أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

دبلوماسية "المدن".. من العلمين الجديدة إلى شرم الشيخ

الأحد، 28 أغسطس 2022 12:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لم يكن اختيار مدينة شرم الشيخ لاستضافة العديد من الأحداث الدولية، بالأمر المستغرب، حيث كانت واجهة دائمة للعديد من الملتقيات الدولية التي استضافتها مصر في العقود الأخيرة لما تحظى به من مكانة كبيرة فيما يتعلق بموقعها المتميز على ساحل البحر الأحمر، جذب إليها ملايين السائحين وطقس معتدل في معظم أوقات العام، يجعلها أحد أهم وجهات سياحة المؤتمرات في العالم، لتتحول "مدينة السلام" إلى بوتقة تنصهر فيها الدبلوماسية بالاقتصاد في ظل الأهمية الكبيرة التي تحظى بها في العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع السياحة.
 
إلا أن الحديث عن استضافة قمة المناخ، والمقرر انطلاقها في نوفمبر المقبل، من شأنه إضافة المزيد من الزخم للمدينة الساحلية، حيث يضيف لها بعدا جديدا، عبر تحويلها إلى "أيقونة" عالمية فيما يتعلق بحماية المناخ، في ظل ما تشهده من سياسات "صديقة للبيئة"، تتناغم مع الهدف من وراء القمة، ناهيك عن كونها أحد أهم مدن العالم التي تحظى بجمالها، أو بالأحرى طبيعتها الاستثنائية، في ضوء كونها ملتقي للعديد من الظواهر الطبيعية الخلابة، وعلى رأسها الشعاب المرجانية بكافة أنواعها، بالاضافة الى أنها مركزا لعدد من المحميات الطبيعية، والتي تستقطب ملايين السائحين هنا أو هناك، سواء من محبي السياحة الترفيهية أو الثقافية، وكذلك جذب العلماء المهتمين بقضايا البيئة، ليصبح نداء مصر للعالم لحماية الطبيعة من "شبح" التغيرات المناخية مرتبطا بمنصة ملهمة من الناحية الجمالية والطبيعية وكذلك العلمية والعملية.
 
ولعل فكرة المنتجعات التي ارتبطت بقضايا بعينها في السياسة الدولية، أحد أهم العلامات التي تميز القوى الكبرى حول العالم، بل ومرتبطا بصعودها على المستوى العالمي، وهو ما يبدو مع ترسيخ واشنطن لقمم "كامب ديفيد" والتي انطلقت مع مفاوضات السلام في أواخر السبعينات من القرن الماضي، تزامنا مع بداية الأفول السوفيتي، والانطلاق الأمريكي نحو الهيمنة الأحادية على المجتمع الدولي، ومع عودة روسيا للصدارة، كرست منتجع سوتشي لتدشين تحالفاتها، وإدارة الملفات التي تحظى بأولوية كبيرة على أجندتها، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن القوى المؤثرة باتت تربط اهتماماتها بمواقع ربما تحمل جوانب رمزية، بينما في الوقت نفسه تمثل فرصة للترويج لمناطقها الاستثنائية فيما يمكننا تسميته بدبلوماسية المنتجعات، والتي ظهرت بجلاء خلال استضافة بريطانيا لقمة الناتو التي عقدت بها في عام 2019، بمنتجع "سيلتيك مانور" في مشهد غلبت عليه الدبلوماسية في ظل التقارب الكبير بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والإدارة الامريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب والمعروف بولعه برياضة الجولف.
 
ولعل الطفرة الكبيرة في المشروعات التي تشهدها مصر في الآونة الأخيرة، باتت تمثل فرصة أكبر للدولة المصرية، للتنوع في استخدام منصاتها، لتقديم رسائلها للعالم، وهو ما بدا مرخرا في مدينة العلمين الجديدة، والتي استضافت مباحثات هامة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقادة دول الأردن والعراق والامارات والبحرين، تزامنا مع منتدى "لوجوس" للشباب والذى أقيم برعاية الكنيسة القبطية وبحضور رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بالاضافة الى مهرجان للهجن وعدد من المعارض التراثية، لتتحول المدينة إلى منصة للقاء أدوات الدبلوماسية التقليدية والناعمة، بالإضافة إلى الترويج إلى صورة مصر  الجديدة حول العالم بعيدا عن حملات التشويه المتعمدة التي تهدف إلى تقويض كافة الجهود المبذولة والتقليل منها، وهو ما يعكس أبعادا جديدة للاهمية الكبيرة التي تحظى بها المشروعات التي أطلقتها "الجمهورية الجديدة"، لتتجاوز البعد الاقتصادى التقليدى، لتصبح أحد أدواتها الدبلوماسية.
 
اختيار شرم الشيخ لاستضافة قمة المناخ المقبلة، يعكس تطبيقا عمليا للمبادىء التي تنادى بها مصر، ليس فقط لمكانة المدينة الطبيعية، على النحو السابق ذكره، وإنما أيضا في ظل الاهتمام المنقطع النظير من قبل الدولة المصرية بقضايا البيئة، في ضوء تطلعها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ليس في الداخل فقط، وإنما عبر العديد من المسارات الدولية، منها تعميم تجربتها في محيطها الاقليمي، خاصة على المستوى القارى، بالإضافة إلى قيامها بدور الوسيط بين دول العالم النامي والمتقدم، فيما بتعلق بحق المعسكر الأول في التنمية واقناع المعسكر الثاني بتقديم الدعم المناسب لهم لتحقيق هذا الهدف جنبا إلى جنب مع العمل على اقناع دول العالم بضرورة التدخل لإنهاء حالة "الصراع مع الطبيعة" وحفض الانبعاثات الكربونية.
 
وهنا يمكننا القول بأن انعقاد قمة المناخ في شرم الشيخ يمثل في جزء منه جانبا مهما من "دبلوماسية المدن"، والتي تمثل وجها جديدا لسياسة "المنتجعات" التي تبنتها القوى الدولية الكبرى، بالاضافة إلى كونها صورة جديدة لأدوات الدولة المصرية في علاقتها مع العالم الخارجي، ليس فقط بسبب الاستضافة المجردة للحدث، خاصة وان المدينة استضافت العديد من الاحداث الدولية الهامة على مر السنوات الماضية، وإنما أيضا بفضل الصورة التي تقدمها هذه المرة، باعتبارها "أيقونة" المناخ في العالم، في ظل ما تمثله من جمال الطبيعة وارتباطه الوثيق بالقضية التي تناقشها القمة









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة