لا شك أن الحضارة المصرية القديمة محط جذب أنظار العالم فهى قادرة على سحر أعين البشر بجمالها ودقة تنفيذها بأيدى المصريين القدماء، فما من اكتشاف جديد أو نشر أي شيء يتعلق بتلك الحضارة القديمة، إلا ويحدث ضحة كبيرة حول العالم، وتنهال التعليقات وردود الأفعال التي لم تتوقف لحظة، فؤخرًا علق الملياردير الشهير "إيلون ماسك" مالك شركة تويتر ومؤسس شركتي سبيس إكس وتسلا، على الحضارة المصرية القديمة وإعجابه بها، في تغريدة على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، حيث أبدى إعجابه بمقطع فيديو لمعبد دندرة بمدينة قنا، وهو ما أشعل مواقع التواصل في مصر والعالم حيث أصبح الأمر ضمن المواضيع الأكثر تداولا في بين نشطاء مواقع التواصل، إذ لاقى تعليق مالك تويتر رواجًا واسعًا، ونال إعجاب آلاف الأشخاص، واعتبره المصريون احتفاء وإعجابًا بحضارة مصر القديمة.
دندرة
يعود تاريخ دندرة إلى عصر ما قبل الأسرات في مصر القديمة ويدل على ذلك المقابر القديمة القريبة من حائط معبد حاتحور، حيث كانت دندرة عاصمة الإقليم السادس من أقاليم مصر العليا وعبد فيها الثالوث "حاتحور، وحور بحدتي، وحور إحي".
وقد ذكر مدينة دندرة في الأساطير المصرية القديمة على اعتبار أنها كانت مسرحًا لإحدى المعارك التي دارت بين حور إله إدفو زوج حاتحور إلهة دندرة وبين ست إله الشر الذي قتل أوزير والد حور.
وترجع الأصول الأولى للمعبد لعهد الأسرة الرابعة حيث شيد الملك خوفو معبدًا في هذا المكان جرى ترميمه وأحداث بعض الإضافات فيه في عهد الملك بيبي الأول من الأسرة السادسة.
وإلى الجنوب من المعبد عثر على جبانة تضم مقابر في الصخر بعضها لحكام المقاطعة الذين كانوا مرتبطين بخدمة الإلهة حاتحور وقد حمل البعض منهم ألقابا هامة، واستمر الاهتمام بدندرة في الدولة الوسطى وازداد في عهد الدولة الحديثة حيث ساهم في صيانة المعبد كل من تحتمس الثالث، وتحتمس الرابع، ورعمسيس الثاني، ورعمسيس الثالث.
أما المعبد الحالي فيرجع للعصرين اليوناني والروماني ابتداء من عهد بطلميوس التاسع "سوتير الثاني" الذي حكم في عام 116 ق.م وانتهى في عهد الامبراطور الروماني تراجان في عام 117م، وتضم المنطقة إلى جانب المعبد الرئيسى السور ومعبد الولادة الالهية الذي بدأ تشييده في عهد الملك "نخت نبف" الأول من الأسرة 30 وكذلك معبد الولادة الإلهية الثاني الذي شيد في عهد أغسطس ومنشأة تحولت إلى كنيسة ومصحة للاستشفاء، ثم هناك معبد الإلهة إيزيس والبحيرة المقدسة ومقياس النيل، ويعتبر معبد دندرة آية في العمارة ومثالاً فريدا في الفنون وكتابا شاملاً للفكر الديني المصري في هذه الفترة بالإضافة إلى أنه من أحسن المعابد المصرية حفظًا، وحسب بحث نشر على صفحة "مصرالقديمة.. كيمت .. الأرض السوداء".
دندرة
جدران معبد دندرة
تحوي جدران المعبد الخارجية والداخلية مئات المناظر والنصوص الهامة التي تلقي الضوء على المعتقدات الدينية، كما يتميز المعبد كمنشأة كثير وكذلك بالنسبة للمناظر والنصوص، فعلى سبيل المثال هناك التيجان الحتحورية الرائعة ومناظر الأبراج السماوية التي تزين سقوفه وأسطورة اتحاد حتحور مع قرص الشمس ومقصورة الإلهة نوت إلهة السماء والتي لم تمثل في أي أثر في مصر كما مثلت في هذا المعبد.
سلالم معبد دندرة
كما نجد في معبد دندرة القبو "الممرات المنقورة تحت مستوى أرضية المعبد" الذي كان مخصصاً لحفظ أدوات الطقوس الخاصة بالإلهة حاتحور ثم الدرج المؤدي إلى سطح المعبد والذي يشيع الرهبة في نفوس الصاعدين من خلال الظلمة التي يخترقها ضوء خافت من كوات جانبية.
وعلى سطح المعبد نرى مقصورة اتحاد حاتحور مع قرص الشمس ثم الحجرات التي مثلت على جدرانها قصة موت وبعث أوزير والزودياك الدائري الذي استقر في متحف اللوفر، ويتميز المعبد أيضا بأن أحد جدرانه الخارجية يتضمن منظراً فريداً فى مصر كلها وهو ذلك الذي يمثل الملكة كيلوباترا السابعة وأمامها ابنها قيصرون وهما يتعبدان للإلهة.
أحمد أفاريز المعبد
بُنيت بوابة المعبد بواسطة كل من الأمبراطور "دوميتيان" والأمبراطور "تراجان" في القرن الأول الميلادي وهي تؤدي إلى فناء مفتوح عبر بيت الولادة الروماني والكنيسة القبطية من الجانب الأيمن.
