"أنا شابة في الثامنة والثلاثين من العمر، تخرجت في كلية التربية، مشكلتي أني بعاني من فقدان الثقة في نفسي من طفولتي، كانوا يقولون علي "سودة" لأني الوحيدة في إخوتي ذات بشرة سمراء. ورغم أني كنت أكثرهم تفوقًا في الدراسة لكني لم أسلم من السخرية والانتقاد.
كنت شخصية كذابة طول فترة الدراسة لأرضي أصدقائي لأني كنت أخاف أن أفقدهم، وحين ذهبت للجامعة لم يكن لدي أي تجارب عاطفية لأني مزروع داخلي إيمان أني دميمة وأني إذا ارتبطت بشخص فسيتركني.
للأسف تعرفت على الكثيرين وكلهم بذلوا مجهودا للفت نظري وبعد ما نتكلم ويعترف بحبه يتركني بعد شهر، تكررت هذه التجربة المريرة أكثر من مرة وتركت ليه عشرات الأسئلة والكثير من الحيرة. فقدت الثقة تمامًا في كل شيء. حتى أني عملت في مجال لا علاقة له بدراستي لأكون بعيدة عن الناس.
إحساس الفشل يلازمني وأصبحت مكتئبة ولا أنام بسهولة، والعمل بالنسبة لي مجرد وقت أقضيه ومصدر دخل، أما ما يسعدني فعلاً هو حين أجمع من وقت لآخر بعض الطلبة وأدرس لهم بدون مقابل. هل يمكن أن يتغير حالي وأشعر يومًا بالثقة في نفسي؟".
****
القارئة العزيزة، أهم ما يقدمه الأهل لنا هو الحب غير المشروط والقبول والدعم دائمًا، وهو ما يمنحنا الجرعة الصحية من الثقة والحب التي تساعدنا على رؤية الجمال في نفسنا وحب أنفسنا. للأسف افتقدتِ ذلك، وبدلاً من الحصول على الحب غير المشروط والقبول كنتِ تتلقين الانتقادات والتنمر.
الخطأ الذي وقعت فيه أسرتك للأسف خطأ متكرر يرتكبه الكثيرون، ويعكس عدم وعي بأن معايير الجمال متنوعة وشاملة ولا تنحصر في شكل ولا لون محدد. ما تعرضتِ له من الأسرة يعرف بالإيحاء الخارجي، وهو ما أرسل لعقلك رسالة مفادها إنك لا تستحقين الحب لأنك لستِ جميلة بما يكفي، وبالتالي حين بذل البعض جهودًا في التقرب منك لم تكوني واثقة في داخلك أنك تستحقين الحب، كنتِ تتوقعين أن ينسحبوا ويتراجعوا عن الارتباط بك، فيما يعرف بالإيحاء الذاتي، وبشكل ما أوصلتك أفكارك للنتيجة نفسها التي توقعتيها. ماحدث في الماضي كان مسؤولية أسرتك، ولكن ما يحدث الآن ينبغي أن يكون مسؤوليتك أنت. من الرائع أنك تحددين موضع الألم بدقة، وهذا اختصر نصف المسافة نحو العلاج.
وتقول الدكتورة سمر كشك أخصائية الصحة النفسية والاستشاري الأسري، إن التعرض للخيبات العاطفية أمر يحدث مع الجميع، فمن الوارد جدًا ألا تكتمل العلاقات العاطفية. ولكن من المهم جدًا ألا تسمحي للآخرين أن يحددوا لكِ صورتك عن نفسك ويتحكموا بمعدل ثقتك بنفسك. كل إنسان منا داخله شيء يميزه ويكون بارع فيه، وأنتِ عرفتِ بالفعل ما أنتِ بارعة فيه وما تحبينه، وهو أن تعلمي الأطفال بدون مقابل.
من المهم لتستعيدي ثقتك بنفسك أن تستشعري قيمتك ومميزاتك، قد يفيدك أن تجلسي مع نفسك وبمنتهى الموضوعية تحددي في ورقة الأمور التي تتميزي فيها والتي أنتِ بارعة فيها. من المفيد كذلك أن تسجلي في نهاية كل يوم 3 أسباب لشعورك بالامتنان تجاه نفسك خلال اليوم، أيًا كان هذا السبب، فقد يكون بسيطًا لدرجة الوصول إلى العمل في موعدك دون تأخير لأن هذا يعكس أنك شخصية منضبطة تحترم المواعيد، قد يكون سبب امتنانك لنفسك هو أنك تمكنتِ من الخروج من موقف مزعج أو هزمتِ خوفك تجاه أي شيء.
من المهم أيضًا أن تمارسي عملاً تحبيه قدر الإمكان. من المهم أيضًا أن تؤمني من داخلك أنك جميلة وأكيد ربنا خلقك لتتركي بصمة في الحياة فالله لم يخلق أي شيء عبثًا.
قبل انتظار الحب يجب أن تمنحيه لنفسك، وثقي من داخلك أنك تستحقين الحب وأنك سترزقي بمن يعوضك عن الماضي وسيعرف جيدًا مميزاتك وقيمتك، لكن من المهم أن تعرفيها اولاً وتفرضي على الجميع شعورك بالثقة وأنك جميلة ومميزة.
صفحة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة