على الرغم من تحفظى على مصطلح "كاتب إسلامى" إلا أننى سوف أعتمده فى حديثى هنا، لأن السياق يقتضيه، ومعظمنا التفت لما قاله الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية السابق، فى تصريحات تليفزيونية بأن الكاتب الكبير "توفيق الحكيم كان أحق بجائزة نوبل من نجيب محفوظ" كنت أتمنى لو قال: "كان يستحق جائزة نوبل (مثل) نجيب محفوظ"، ومع ذلك يظل ما قاله "مجرد رأي" نتفق ونختلف معه، لكن ما نختلف معه تمامًا فيه قوله "إن لجنة نوبل لم تمنح الحكيم الجائزة لأنه يكتب في الإسلاميات".
وفى هذا الكلام مغالطات كثيرة، ليس أقلها أن الدكتور مصطفى الفقى يفكر على طريقة الناس العاديين الذين يرددون أفكارًا ويصدقونها دون تمحيص فيذهبون إلى أن جائزة نوبل تمنح لأعداء الدين، فمن يرفض كاتبًا ذا صبغة "إسلامية"، معناه أنه يتبنى موقفًا من الأديان، وفى ذلك طعن في نجيب محفوظ، وفى حصوله على الجائزة، وهو في ذلك يتفق مع الرأي اليميني المتطرف الذي يحلو له أن يتهم نجيب محفوظ بأنه حصل على جائزة نوبل لكونه صاحب موقف من الدين.
ومن الأخطاء التي وقع فيها الدكتور مصطفى الفقى أيضًا أنه انحاز إلى فكرة الأفضلية (فلان أفضل من علان) وذلك لا يتفق مع المنهج العلمي، فأقل متابعة لجائزة نوبل والفائزين بها يعرف أن عالمنا العربي مظلوم تمامًا فيما يتعلق بها، فلدينا نحو عشرة أشخاص في مصر فقط يستحقون جائزة نوبل منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وطه حسين والعقاد ويوسف إدريس وغيرهم الكثير، بالتالي لا يوجد مجال للأفضلية.
ومن النقاط المهمة أيضًا التي تحتاج وقفة هي ظن الدكتور مصطفى الفقي أن توفيق الحكيم كاتب إسلامي، وفى ذلك خلط بين الكاتب ذي الصبغة الإسلامية والكاتب الذي يوظف بيئته وثقافته وهويته في الفن، مثلما فعل توفيق الحكيم في أعماله التي اعتمد على التراث الديني مثل "أهل الكهف"، فهي ليست مسرحية دينية إنها مسرحية فلسفية، وهكذا، بالتالي فإن وصف توفيق الحكيم بأنه يكتب في الإسلاميات ليس دقيقًا.
مثل هذه الإشكاليات تستوقفنا لأن المشاركين فيها يؤخذ منهم، فسواء اتفقنا مع الدكتور مصطفى الفقى أو اختلفنا، لكنه شغل وأثر في مواقع ذات صبغات فكرية وثقافية، ومن هنا وجب علينا التداخل مع كلامه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة