تعانى أوروبا من موجة جفاف هى الأشد من سنوات، ما نجم عنه عدة حرائق ضخمة، التهمت مساحات ضخمة من الأراضى، وفى وسط كل هذه النيران، تكافح الدول الأوروبية للحد من الخسائر وإيقاف زحف النيران على الأراضى، فيما اعتمدت فرنسا آلية لتقليل هدر المياه، وتحاول إسبانيا وقف الحرائق بطريقة مختلفة.
النيران تلتهم الغابات
أوروبا تعانى من خطر الجفاف وحرائق الغابات
فى جميع أنحاء أوروبا، دمرت ألسنة اللهب منطقة تعادل خُمس بلجيكا، حيث دفعت موجات الحر الشديدة المتتالية والجفاف التاريخى القارة نحو ما يقول الخبراء أنه من المرجح أن يكون عامًا قياسيًا فى تدمير حرائق الغابات.
وفقًا لبيانات من نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية (Effis)، حُرق 659541 هكتارًا (1.6 مليون فدان) من الأراضى فى جميع أنحاء القارة بين يناير ومنتصف أغسطس، وهو أكبر عدد فى هذا الوقت من العام منذ بدء التسجيل فى عام 2006، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
وهذا الرقم أعلى بنسبة 56% من الرقم القياسى السابق فى عام 2017، حيث حرق 420913 هكتارًا خلال نفس الفترة، وتم استهلاك 988087 هكتارًا بحلول نهاية العام، وفقًا للاتجاهات الحالية، وقد تُفقد حرائق الغابات أكثر من مليون هكتار هذا العام.
تُظهر بيانات Effis أن إجمالى مساحة الأرض المحروقة فى جميع أنحاء أوروبا حتى الآن هذا العام هو ضعف متوسط 2006-2021، فى حين أن العدد التراكمى للحرائق يزيد عن أربعة أضعاف المتوسط خلال نفس الفترة.
ومن جهته، قال منسق إيفيس، خيسوس سان ميجيل، "لقد أثر الوضع من حيث الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية على أوروبا بأكملها هذا العام والوضع العام فى المنطقة مقلق، بينما ما زلنا فى منتصف موسم الحرائق".
الحرائق
إسبانيا تلجأ لطريقة مبتكرة لمواجهة خطر الحرائق
وفى سبيل مواجهة هذا الخطر، لجأت إسبانيا إلى الاستعانة بـ"جيش من الماعز والأغنام"، وبالفعل أطلقت السلطات فى برشلونة، قطيعا مكونا من 290 من الماعز والأغنام، لتحقيق مهمة واحدة، وهى أكل أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتى فى منطقة معينة، وفقا لما نقلته شبكة "سكاى نيوز" عربية.
الخطوة التى اتخذتها السلطات الإسبانية ليست جديدة، فهى استراتيجية قديمة، تقوم على تسليم المناطق المعرضة لخطر حرائق الغابات إلى حيوانات الرعى، التى تقضم وتدوس على النباتات الجافة، التى بدورها يمكن أن تتراكم كوقود للحرائق.
وسواء كانت الحيوانات شبه برية أو يشرف عليها راع تتم مكافأته ماديا، فإن الرعى الجيد عادة ما يترك وراءه منظرا طبيعيا مليئا بالمساحات المفتوحة، التى يمكن أن توقف انتشار حرائق.
ومن جهته، قال جيليم كاناليتا، أحد المسئولين فى مؤسسة "باو كوستا"، وهى مؤسسة كاتالونية غير ربحية تنفذ الاستراتيجية منذ عام 2016 فى مقاطعة جيرونا بالقرب من برشلونة: "نحن لا نبتكر أى شيء جديد هنا، ما نقوم به هو استعادة شيء كان موجودا بالفعل لكنه اختفى".
وتم إطلاق المشروع التجريبى فى أبريل فى حديقة كولسيرولا، وهى مساحة خضراء تبلغ مساحتها 20 ألف فدان، تشهد 50 حريقا فى المتوسط سنويا، وهناك جهودا مماثلة فى جميع أنحاء العالم، ففى كاليفورنيا، حيث التهمت حرائق الغابات أكثر من 850 ألف هكتار العام الماضى، تعاقدت عشرات الشركات مع الماعز للرعى المستهدف.
كما يحقق الرعى فوائد أخرى، إذ تحمل الحيوانات البذور وتخصب النباتات أثناء تحركها عبر التضاريس، كما أن عادات التغذية العشوائية نسبيا تغذى التنوع البيولوجى، عن طريق الحد من الميزة التنافسية لبعض النباتات.
الرعى الرعى
الجفاف يحصد أرواح الأبقار فى مزارع إيطاليا
وفى دواعى جديدة إثر الجفاف الذى يضرب القارة العجوز، قالت قناة "الصول 24 الإيطالية، أن منطقة كونيو فى بيدمونت الإيطالية، شهدت نفوق 50 بقرة فى نفس الوقت بسبب ظهور ما يسمى بقلويدات الذرة الرفيعة والتى ظهرت بسبب الجفاف الذى تعانى منه البلاد منذ بداية موسم الصيف.
