طرق بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس أبواب موسكو مجددا، أملاً فى وقف الحرب الدائرة فى الأراضى الأوكرانية منذ 24 فبراير الماضي، فى وقت يعانى فيه العالم تبعات تلك المعارك على صعيد الاقتصاد والغذاء، وسط مخاوف متنامية من الدخول فى أزمة عصية على الاحتواء فى ظل تعطل حركة امدادات الغاز والحبوب على حد سواء.
وفى تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيطالية الاثنين، بالتزامن مع انتصارات جديدة أحرزتها روسيا فى ميادين القتال شرق أوكرانيا، جدد بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس دعوته للقاء الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وزيارة روسيا وأوكرانيا فى محاولة لوقف الحرب الدائرة منذ 24 فبراير الماضى، وذلك فى تصريحات أدلى بها على هامش رحلته التى يجريها إلى كندا.
وقال البابا للصحفيين إنه يرغب فى زيارة موسكو وكييف، عقب انتهاء رحلته الحالية فى كندا، وذلك بعدما أعلن فى مايو الماضي، استعداده للقاء الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى موسكو، مشيراً إلى أنه ما زال فى انتظار رد من بوتين.
كما شدد بابا الفاتيكان على أن العالم يحتاج إلى السلام الذى لا يقوم على ميزان السلام والخوف المتبادل"، موجها نداءا جديدا من أجل السلام فى أوكرانيا، حسبما نقلت وكالة "إيفى" الإسبانية.
وقال البابا فرانسيس "نواصل الدعاء من أجل السلام فى أوكرانيا وفى جميع أنحاء العالم"، داعيا "رؤساء الدول والمنظمات الدولية إلى الرد على الميل إلى تأجيج الصراع والمعارضة".
وشدد البابا على أن الأزمة الأوكرانية ما كان ينبغى أن تحدث، لكنه حث على أن تصبح "تحديًا بين رجال الدولة الحكماء القادرين على بناء عالم أفضل من خلال الحوار للأجيال الجديدة"، مضيفا "لا لعالم منقسم بين قوى متصارعة، نعم لعالم موحد بين شعوب وحضارات تحترم بعضها البعض".
وبدأت محاولات البابا فرانسيس منتصف مارس الماضي، حين عرض الذهاب إلى موسكو، وهى الدعوة التى جددها يشكل أكثر وضوحاً فى مايو، الأمر الذى دفع المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" دميترى بيسكوف لنفى وجود أى اتصالات رسمية فى هذا الصدد، فيما قال السفير الروسى لدى الفاتيكان ألكسندر أفدييف حينها أن "البابا هو دائمًا المحاور المنشود، ومرحب به دوماً بسبب موقفه المحترم الذى يتبناه تاريخيا"، دون تحديد واضح ما إذا مقترح الزيارة أمر مقبول من الجانب الروسي.
وقال السفير الروسى لدى الفاتيكان بحسب ما نشرته صحيفة الماساجيرو الإيطالية مايو الماضي: "فى أى وضع دولي، الحوار مع البابا فرنسيس مهم بالنسبة لموسكو، ولكن لم يصدر الرئيس فلاديمير بوتين بعد ردًا رسميًا على الاقتراح الذى أعلنه الفاتيكان الثلاثاء الماضى".
وبخلاف النبرة الدبلوماسية التى تحلى بيها السفير الروسى لدى الفاتيكان ومتحدث الكرملين، تبنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لغة مغايرة تجاه الدعوة الباباوية، حيث اعتبر البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الروسية أن البابا فرانسيس استخدم "لهجة خاطئة"، وذلك فى تعقيب على دعوة وجهها بابا الفاتيكان لرأس الكنيسة الروسية لئلا يكون "خادم مذبح الكرملين".
وحذرت الكنيسة الروسية، الفاتيكان من أن مثل هذه التصريحات ستضر بالحوار بين الكنائس، قائلة: "من المؤسف أن يتحدث البابا فرنسيس بهذه اللهجة بعد شهر ونصف من حواره المباشر مع كيريل، بطريرك موسكو وعموم روسيا".
وقالت بطريركية موسكو "البابا فرنسيس اختار نبرة غير صحيحة لنقل محتوى هذه المحادثة"، رغم أنها لم تذكر صراحة تعليق "خادم المذبح"، و"من غير المحتمل أن تساهم مثل هذه التصريحات فى إقامة حوار بناء بين كنيسة الروم الكاثوليك والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وهو أمر ضرورى للغاية فى الوقت الحاضر".
وبدأت الأزمة، بعد ما نشرته صحيفة كورييرى ديلا سيرا حول تفاصيل اجتماع عقد عبر زوم بين البابا فرانسيس وبابا موسكو، حيث ذكرت الصحيفة نقلا عن بابا الفاتيكان قوله: "تحدثت معه (البطريرك كيريل) لمدة 40 دقيقة عبر زووم، فى العشرين الأولى منها قرأ لى من ورقة يحملها بين يديه كل مبررات الحرب. استمعت إليه وقلت له: لا أفهم شيئًا عن هذا. أخي، نحن لسنا رجال دين للدولة، لا يمكننا استخدام لغة السياسة، ولكن لغة يسوع. نحن رعاة نفس شعب الله المقدس. لهذا يجب علينا البحث عن طرق سلام لوضع حد لنار الأسلحة. لا يمكن للبطريرك أن يصبح خادم مذبح الرئيس فلاديمير بوتين.
وأحرزت روسيا تقدما فى ميادين القتال خلال الـ48 ساعة الماضية، حيث أقرت أوكرانيا الأحد بانسحاب قواتها من مدينة ليسيتشانسك فى مقاطعة لوجانسك بإقليم دونباس (شرق)، وتحدثت عن تدمير قاعدة روسية فى زاباروجيا (جنوب)، ويأتى ذلك بعد ساعات من إعلان روسيا سيطرتها على لوغانسك.
وأبلغ وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو الرئيس فلاديمير بوتين بالسيطرة على كامل أراضى مقاطعة لوجانسك، التى تشكل مع مقاطعة دونيستك إقليم دونباس.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أن شويجو أبلغ القائد الأعلى للقوات المسلحة للاتحاد الروسى فلاديمير بوتين بـتحرير كامل تراب "جمهورية لوجانسك الشعبية" من القوات الأوكرانية.