شاهدت فيلم «شابيلا» الوثائقى الذى أنتجته وعرضته قناة القاهرة الإخبارية، عن حياة ومعاناة الأشقاء فى الصومال، من الجفاف والإرهاب، ونزوحهم إلى عشش صفيح ومعسكرات هى نفسها تمثل نوعا من المعاناة المضاعفة، الفيلم سيناريو وإخراج الإعلامى المتميز الدكتور محمد سعيد محفوظ، وإنتاج القاهرة الإخبارية والشركة المتحدة للإنتاج الإعلامى، وهى خطوة شجاعة تضاف لرصيد القناة وفريقها برئاسة الصديق الإعلامى أحمد الطاهرى، الذى تشجع ودعم إنتاج مثل هذا المحتوى المهم.
والوثائقى يرصد انعكاسات الجفاف وغياب الأمطار لمدة 5 مواسم متتالية - نتيجة للتغيرات المناخية - على حياة مئات الآلاف من الصوماليين، الذين نزح عدد كبير منهم تجاه العاصمة، وعاش فى مخيمات على حدود مقديشو، بجانب معاناة أخرى ترتبط بملف الإرهاب، الذى يمارسه المتطرفون على مدار سنوات إنسانية بتدخلات متعددة من أطراف خارجية وإقليمية، لدرجة أن السلاح يتوافر فى أيدى الإرهابيين أكثر من توافر الغذاء أمام الشعب.
وبالطبع فإن اختيار الصومال فى حد ذاته يعكس جزءا مهما من الاختيار المهنى، وحسب ما أعلنه أحمد الطاهرى، رئيس قطاع أخبار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فإن القطاع يهتم - بشكل كبير - بصناعة الأفلام الوثائقية لرصد وتوثيق كل الأحداث والفعاليات الكبرى التى تعيشها دول الإقليم، خاصة بعد التحديات التى أصبحت تواجه عالمنا، ومنها التغيرات المناخية وتأثيرها على دول القارة الأفريقية، وكيف أسهم الإرهاب فى تراجع معدلات التنمية فى هذه الدول، ولأن الصومال يتمتع باستراتيجية واضحة ومهمة للعالم العربى، ومصر بشكل مباشر، لما يعانيه من مشاكل كبرى.
وبالطبع فإن اختيار الصومال وأفريقيا، يمثل إحدى العلامات المهمة لتوجه مصر نحو أفريقيا، وهى إحدى أهم دوائر مصر، الاستراتيجية، وهناك الكثير مما يمكن تقديمه عن المجتمع الأفريقى، فالمشاهد المصرى والعربى والأفريقى بحاجة للتعرف على ما يدور فى محيطه وإقليمه، وهو ما يضاعف من أهمية الجهد الذى تبذله الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لدعم وتوسيع القوى الناعمة والتبادل الثقافى.
التوثيق المرئى والمسموع لأحداث وتواريخ وتفاصيل، توجه مهم ومطلوب، خاصة فى ظل وجود وثائقيات موجهة، أو مواد تعرض على مواقع التواصل والمنصات تنقصها الدقة، وبعضها يتعمد إخفاء الأحداث، أو التلاعب بالتواريخ، لدرجة أن بعض الأحداث التاريخية تتعرض للظلم فيما يتعلق بالتوثيق والتفاصيل المهمة، وبعض هذه الأعمال تحتل مكانها وتمثل مصادر للبعض فى التاريخ، وأمام ضعف المحتوى العربى، فإن هذه الوثائقيات تصبح من أهم المصادر الأساسية للمعرفة وتشكيل وعى أجيال مختلفة، وإذا كانت الأحداث المعاصرة - سياسية كانت أو اجتماعية - تخضع للتزييف والتلاعب، فما بالنا بأحداث وقعت منذ أكثر من أربعين عاما وتتعلق بأطراف أخرى؟! فهناك بالفعل عدة أعمال وثائقية تحدثت عن حروب مصر ومنها حرب أكتوبر، وأغلبها افتقد للدقة، لكن سيكون المتلقى مضطرا للاعتماد عليها طالما لا توجد مصادر مصرية أو عربية لهذه الأحداث.
فيلم «شابيلا» يمثل خطوة مهمة فى هذا السياق، خاصة أن هناك مشروعا للشركة المتحدة فى هذا الاتجاه، سواء بالجهد المميز لقناة القاهرة الإخبارية بتوجهها الإقليمى، الذى يضع دوائر مصر ضمن توجهاته المهنية، أفريقيّا وعربيّا، حيث تمثل مصر جسرا بين قارتنا الأفريقية ودوائرنا الدولية المهمة، عربيا ومتوسطيا، بجانب التجسير مع العالم، وهو دور تدركه «المتحدة»، وتترجمه «القاهرة الإخبارية» بكفاءة.
«شابيلا» جهد محترم من مخرجه وكاتبه الدكتور محمد سعيد محفوظ، ومن «القاهرة الإخبارية»، ويمثل بداية جيدة لمزيد من الوثائقيات التى تقدم وتترجم هذا الجسر، فى وقت تمثل عملية التوثيق أهمية للأحداث القريبة والبعيدة نسبيا، حتى تتيح محتوى يعالج النقص فى هذه الجهة، وأيضا يوفر معارف موثقة لأجيال أصبحت تعتمد على الرؤية والسماع أكثر من بقية الوسائل الأخرى، وأيضا ضمن شيوع وانتشار منصات رقمية تكثف من إنتاجها بهذا الاتجاه، ومواقع ومنصات تتسابق فى نشر السطحية والمعلومات الخاطئة.
ونحن فى انتظار مزيد من الوثائقيات، مثل «شابيلا»، وغيره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة