أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن العلاقات العربية - الإسرائيلية سوف تظل قاصرة ومعرضة للمشكلات ما دامت القضية العربية المحورية وهى القضية الفلسطينية لم تجد طريقها إلى الحل، وهو الأمر الذى يفرض على الدول العربية أن تكون هذه القضية جزءا لا يتجزأ من المنظومة الكاملة للعلاقات مع إسرائيل.
وشدد إبراهيم - فى مقال نشرته صحيفة الأهرام بعددها الصادر اليوم الإثنين، تحت عنوان "ماذا تريد إسرائيل من الدول العربية؟" - على أن التحركات العربية الأخيرة واللقاءات التي عقدتها القيادة السياسية المصرية مع قيادات كل من (الأردن - السعودية – الإمارات - البحرين – سلطنة عمان - قطر) تعد خطوة إيجابية للغاية لبلورة رؤية موحدة لكل المخاطر التي تهدد المنطقة.
وقال إبراهيم: "أحاول بين الحين والآخر أن أوجه سؤالاً إلى نفسى يبدو للكثيرين أنه سؤال ساذج نظرا لأن إجاباته تكاد تكون بديهية وهو ماذا تريد إسرائيل من العرب؟ وفى رأيي أن هذا السؤال تتزايد أهميته بمرور الوقت نظرا لأن إسرائيل لديها حاليا علاقات رسمية مع العديد من الدول العربية شرقا وغربا، بالإضافة إلى علاقات أخرى لم ترق إلى مرتبة العلاقات الدبلوماسية، وهنا يثار سؤال آخر مفاده هل ستكتفى إسرائيل بالعلاقات الرسمية، أم أن طموحاتها تتعدى ذلك؟".
وأضاف أن الواقع يؤكد أن إسرائيل بدأت بالفعل مرحلة الاندماج التدريجي في منطقة الشرق الأوسط، بل نجحت في أن تصل إلى حالة من التوافق مع بعض الدول العربية لمواجهة المهددات الإقليمية المتمثلة طبقا لرؤيتها في الخطر الإيراني.
وتابع قائلا: "وحتى أكون منصفا لا بد أن أؤكد أنه من حق كل دولة عربية أن تقيم علاقات مع إسرائيل من منطلق أن كل دولة ذات سيادة لديها رؤيتها لكيفية تحقيق مصالحها وهذا حقها تماماً ما دامت هذه العلاقات لا تجور على مصالح الدول الأخرى، إلا أنني أرى أهمية أن تتم هذه العلاقات في إطار دراسة متعمقة ومتأنية تأخذ في اعتبارها كافة المعطيات والمتغيرات السابقة والحالية والمستقبلية".
وأشار اللواء محمد إبراهيم إلى النموذج الأمثل في العلاقات العربية ـ الإسرائيلية ارتباطا بالقضية الفلسطينية وهو نموذج العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث إن مصر وهى أول دولة أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ ثلاثة وأربعين عاما حرصت على أن تكون لهذه القضية أولوية حيث وقع الرئيس السادات وجيمي كارتر ومناحيم بيجين في سبتمبر 1978 على ما يسمى بإطار السلام الشامل في الشرق الأوسط الذي حدد أسس السلام الشامل والعادل طبقاً لمقررات الشرعية الدولية أي أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه أولاً وقبل توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل بستة أشهر.
وقال: "إذا انتقلنا إلى الوضع الراهن فسوف نجد أن إسرائيل نجحت خلال السنوات الأخيرة في توقيع اتفاقات سلام مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بل إن بعض هذه العلاقات وصل إلى مرحلة متقدمة في المجالات الاقتصادية والأمنية".
وأضاف: "من الواضح أن هذا التطبيع قد وجد دعما غير مسبوق من الولايات المتحدة التي حاولت منذ طرح صفقة القرن في يناير 2018 أن تعلن صراحة أن هدفها يتمثل في أن تصبح إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية".
وتابع: "وإذا كانت صفقة القرن قد سقطت مع نهاية إدارة ترامب إلا أن مسألة دمج إسرائيل في المنطقة لا تزال أحد الأهداف التي تسعى إدارة بايدن إلى تحقيقها، وسوف يكون هذا الموضوع بندا رئيسيا على أجندة الرئيس الأمريكي خلال زيارته للمنطقة والتي سوف يبدأها بزيارة إسرائيل يوم 13 يوليو الحالي، حيث سيحاول تمهيد المجال أمام تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع السعودية التي ستكون المحطة الثالثة في زيارته بعد إسرائيل والضفة الغربية".
ولفت إلى أنه "بالرغم من الأزمة الداخلية غير المسبوقة في إسرائيل وتحديد الأول من نوفمبر 2022 ليكون موعد الانتخابات البرلمانية الخامسة في ثلاث سنوات إلا أن الواقع يشير إلى أن القيادة الإسرائيلية على مختلف توجهاتها قد اتفقت على هدف رئيسي واحد يرتبط بالمصالح العليا للدولة، وهو مزيد من التطبيع العربي بغض النظر عن توجهات الائتلاف الحاكم، والدليل على ذلك أنه خلال فترة نتنياهو تم توقيع أهم اتفاقات التطبيع، ثم حرص بينيت بعد توليه الحكم على دعمها وتطويرها".
ورأى إبراهيم أن إسرائيل سوف تحاول خلال المرحلة المقبلة إنجاز أربعة أهداف رئيسية، حيث يتمثل الهدف الأول في تحقيق مزيد من التطبيع النوعي مع الدول العربية مع التركيز على السعودية التى تعتبر بالنسبة لها أهم دولة عربية متبقية في هذا الشأن.
وأضاف أن الهدف الثاني هو استثمار الدعم الأمريكي نحو مزيد من إدماج إسرائيل في المنطقة خاصة في المنظومة الأمنية أو العسكرية لمواجهة المخاطر التي يمكن أن تواجهها المنطقة وتحديدا ضد إيران.. متابعا أن الهدف الثالث هو سعي رئيس الوزراء الجديد يائير لابيد لدعم العلاقات مع الدول العربية وبما يمكن أن يصب في مصلحته خلال الانتخابات المقبلة في مواجهة نتنياهو.
وأوضح أن الهدف الرابع هو الفصل التام بين القضية الفلسطينية وبين تطور العلاقات مع الدول العربية، مع العمل على تفويت الفرصة على بايدن الذي سوف يؤكد خلال زيارته للمنطقة مبدأ حل الدولتين.
واختتم إبراهيم مقاله بالقول: "وفى ضوء ما سبق أرى أن التحركات العربية الأخيرة واللقاءات التي عقدتها القيادة السياسية المصرية مع قيادات كل من (الأردن - السعودية – الإمارات - البحرين – سلطنة عمان - قطر) تعد خطوة إيجابية للغاية لبلورة رؤية موحدة لكل المخاطر التي تهدد المنطقة، وكيفية مواجهتها عربيا بالأساس ودون تدخل خارجي، إلا أن كل ما أرجوه ألا تغيب القضية الفلسطينية عن التحركات العربية خاصة بالنسبة للدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وأن يتم اتخاذ خطوات عملية لتحريك القضية أهمها استئناف المفاوضات، وضرورة التصدي للمحاولات الإسرائيلية الحثيثة لإنهاء القضية، وفى النهاية فإن على إسرائيل أن تدرك تماماً أن أمنها وإدماجها في المنطقة بالشكل الذي تريده لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".