تسببت الأزمات التى يشهدها العالم من صراعات وتغير مناخى وجائحة كورونا وأخيرا حرب أوكرانيا فى التأثير على أنظمة الأغذية وكذلك الزراعة، فيما يشكل التضخم المتزايد تحديا عالميا مع ارتفاع أسعار الغذاء العالمية منذ منتصف عام 2020 بسبب هذه الأزمات وعوامل تراكمية تشهدها دول العالم المختلفة خلال العقود الأخيرة.
من جانبه، حذر شو دونيو المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" من تداعيات صادمة للحرب الأوكرانية حال استمرارها، قائلاً إن 17 مليون شخص حول العالم سيعانون من نقص الأغذية المزمن بحلول عام 2023 .
وقال دوينو بحسب بيان نشره المركز الإعلامي للأمم المتحدة، إن الأحداث العالمية الأخيرة من جائحة كوفيد-19 إلى أزمة المناخ، والصراعات المتعددة حول العالم والحرب فى أوكرانيا أثرت بشكل كبير على أنظمة الأغذية الزراعية بطرق متعددة، حيث زادت الواردات الغذائية للدول الـ 62 الأكثر فقراً إلى 24.6 مليار دولار أمريكى فى عام 2022، ما يؤثر على 1.79 مليار شخص.
وأضاف مدير عام الفاو، إن التحديات التى تقوض الأمن الغذائي العالمي تتطلب نهجاً مركباً يشمل الاستثمار وإصلاح السياسات واستخداما أفضل للموارد، جاء ذلك فى اجتماع له مع مجموعة العشرين.
وتطرق المدير العام للفاو إلى تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022 الذي تم إصداره مؤخرا، والذي يؤكد أن الجوع في العالم قد ازداد مرة أخرى في عام 2021، ما يعكس تزايد عدم المساواة بين البلدان وداخلها، مشيرا إلى أن 828 مليون شخص عانوا من الجوع فى 2021 بزيادة 46 مليونا عن 2020 و150 مليونا عن 2019 قبل الجائحة.
وأشار مدير الفاو إلى تقديرات المنظمة بأن الحرب في أوكرانيا قد فاقمت الوضع الصعب بالفعل ويمكن أن تؤدي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية المزمن بـ13 مليونا هذا العام، و17 مليونا في عام 2023.
وأكد مدير الفاو أنه من بين التحديات الأخرى، ارتفاع متوسط أسعار الأسمدة أيضاً بشكل كبير، حيث تضاعف ثلاث مرات تقريباً منذ منتصف عام 2021، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة. وستؤدي التغييرات في الطرق التجارية والقيود الحالية إلى زيادة سعر الأسمدة العالمي.
وقال مدير الفاو، إن المجتمع الدولي بحاجة إلى تنفيذ حزمة من الإجراءات التي تشمل الاستثمار في البلدان الأكثر احتياجاً والأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية مشددا على ضرورة التركيز على زيادة الإنتاجية من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام لإنتاج أغذية مغذية محلياً بالإضافة إلى تقديم المساعدات الغذائية في الوقت المناسب.
وأضاف أن الحد من فقدان الأغذية وهدرها أمر أساسي، إذ إن الكميات الكبيرة الحالية التي تفقد وتهدر يمكن أن تغذي حوالي 1.26 مليار شخص سنوياً، وقال إنه يجب استخدام الأسمدة بشكل أكثر كفاءة، لافتًا إلى أن المسرعات الرئيسية لجميع هذه النقاط هي الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، وأكد على أن الاستثمار في البحوث والتطوير هو أعلى فائدة هامشية للأرباح.
ومن جانبه، قال ديفيد بيزلى المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هناك خطر فعلي في أن تزداد هذه الأعداد بقدر أكبر خلال الأشهر المقبلة. فالارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للأغذية والوقود والأسمدة الذي نشهده اليوم بسبب الأزمة في أوكرانيا يهدد بدفع البلدان من حول العالم إلى دائرة المجاعة. وسيؤدي ذلك إلى عدم استقرار عالمي والتضور جوعًا وهجرة جماعية على نطاق غير مسبوق. لذا، يجدر بنا العمل اليوم لتجنب وقوع هذه الكارثة الكامنة".
الولايات المتحدة الأمريكية شهد ارتفاعا جديدا فى التضخم فى شهر مايو إلى مستوى غير مسبوق منذ أربع عقود، فيما أعلنت وزارة العمل الأمريكية أن أسعار المستهلك زاد 8.6% الشهر الماضى مقارنة بما كان عليه قبل 12 شهرا، أسرع من الارتفاع الذى حدث فى أبريل الماضى على أساس سنوى بنسبة 8.36%.
وقفزت الأسعار على أساس شهرى بنسبة 1% من أبريل إلى مايو، وهو ارتفاع حاد من 0.3% من مارس إلى إبريل، ويتحمل معظم تلك الزيارة الارتفاع الكبير فى أسعار الغاز، مع ارتفاع تكاليف الغاز والغذاء وغيره من الضروريات، وذلك وفق ما ذكرته مجلة بولتيكو.
وتقول مجلة بولتيكو إن التضخم المتفشى فى أمريكا يفرض ضغوطا شديدة على العائلات، مما يجبرها على دفع المزيد من أجل الحصول على الغذاء والغاز والإيجار ويحد من قدرتها على تحمل تكاليف السلع التقديرية، من حلاقة الشعر وحتى الإلكترونيات.
وذكرت المجلة أن الأمريكيين من ذوى الدخل المنخفض والأمريكيين من أصل لاتينى والسود تحديا هم الأكثر معاناة من التدخل، لأن نسبة أكبر من دخلهم تستهلك فى المتوسط من خلال الضروريات.
فيما توقع خبراء الاقتصاد أن يتراجع التضخم هذا العام، ولكن ليس بدرجة كبيرة. حيث تنبأ المحللون أن مقياس التضخم الذي أعلنته الحكومة يوم الجمعة - مؤشر أسعار المستهلك - قد ينخفض إلى أقل من 7 في المائة بحلول نهاية العام. في مارس الماضى ، وصل مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 8.5 %، وهو أعلى معدل منذ عام 1982.
وفى ذات السياق، أظهرت بيانات رسمية أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية دفع تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا إلى أعلى مستوياته في 40 عاما الشهر الماضي ليبلغ 9.1%. ، وجاءت البيانات متماشية مع نتائج استطلاع لآراء الاقتصاديين أجرته رويترز.
وقال مكتب الإحصاء الوطني البريطاني "ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية بالمقارنة مع انخفاضها قبل عام أسهم في زيادة كبيرة" في التضخم وأضاف المكتب أن أسعار المستهلكين ارتفعت 0.7% على أساس شهري في مايو.
من جانبه، قال وزير المالية البريطاني المستقيل ريشي سوناك في تصريحات سابقة إن الحكومة تبذل كل ما في وسعها لمكافحة ارتفاع الأسعار، فيما أظهرت البيانات أن التضخم في المملكة المتحدة بلغ 9.1% في مايو وأضاف المسؤول البريطاني: "نستخدم جميع الأدوات المتاحة لخفض التضخم ومكافحة ارتفاع الأسعار".
وتابع وزير المالية البريطاني المستقيل في تصريحاته : "يمكننا بناء اقتصاد أقوى من خلال سياسة نقدية مستقلة، وسياسة مالية مسؤولة لا تزيد من الضغوط التضخمية، ومن خلال تعزيز الإنتاجية والنمو في الأجل الطويل".