نلقى الضوء على كتاب "الأزمة الأوكرانية وصراع الشرق والغرب .. جذور المسألة ومآلاتها" لـ محمد الكوخى، والذى يحاول دراسة مختلف جذور الأزمة الأوكرانية الحالية فى مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفى بعدها الجيوسياسى الدولى وتوازنات القوى بين روسيا والغرب، ويسعى لاستشراف آفاق هذه الأزمة ومآلاتها المستقبلية.
جاء الكتاب فى ستة فصول وخاتمة، وقد تحدث الفصل الأول منه "السياق العامّ لحوادث ميدان الاستقلال واندلاع الأزمة" عن الأسباب التى قادت إلى اندلاع أحداث ميدان الاستقلال فى العاصمة الأوكرانية كييف، وعن أنّ مراقبين للشأن الأوكرانى قالوا إنّ الجموع التى خرجت ضدّ الرئيس يانكوفيتش كانت أكبر الجماهير منذ اندلاع الثورة البرتقالية عام 2004.
ويستعرض المؤلف الأحداث وصولًا إلى ليلة 21 يناير 2014؛ إذ حصل أكبر اشتباك بين المعارضين وقوات الشرطة نجم عنه سقوط عدد من القتلى. وبعد هذ الانفجار، حدث تدخّل من القوى الدولية أدّى إلى اتفاق بين المعارضة والحكومة.
وفى الفصل الثانى "بنية المجتمع الأوكراني: الدولة المركّبة"، يقدم المؤلف عرضًا لتاريخ الدولة الأوكرانية الحديثة منذ الثورة البلشفية عام 1917، لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن التعددية فى أوكرانيا بوصفها بلدًا ذا قوميات ولغات متعدّدة. ويرتبط انتشار اللغة على نحوٍ وثيقٍ بالحكم القيصرى فى روسيا، وبالثورة البلشفية، وبالانفصال عن الاتحاد السوفياتى عام 1991 أيضًا.
أمّا الفصل الثالث "بنية النظام السياسى فى أوكرانيا: النظام الأوليجارشي"، فجرى فيه استعراض لتاريخ الحركات السياسية فى أوكرانيا منذ سبعينيات القرن العشرين، وتركيز فى صعود الطبقة الأوليجارشية من رحم الحزب الشيوعى التى استولت على مُقدّرات البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ومن ثَمّ هيمنت على الحياة السياسية فى البلاد.
وأمّا الفصل الرابع "صراع الشرق والغرب: جدلية الداخل والخارج"، فقد جرى فيه عرضٌ لأهم الصراعات فى الطبقة الأوليجارشية الحاكمة، وللصراع بين أنصار التعاون مع روسيا وأنصار الانفتاح عن الغرب.
وفى الفصل الخامس "صعود الفاشية الجديدة واليمين القومى المتطرف: ضريبة فشل السياسة"، يستعرض المؤلف الحركات اليمينيّة فى أوكرانيا، ذاكرًا مرجعيّتها الفكرية، وعلاقتها بالنازية، والعوامل التى ساعدت على بروزها قوَّةً سياسيةً كبيرةً فى البلاد، وعلى بروز تيار قومى روسى راغب فى الانفصال، وانتشار "الربيع الروسي" فى بعض المدن الأوكرانية فى مقابل "الربيع الأوكراني".
ويُختتم الكتاب بالفصل السادس "سيناريوات الأزمة ومآلاتها: تقسيم المصالح أم تقسيم البلاد؟" وفيه يستشرف الكاتب السيناريوات التى تتجه نحوها البلاد بعد تطور الأزمة وحصول اشتباكات مسلّحة تُهدد بحصول حرب أهلية، ولا يفوت الكاتب استعراض أبرز المليشيات المسلحة التى برزت فى هذه الأزمة، وأهمّ الجهات التى تُتَّهم بالوقوف خلفها وتسليحها ودعمها.
الكاتب محمد الكوخى باحث مغربى وُلد فى مدينة أكادير عام 1985، حاز الماجستير فى الاقتصاد من جامعة فيليبس ماربورغ الألمانية عام 2012. له عدد من الدراسات والبحوث فى حقل الاقتصاد والعلوم السياسية والاجتماعية، وقد صدر له كتاب عنوانه "سؤال الهوية فى شمال أفريقيا: التعدد والانصهار فى واقع الإنسان واللغة والثقافة والتاريخ (عام 2014).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة