كابوس جديد تواجهه القارة الأوروبية في ظل أزمة اقتصادية ممتدة منذ ظهور وباء كورونا، وتفاقمت بفعل تداعيات الحرب الأوكرانية التي تقودها روسيا منذ 24 فبراير الماضي، سببه هذه المرة، التغييرات المناخية التي حملت رياحها صيفاً مدمراً علي مختلف دول القارة طالت موجاته الحاصلات الزراعية والثروات المائية وخلف حرائق ووفيات تقدر بالالاف.
وحذر باحثون لدى المفوضية الأوروبية، من أن حوالى نصف أراضي الاتحاد الأوروبي باتت معرضة لخطر الجفاف، حيث ذكر مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية في تقرير له أن نحو 46% من أراضي الاتحاد الأوروبي معرضة لجفاف بمستوى يستدعي التحذير منه و11% عند مستوى الإنذار إذ باتت المحاصيل تعاني من نقص المياه.
وحذرت المفوضية الأوروبية من أن العديد من الدول الأعضاء ستخفض المحاصيل هذا العام، حيث تسبب الجفاف في أن تطلب من الدول الأعضاء استخدامها لتنظيف المياه العادمة عندما يتم ري الحقول الجافة.
وقال علماء المناخ إن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي إلى موجات حرارة أكثر حدة، وحالات جفاف أسوأ ، ومزيد من هطول الأمطار الغزيرة المتكررة ، وارتفاع مستويات سطح البحر، حيث حذرت لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة من مزيد من الجفاف وظروف أكثر صعوبة للزراعة في أوروبا، تشابه شمال أفريقيا.
وذكر الاتحاد الأوروبي أن إيطاليا هي البلد الأكثر تأثراً، حيث يواجه حوض نهر بو في شمال البلاد أعلى مستوى من الجفاف الشديد.
كما حذر باحثو الاتحاد الأوروبي من أن نقص المياه وشدة الحرارة يتسببان بتراجع المحاصيل في فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا.
وفي باريس، تشير تقديرات الحكومة الفرنسية إلي أن البلاد تتعرض لأسوأ موجة جفاف علي الإطلاق حيث أثرت اضطرابات الطقس على المزارعين ، وتم فرض قيود على المياه في كل مقاطعة تقريبًا في البلاد، وأفاد المزارعون في جميع أنحاء البلاد أنهم يكافحون لإطعام مواشيهم بسبب المراعي الجافة، في أجزاء كبيرة من الشمال الغربي والجنوب الشرقي، يحظر الري بسبب نقص المياه العذبة.
وبحسب موقع فرنسا 24، شكلت الحكومة الفرنسية مجموعة أزمات للتعامل مع الجفاف، الذى يمثل هو الأسوأ على الإطلاق في بلدنا، وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن قبل نهاية الأسبوع إن الوضع قد يستمر خلال الأسبوعين المقبلين أو يتفاقم أكثر.
وفي إسبانيا، باتت كميات المياه في الخزانات أقل بنسبة 31% من المعدل المسجل خلال 10 سنوات بينما بلغت كمية المياه اللازمة لإنتاج الطاقة الكهرومائية نصف معدلها خلال السنوات السبع السابقة، وأدت موجة الحر إلى تفاقم نقص المياه الذي أثر على الزراعة منذ الشتاء الماضي، وبدأ التفكير فى ترسيم الحدود المائية في المناطق الأشد تضررا.
وبحسب منظمة المزارعين COAG، فإن بساتين الزيتون التي لا يتم فيها الري الصناعي ستنتج 20% فقط من معدلات انتاجها الطبيعية خلال السنوات الماضية.
وفى البرتغال قال وزير البيئة، إن بلاده تعرضت لأسوأ موجة جفاف هذا القرن، و كان يوليو الأكثر دفئًا منذ عام 1931، وتم قياس 3 ملم من الأمطار على مستوى البلاد، وفقًا لمعهد الأرصاد الجوية IPMA، وكان متوسط درجة الحرارة أعلى بنحو 3 درجات عن المعدل الطبيعي لشهر يوليو.
كما طلبت البرتغال بحسب تقرير لمجلة دير شبيجل، مثل دول مثل بولندا وهولندا وفرنسا، من مواطنيها تقليل استهلاكهم للمياه.
ووفقًا للمفوضية الأوروبية، يعاني 44 % من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى من جفاف مقلق، ووفقًا للاتحاد الأوروبي، ستقلل كل من فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا الحبوب نتيجة للجفاف.
وحذر الاتحاد الأوروبي من أن حبوب فول الصويا وعباد الشمس والذرة كانت بالفعل أقل بنسبة 9 % من المتوسط.
وفى هولندا، أعلنت الحكومة، أن البلاد تعانى رسميًا من نقص في المياه بسبب الجفاف المستمر، وسيتم توزيع المياه الشحيحة وفقًا للاتفاقيات القانونية بحيث يتم إمداد السدود والأراضى الرطبة والمناطق الطبيعية شديدة الهشاشة بالمياه لأطول فترة ممكنة، وقد يتبع ذلك المزيد من التدابير في الأسابيع المقبلة.
ونشرت الحكومة في بيان صحفى، أن نقص المياه يؤثر بشكل رئيسي على الزراعة والشحن، لذلك شكلت فريق إدارة نقص المياه الذى سيحدد توزيع المياه، وهذا يشمل وزارات الزراعة والطبيعة وجودة الغذاء والشؤون الاقتصادية والمناخ والبنية التحتية وإدارة المياه.
كما أعلنت السلطات عن خطة جذرية لخفض انبعاثات الأمونيا وأكاسيد النيتروجين وأكسيد النيتروز، مشيرة إلى ضرورة قيام المزارعين بتقليص حجم ماشيتهم في خطة للحد من الزراعة المكثفة، مع تخفيض بنسبة 30 إلى 50٪ في أعداد الماشية في جميع أنحاء هولندا، في محاولة لتحقيق الأهداف البيئية بحلول عام 2030.
وتعد هولندا ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في العالم ، وفي أجزاء من البلاد منع المزارعون من ري المحاصيل بالمياه السطحية.