وقد بدأ بناء معبد حتحور في القرن الأول قبل الميلاد واستمر العمل به من عام 54 إلى 20 قبل الميلاد، وقد بُنِي فوق بقايا معابد سابقة عليه، بعضها قد يرجع تاريخه في القدم إلى الدولة القديمة وأخرى شيدها تحتمس الثالث، ورعمسيس الثاني، ورعمسيس الثالث.
وقد عثر على اسم بطليموس الثاني عشر في الجزء الخلفي من ابنية المعبد، وهو أول جزء بني في العصر البطلمي، ولكن الكثير من الخراطيش في المناظر الجدارية تُرِكت خاوية. ويرجع ذلك فيما يبدو إلى عدم الاستقرار السياسي في تلك الفترة. وعلى الرغم من ذلك تم تكثيف العمل فقد تم في عهد الملكة كليوباترا السابعة التي حكمت مصر ما يقرب من واحدا وعشرين عامًا.
المعبود بس
تعد واجهة معبد دندرة من روائع الواجهات الخاصة بالمعابد المصرية القديمة، حيث يبلغ عرضها 35 متراً ويبلغ ارتفاعها 12.5 مترًا. يتصدر الواجهة ستة اعمدة متوجة برؤوس حتحورية على شكل الصلاصل الموسيقية التي يطلق عليها "السنترام"
تفصلها جدران "الحوائط النصفية" تشبة الستائر المذيلة ولها مدخل مركزي يعلوها نص من ثلاثة سطور كتب باليونانية كتبها الرومان فى عام 35 ميلادية. وهي تعلن أن المعبد كان للإمبراطور "تيبريس" قيصر أغسطس الجديد ابن أغسطس ألإلهي. وتحت ولاية آخرين.
و يحمل سقف القاعة عدد ثمانية عشر عامودا على شكل الصلاصل، ويعتبر المعبد فى حالة حفظ جيده بالنسبة إلى المعابد المشابهة لتلك الفترة الزمنية وطريقة الإضاءة التي تضاء بها.
غرف القاعة تكاد تكون مطابقةً تماماً لتلك الطريقة التي كانت تضاء بها القاعة في العصور القديمة، وتوجد بعض المناظر التي على الجانب الأيسر من الجدار الأمامي تصورالإمبراطور مرتديا تاج مصر السفلى وهو يغادر القصر لإتمام المراسم بالمعبد، ويقوم بتطهيرة الآلهة حورس وجحوتي، ثم تتويجه من الآلهة.
وهذه المناظر تتكامل على الجدار الأيمن من البهو الرئيسي حيث القيام بالطقوس الخاصة بالملك في بناء معبد دندرة وتكريسه لحتحور. وعلى الجانب الأيمن من الجدار الأمامي يصور الإمبراطور مرة اخرى وهو يرتدي تاج مصر العليا ويقدمه الآلهة
"مونتو وآتوم" إلى حتحور. وهناك صور عديدة للأسرة الملكية والأرباب على العواميد توضح الملك وهو يقدم القرابين إلى الأرباب وهذا المشهد تعرض لأعمال التخريب.
المعبد ليلا
ويتميز المعبد بوضوح الضخامة القليلة والاستدارة المميزة للصور الآدمية في الفن البطلمي. والسقف مزين بمناظر فلكية تظهر بها نوت ربة السماء وعلامات البروج. وهناك من وراء الدهاليز قاعة للأعمدة الصغيرة ذات صفين مكونة من ثلاثة أعمدة تُسمى قاعة المناظر. وتتميز القاعة باستخدام قواعد العواميد من حجر الجرانيت وهو على نحو غير عادي استعماله في هذا الشأن بينما أساطينها وتيجانها مصنوعة من الحجر الرملي. وتصور لنا نقوش ورسوم الجدران الملك أمام حتحور.
أما عن المناظر التي تزين جدران الجانب الأيمن من القاعة فهي تقرأ في الاتجاه المعاكس لعقارب الساعة باتجاه المدخل إلى الباب الخلفي، وهي تشابه التي فى الدهليز وهي مناظر تصور طقوس وضع ودائع الأساس والبناء وأعمال تكريس المعبد لحتحور، والمناظر التي في الجانب الأيسر من القاعة تُقرأ فى اتجاه عقارب الساعة فبدأ من المدخل تصور الملك وهو يقدم المعبد إلى حتحور وحورس، أما على الجانب الأيسر من الجدار الخلفي فيصور لنا تقدمات الملك إلى الآلهة حتحور وحورس وابنهما الذي يقوم باستعمال الصلاصل في احتفاء.
تاج عمود
وتحاط قاعة العواميد بستة غرف وكان الهدف من وجود هذه الغرف تقدمات القرابين في شكل تصنيفات نوعية كلً وفق تصنيفه من الغذاء والبخور والقرابين السائلة، ففى كل منها يقدم الملك القرابين إلى الآلهة حتحور، الزينات الفضية في غرفة على الجانب الأيمن، والقرابين السائلة من الماء في الغرفة الثانية.
ويحيط بالمعبد من الخارج جدار مصور برسوم ونقوش مصرية قديمة، فيصور لنا الجدارالخلفي للمعبد الملكة "كليوباترا" تقف لجوار ابنها "قيصرون" في مشهدين أمام الآلهة "حتحور" وأرباب أخرى، ثم نجد أمام معبد حتحور حيث يقع بيت الولادة او"الماميزي" الذي يرجع إلى العصر الروماني، وقد تم بناؤة في عهد الإمبراطور"أغسطس" واستكملت زخارفه في عهد "تراجان وهادريان"، وقد كان مكرساً لابن "حتحور وحورس"، والبحيرة المقدسة بمعبد دندرة ممتلئة بالأشجار وكانت تستخدم في اعمال التطهير والنظافة للكهان بالمعبد.
واجهة المعبد
تاج عمود على هيئة حتحور
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة