعف الإنتاج، ويوفر 550 مليون دولار محل الواردات من زراعة 288 ألف فدان من المحاصيل الاستراتيجية «القمح والذرة وبنجر السكر» خلال 3 سنوات، ومع استكمال البنية الأساسية تصل المساحة خلال عامين إلى 700 ألف فدان، ضمن التوسع الأفقى فى «الدلتا الجديدة» بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية جنوب الوادى فى توشكى بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، ومشروع تنمية الريف الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان، ومشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان، وهو ما يمثل إضافة تصل إلى ربع المساحة التى تكونت على مر العصر الحديث منذ بداية تنظيم الرى والزراعة.
إذا كانت الزارعة والصناعة من الأنشطة التى تمثل أولوية للتنمية، باتفاق الخبراء والاقتصاديين، فإن النقل الحديث هو الذى يمثل الجناح الأهم لأى استثمار زراعى أو صناعى، والقطار الكهربائى الحديث يدعم فكرة ممرات التنمية، لأن طريق القطار سوف ينتج حوله مجتمعات وأنشطة مختلفة فى مناطق خالية، وقعت الدولة عقد إنشاء ثلاثة خطوط لقطارات كهربائية مع شركة سيمنز، ضمن تحالف شركتى أوراسكوم والمقاولون العرب، بإجمالى نحو 2000 كيلومتر تربط 60 مدينة بسرعة حتى 230 كم/ ساعة، تخدم ملايين الركاب يوميا، وتنقل ملايين الأطنان من البضائع سنويا، فى 3 خطوط رئيسية، الأول يربط بين مدينة العين السخنة على البحر الأحمر مع الإسكندرية والعلمين ومرسى مطروح على البحر المتوسط بطول 660 كم، والخط الثانى طوله نحو 1100 كم بين القاهرة وأبو سمبل مرورا بمدينتى الأقصر وأسوان، والخط الثالث 225 كم امتدادا من مدينة قنا وصولا إلى سفاجا ومرورا بالغردقة.
خطوط القطار الكهربائى تقدم منظومة نقل حديثة موازية ومتقاطعة مع الخطوط القديمة للقطارات التى يجرى تطويرها، وتربط موانئ البحر الأحمر بموانئ المتوسط، لأول مرة، وتربط المناطق الصناعية بالسياحية ما يخلق فرص عمل مؤقتة ودائمة.
كل هذه الخطوات تحققت خلال 8 سنوات، وسط تحديات وأزمات، ودخول فى جميع الملفات الداخلية، مع بناء علاقات إقليمية ودولية متوازنة، ونفوذ رشيد وثقة تحوزها الدولة المصرية، التى تبدأ مرحلة جديدة، وقد نجحت بقيادة الرئيس السيسى فى تمكين الفئات التى ظلت مستبعدة فى المجالس النيابية والقضاء على رأسها المرأة وذوى الهمم، وطبعة مصرية من حقوق الإنسان تتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وإطلاق حوار وطنى يستوعب التنوع ويوسع المجال العام والمشاركة السياسية والاجتماعية والأهلية، يفتح المسارات المختلفة للابتكار والحوار، بما يعبر عن هذا الواقع، خاصة بعد اكتمال المؤسسات الدستورية، والإصلاح الاقتصادى الذى أدى لتحسين الأداء ونسبة النمو، ومواجهة أزمات أربكت دولا كبرى، فخلال 8 سنوات قطعت مصر رحلة من التقدم وتستعد لمرحلة جديدة.
p