وقال صاحب المزرعة، جياكومينو أوليفيرو، 58 عامًا، إن الأبقار سقطت مثل كرات البولينج، واحدة تلو الأخرى، وأشارت القناة على موقعها الإلكترونى، إلى أنه وفقا الفرضيات الأولى للطبيب البيطرى الذى قام بفحصهم، قالت إن "موت هذه الأبقار كانت نتيجة قلويدات الذرة الرفيعة، وهى مادة سامة وربما تكون قد نشأت نتيجة لحالة الطوارئ الحالية للجفاف، وسيتم التحقيق فى سبب نفوق هذه الحيوانات".
وأشارت القناة إلى أن صاحب هذه الأبقار تعرض لخسائر قدرها 150 ألف يورو، ويعرف المزارعون أن الذرة الرفيعة والذرة يمكن أن تنتج السموم عند التعرض للإجهاد المائى: أولئك الذين يربون أبقار الألبان يعرفون ذلك جيدًا. لكن لم يتوقع أحد مثل هذه النتيجة الخطيرة ،حسبما قال خبراء.
أبقار إيطالية
نشطاء بيئة فرنسيون يعبرون عن غضبهم بسبب إجراءات مواجهة الجفاف
وفى الوقت الذى تعانى فيه قرابة 100 قرية فرنسية من نقص فى مياه الشرب، هناك مساحة خضراء واحدة مستثناة من حظر المياه الوطنى، وهى ملاعب الجولف، لكن نشطاء المناخ فى فرنسا حرصوا على أن يشعر لاعبى الجولف بالألم، حيث قاموا بملء ثقوب الجولف فى مدينة تولوز، بالإسمنت، وفقا لصحيفة ديلى ميل البريطانية.
استهدف نشطاء المناخ ملاعب الجولف الشاسعة فى مدينتى Vieille-Toulouse وBlagnac، وتأتى هذه الأخبار وسط تحذيرات من أن ما يقرب من نصف أراضى الاتحاد الأوروبى تخضع حاليًا لتحذير من الجفاف أو أسوأ بسبب مزيج من موجات الحر والنقص المستمر فى هطول الأمطار.
ووصفت مجموعة الناشطين، لعبة الجولف بأنها "صناعة الترفيه الأكثر امتيازًا"، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، مضيفة أن "الجنون الاقتصادى له الأسبقية على السبب البيئى"، وهذا فيما يخضع تنفيذ الحظر فى فرنسا لتقدير المسئولين الإقليميين.
وفى ظل قيود المياه، لا يستطيع الفرنسيون سقى حدائقهم أو غسل سياراتهم فى بعض المناطق، وحظرت Ille-et-Villaine فى غرب فرنسا سقى ملاعب الجولف، متعارضة مع الإعفاء، بدوره، قال جيرار روجير، من اتحاد الجولف الفرنسي، لموقع "فرانس إنفو" الإخبارى: "إن ملعب الجولف بدون خضرة يشبه حلبة للتزلج على الجليد بدون جليد".
وأعلنت فرنسا حالة الأزمة بعد انخفاض هطول الأمطار بنسبة 85%، وشهدت البلاد ثالث ربيع أكثر جفافاً على الإطلاق هذا العام بعد 2011 و1976، وفقًا لخدمة الأرصاد الجوية الوطنية، يأتى هذا فيما يمكن لملاعب الجولف أن تستهلك ما يصل إلى 173 مليون لتر من المياه يوميًا خلال أشهر الصيف، وفقًا للأرقام الأمريكية الصادرة عن جمعية مدراء ملاعب الجولف الأمريكية.
غلق فتحات ملاعب الجولف بالاسمنت
شرطة بريطانيا توجه تهم لرجلين تسببا فى حريق بذروة الجفاف
وفى سياق متصل، ألقت شرطة المملكة المتحدة، القبض على رجلين، بعد إلقاء شواية متنقلة تستخدم لمرة واحدة فى غابة فى نورفولك، ما تسبب فى نشوب حريق، وذلك بعدما تم استدعاء خدمات الطوارئ للسيطرة على حريق صغير فى Bawsey Country Park، بالقرب من King's Lynn، وفقا لصحيفة "ديلى ميل" البريطانية.
وقالت شرطة نورفولك، إن الرجلين، وكلاهما يبلغ من العمر 44 عاما، من بوسطن فى لينكولنشاير، ألقى القبض عليهما للاشتباه فى قيامهما بإشعال الحرائق وإلحاق أضرار جنائية، وتم نقلهما للاستجواب.
يأتى الحادث فى الوقت الذى قامت فيه محلات السوبر ماركت بإيقاف بيع الشوايات التى يمكن التخلص منها مؤقتًا وسط مخاطر اندلاع حرائق الغابات من موجة الحر، وأدان رؤساء الإطفاء والنشطاء البيئيون، الرجلان، لتسببهم فى الحرائق فى وقت تواجه فيه البلاد أطول فترة جفاف منذ عام 1976، وتأتى الاعتقالات فى الوقت الذى كان رجال الإطفاء فى جميع أنحاء إنجلترا يتعاملون مع الحرائق خلال واحدة من أكثر عطلات نهاية الأسبوع حرارو فى العام حتى الآن.
ووصلت درجات الحرارة فى المملكة المتحدة إلى 34.9 درجة مئوية، وفقًا لإحصاءات مكتب الأرصاد الجوية، واندلعت حرائق الغابات فى جميع أنحاء المملكة المتحدة بعد عدة أيام من درجات الحرارة الحارقة التى تركت الأرض جافة.
شواية للاستخدام مرة واحدة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة