ماتت الملكة إليزابيث الثانية، لكن لم تنته الحكايات عنها بعد، فبعد رحلة طويلة من الشد والجذب بين الهند وبريطانيا امتدت منذ نحو 172 عامًا كان ذروتها منذ نحو 70 عاما، عندما تقلدت إليزابيث تاج الملكة وظهور الماسة "كوه نور" تزين صدارة التاج الملكى، تجددت مؤخرا عندما تولى الملك تشارلز الثالث حكم المملكة المتحدة خلفا لوالدته الراحلة، لتصبح هذه الماسة إحدى أشهر قطع الماس فى التاريخ الحديث.
وتعود قصة الماسة "كوه نور" التى تنازلت عنها الهند مؤخرا إلى بريطانيا، لتسدل الستار على هذه القضية التى امتدت لسنوات، أو كما يطلق عليها فى روايات أخرى "كوهنور" أو "كوهى نور" أو "جبل النور"، إلى عام 1850 حيث كان كانت واحدة من بين كنوز أخرى من خزانة لاهور فى بريطانيا العظمى ضمن الهدايا المخصصة للملكة فيكتوريا، حينها علمت الملكة أن السمعة السيئة راسخة فى الأحجار الكريمة جلبت سوء الحظ لجميع أصحابها، حيث كانت الأسطورة القديمة تقول إن "الشخص الذى يمتلك هذا الماس سيكون سيد العالم كله، ولكنه يعرف أيضًا كل مشاكله".
الهند ذكرت فى بعض النصوص السنسكريتية القديمة قبل 4 آلاف إلى 5 آلاف عام، وكانت تسمى "سامانتيكا مانى"، أى ملكة الألماس، وكانت بحوزه الإله الهندوسى كريشنا، وفقا للأساطير، وبعض النصوص الهندوسية القديمة تقول عن الماسة: "من يملك هذه الألماسة يملك العالم، ولكنه يلقى كل ما فى العالم من المصائب والإله فقط، أو امرأة فحسب.. من يمكنهما ارتداء الألماسة من دون عقاب".
فى عام 1739، أصبحت الماسة "كوه نور" فى حيازة الملك الفارسى نادر شاه، وهو الذى سماها بهذا الاسم والذى يعنى "جبل النور" فى الفارسية، وفى عام 1747 اغتيل الملك نادر شاه وتفككت إمبراطوريته، وبعد وفاته استولى أحد جنرالاته على الماسة، ويدعى الجنرال أحمد شاه دورانى، الذى منح الألماسة إلى الملك السيخى رانجيت سينج، ملك البنجاب وزعيم إمبراطورية السيخ التى حكمت شمال غرب شبه القارة الهندية فى النصف الأول من القرن التاسع عشر.
بعد ذلك ورثها المهراجا دوليب سينج الذى كان عمره 5 سنوات فقط، وهو آخر حكام إمبراطورية البنجاب والسيخ.
وتمر الأعوام تلو الأخرى، وعندما وصلت للعام 1849، غزت القوات البريطانية البنجاب وأبرمت معاهدة تنص فى أحد بنودها على تسليم الماسة "كوه نور" إلى ملكة إنجلترا، حيث رتب اللورد دالهوزى فى عام 1851 مراسم تقديم الماسة إلى الملكة فيكتوريا، وكان تقديم الماسة الكبيرة فى احتفالية فى هايد بارك بالعاصمة لندن، ومن وقتها لم تخرج الماسة من بريطانيا.
بعد رحيل الملكة فيكتوريا، انتقلت ملكية الماسة إلى الملكة الكسندرا عام 1902، ثم إلى الملكة مارى فى عام 1911، ثم الملكة إليزابيث باوز ليون فى عام 1937، وأصبحت الماسة جزءا من التاج البريطانى الخاص بالملكة إليزابيث الثانية أثناء مراسم تتويجها فى عام 1953.
ومنذ ذلك الوقت، اتخذت الماسة "كوه نور" طريقها عبر كثير من الأسر المالكة ومختلف الخزائن قبل أن يستقر بها المقام أخيرا فى أيدى البريطانيين خلال الحقبة الاستعمارية، وأصبحت الماسة محل خلاف تاريخى حول ملكيتها من قبل ما لا يقل عن 4 دول من بينها الهند، حتى تنازلت الهند عن المطالبة بها فى أبريل من عام 2016.
أما موقع مجلة "فوربس" قذكر أنه يمكن أن نتتبع تاريخ الماس الذى يزن 186 قيراطًا منذ عام 1300، حيث كان الحجر الماسي" كوه نور" ديكور لعمامة "راجا" من سلالة ولاية مالوا فى شمال الهند، ثم انتقل لاحقًا إلى أحفاد الملك "تامرلين"، عندما انتشرت قوة المغول العظمى فى جميع أنحاء الهند، فى القرن السابع عشر، أصبح الحجر زينة "عرش الطاووس" الأسطورى الذهبى الحاكم شاه جهان المشهور ببناء تاج محل.
ولكن سرعان ما دفع أحد أبنائه إلى الجنون بسبب تألق الحجر، فقد قام بانقلاب وقتل إخوته، وسجن والده لأنه يعتقد أن "كوه نور" يجب أن يجلب قوة كبيرة لصاحبه، بالفعل فى القرن الثامن عشر، استولى الشاه الفارسى على "جبل النور" بالخداع، ولكن ليس من الصعب التكهن بأن الماس لم يجلب له السعادة.
بعد ذلك، انتقل الحجر الملعون من مالك إلى مالك، يتجول فى الشرق وجلب المعاناة والموت الكثير ممن حملوه، آخر مالك فى الهند كان البنجاب مهراجا رانجيت سينج، عرف الحاكم الحكيم بما يفعله الحجر الملعون "كوهينور" المرعب وقرر التخلص منه بأى شكل من الأشكال، لكنه لم ينجح فى فعل أى شيء، لأنه مات فجأة بسبب مرض خطير.
وأضاف فوربس، علاوة على ذلك، فى ولاية السيخ الموحدة التى كانت مزدهرة فى السابق، بدأت فترة من الفوضى الدموية، خلف الحاكم الحكيم، وبعد الانهيار النهائى للإمبراطورية، مر " كوه نور" للتو إلى البريطانيين فى عام 1852، تقرر قطع الحجر الأصفر بطريقة أكثر حداثة، وعرف على أنه ماسة نقية تزن 105.6 قيراط، وفى عام 1902 بدأ بالفعل فى إدخاله تيجان الملكات على العرش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة