الزهرة يقترن بالقمر.. "إينانا" حكاية سيدة السماء فى الحضارة السومرية القديمة

الثلاثاء، 26 يوليو 2022 08:00 م
الزهرة يقترن بالقمر.. "إينانا" حكاية سيدة السماء فى الحضارة السومرية القديمة كوكب الزهرة
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يستعد المتخصصون وهواة الفلك لرصد ظاهرة اقتران القمر مع كوكب الزهرة (ألمع كواكب المجموعة الشمسية)، بدءا من فجر اليوم الثلاثاء فى مشهد فلكى بديع يمكن مشاهدته بالعين المجردة بسماء مصر والوطن العربى.

وكان الإنسان العربى القديم فى جزيرة العرب، تحقق بصريا من مجمل الكواكب والأجرام السماوية بعينه المجردة، وتعبد بها، وجعل كثيرا من الكواكب والنجوم والأجرام آلهة يتقربون إليه ويتباركون بها.

وبحسب كتاب "الأسطورة والتراث" فى مدينة الوركاء السومرية نشأت عبادة كوكب الزهرة ونمت، إذ أطلق عليها اللسان السومرى "إينانا" الذى يعنى "سيدة السماء"، ففى اللسان السومرى "إن" تعنى سيدة، و"آن" تعنى السماء، وبدخول الساميين إلى الرافديين وتأسيس الدولة الأكادية تحول اسمها من "إينانا" إلى "عشتار".

ومما لا شك فيه أن عبادة "الربة الأم" من أقدم العبادات؛ لأن عملية التوالد العجيبة — في نظر الإنسان القديم — كانت من خصائص المرأة وحدها، ولما كان التناسل من الأسرار الغريبة؛ فقد شخص هذه الإلهة في البداية بتربة الأرض؛ نظرًا لأن إخصاب التربة ليس سوى نوع من الميلاد المتجدد للمحصول، ولتفسير دورة الحياة النباتية ما بين الخصب والجدب حسب التنوع الفصلي، فقد خطت يد الإنسان أول ملحمة في التاريخ عن إلهة الخصب، هي الملحمة السومرية "هبوط إينانا إلى العالم السفلي" التي أعاد البابليون صياغتها في ملحمة "هبوط عشتار إلى العالم الأسفل".

وفي هذا الزمان البعيد، لم يكن الإنسان قد وصل بعد إلى فكرة عالم آخر فيه بعث ثم ثواب أو عقاب، ترغيبًا وترهيبًا، وكل ما استطاع عقله أن يصل إليه حول مصير الموتى، أنهم يهبطون إلى عالم أسفل سطح الأرض، لا فرق فى ذلك بين صالح وطالح، أطلقوا عليه اسم "كور" أو "أرالو" وقد تصوره عالمًا موحشًا مقبضًا رهيبًا مليئا بكل المفزعات من وحوش وأفاع وحيات، يعيش فيه الميت على الرغام والطين، ولا فكاك من هذا المصير الشقى لأى ميت أيا كانت مكانته.

وتقول الملحمة إن إلهة الخصب "إينانا" أو "عشتار" أو "الزهرة" قد قامت بتضحية اختيارية، وذلك بنزولها إلى عالم الموتى السفلي، وبغيابها عن عالم الأحياء — وهى روح الخصوبة — جفت الأرض وتوقف النسل وتعطل العطاء النباتى والحيوانى وكل مظاهر الحياة المتجددة على الأرض؛ لتفسر الأسطورة فصل الجفاف، وكى تفسر فصل الخصب؛ كان لا بد أن تعود الزهرة من عالم الموتى، إلا أن الحبكة الدراماتيكية استدعت أن يوضع لعودتها شرط، تمثل فى ضرورة حلول بديل محلها، وتصل الدراما التراجيدية إلى ذروتها عندما نجدها ترشد زبانية العالم السفلى إلى عشيقها المفضل "تموز — صاحب الشهر المعروف باسمه فى التقويم حتى الآن — ليأخذوه معهم بديلًا، نظير الإفراج عنها، رغم ما كان بينهما من قصص غرام وهيام مشبعة بالفعل الجنسي، تم سردها بالأسلوب الصريح المكشوف، بوضوح وبساطة وسذاجة شديدة، تعبيرًا عن الاعتقاد في مسألة الخصب وأهميتها. أما مدخل العالم السفلي الرهيب، فكان في بابل نفسها، وبالتحديد في فتحة بئر يقع في مدينة الوركاء نفسها، حسبما جاءنا في ملحمة رافدية أخرى هي "ملحمة جلجامش".







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة