يصعب أن يتحقق الإصلاح والصلاح لشعوب الأرض دون أرواح طاهرة تضحي وتبذل الجهود في سبيل أوطانها ما بقيت تتنفس؛ فعطاؤها دون مقابل، وتضحيتها مرتبطتان بالعقيدة التي تعيش من أجلها؛ حيث إن ولاءها وانتماءها يشكلان وجدانها، والحفاظ على تراب الوطن غايتها، وسعيها لتقدمه ورقيه قمة السعادة لديها.
ومسيرة الإصلاح في مصرنا العزيز بدأت منذ أن امتلكت الدولة جيشاً عظيماً له عقيدة راسخة تنبثق من مسلمة مؤداها استقرار البلد وحماية مقدراتها وحدودها البرية والبحرية والجوية، ومن ثم فإن ولاء المؤسسة العسكرية لكيان الدولة دون غيره، وتتمسك المؤسسة الشرعية بذات المسلمة؛ فتتضافر جهودهما نحو هدف مشترك وهو بث الأمن والأمان في شتى ربوع الوطن؛ لينعم المجتمع بالاستقرار والسكينة ويسعى نحو البناء والتجديد دون خوف أو توجس من مستقبل مجهول.
وثورات الإصلاح تستهدف دوماً محاربة الفساد والمفسدين، وتسعى لإعمار الدولة وفق معايير العدالة الاجتماعية التي يقرها المجتمع، وهذا يعني أن الدولة تمتلك المقدرة على مواجهة التحديات والصعوبات والمؤامرات التي تحاك حيالها من الداخل والخارج، وتعمل مؤسساتها بإخلاص على تنفيذ خطتها الاستراتيجية؛ بغية إصلاح وتطوير وتنمية مستدامة تستهدف جودة الحياة لمواطنيها.
ويصعب بحال أن تحقق ثورات الإصلاح أهدافها دون دعم من المؤسسة العسكرية والمؤسسة الشرطية مجتمعتين؛ فمنوط بهما الحفاظ على مقدرات الدولة العامة منها والخاصة، ومن ثم توافر مناخ الاستقرار الذي يهيئ التنمية الاقتصادية بصورها المختلفة في الداخل والخارج.
وثورتي الإصلاح والتصحيح التي مرت بها بلادنا أكدت على أصالة الشعب ووعيه لدور الجيش والشرطة بمختلف تخصصاتهما في التصدي لكل عدوان جائر، أو إرهاب غاشم من الداخل والخارج؛ فالعمل لكليهما بطولي ومتواصل، والعطاء مستمر، والجهود مضنية، والتجديد في الفكر والتناول بالنسبة لهما يتواكب مع المستجدات والتطورات على الساحتين الداخلية والخارجية، وكل هذا يُسهم ويُساهم في المحافظة على مقدرات الدولة ومكتسباتها في شتى المجالات.
ويصعب أن ننسى ما حيينا تأمين البلاد بأيد واحدة متمثلة في الجيش والشرطة؛ حيث الحفاظ على مقدرات الدولة ومنشآتها الحيوية من الاعتداءات المحتملة حينها في أوقات عصيبة، فرضت جماعات الضلال سياجها على إدارة المشهد لتصل لمآربها الدنيئة؛ حيث استخدمت سلاح الذعر والإرهاب، وبذلت الجهود لتوقع الفتن بين أبناء الشعب في مواقيت وأحداث مرسومة ناتجة عن فكر يحمل بين طياته الخبث.
وبرغم تواتر ثورات الإصلاح بدول الجوار؛ إلا أنه غاب عنها الأمن والأمان؛ فما زالت تعاني الأمرين في التهديد والنزاع ليومنا هذا؛ فالشواهد تشير بأنه يستحيل أن تنهض أمة من الأمم تشوبها تهديدات داخلية وخارجية متلاحقة؛ فالناظر لما جرى ويجري من أحداث بدول الجوار والتي تخلت الشعوب فيها عن مؤسساتها العسكرية والشرطية، ولم تستوعب دورهما الفاعل في استقرار الدولة والحفاظ على كيانها ومقدراتها، مما أدى لتفكك نسيجها وقوميتها، وجعلها مسرحاً للصراعات وبيئة خصبة للعمليات الإرهابية والفكر المتطرف، كما أدى بها لحالة من العوز في شتى المجالات، وساهم في هروب منتسبيها لبقاع يخيم عليها الأمن والأمان.
ويكمن الدرس والعبرة في تأكيد وعي الأمة المصرية بضرورة استدامة الالتفاف حول الجيش والشرطة باعتبارهما مؤسسات الأمن والأمان بدولتنا العريقة؛ فذلك يجعلنا نستكمل مسيرة التقدم والنهضة دون توقف؛ لتصبح جمهوريتنا الجديدة مالكة لاقتصادها وسياستها القوية التي تحافظ بهما على مكانتها بين مصاف الدول المتقدمة.
وفي الواقع نجد أن مراحل الإصلاح قد تتعرض لمعوقات، لا يتسبب المجتمع فيها، بل تكون نتيجة لخداع ووعود غير صادقة من أناس يمثلون دور المصلحين، ومن ثم يقع في مشكلات وتحديات تعصف بأحلامه وآماله التي رسمها في بداية مراحل الإصلاح تلك، وعندئذ يتوجب تصحيح المسار مما يستوجب حضور الحلول الأمنية المدعومة بوعي جماهيري يعمل على إخراجها من هذا التحدي ليصل بها لبر الأمان.
فإبان ثورتي الإصلاح والتصحيح ضرب الشعب المصري العظيم متلاحماً مع مؤسستي الجيش والشرطة النموذج الذي أدهش العالم بأسره نحو تصحيح مسار الدولة دون أن تتعرض لمخاطر تؤدي إلى زعزعة الاستقرار بها؛ فقد تم استتباب الأمن والأمان في ربوع الدولة، وتم البدء في تطهير مؤسساتها من الفكر الضال الذي كاد أن يعصف بنسيج الأمة المصرية.
والشاهد يوضح مدى اعتزاز جموع الشعب المصري بالبواسل من أبناء المؤسسة العسكرية والمؤسسة الشرطية، لما يبذلانه من جهود، محليًّا ودوليًّا، للقضاء على الإرهاب، ومحاربة الفكر المتطرف، ومن ثم يعملان معا على بث الأمن والأمان في شتى ربوع المحروسة، والمستبصر لحال تلك المؤسستين عن مقربة يجد أنهما لا ينامان ولا يغفلان ولا يجوز لهما ذلك، فالمهام الملقاة على عاتقهما جسيمة.
ومن ثم يضطرد نماء الاعتزاز بأبناء المؤسسة العسكرية والمؤسسة الشرطية لتحملهما مسئولية الحفاظ على قطاعات التنمية بالبلاد بل والمشاركة الفاعلة فيها، وجاء ذلك تحت رعاية سياسية بصيرة تبذل الجهود؛ لإحداث نقلات نوعية بجمهوريتنا الجديدة، وتثابر على تحمل الصعاب والتحديات الجمة في الداخل والخارج.
إن تأييد ودعم العيون الساهرة فرض عين على كل مصري يبتغي حياة العزة والكرامة، ويتطلع لمستقبل زاهر، ويأمل في تحقيق غايات دولته الطموحة، وأهدافه الخاصة المشروعة؛ فالحق أن نماء الاقتصاد يقوم على البيئة الآمنة التي توفرها العيون الساهرة، ولا يغفل عنها إلا من كان ناكراً أو جاحدًا أو حاقدًا أو مغرضًا.
ويثمن الشعب المصري ما يبذله حماة الوطن، ويقدر تضحياتهم المستمرة، ومساهماتهم في البناء والتنمية، ويحتفي بهم في مناسبات عديدة؛ فهم نموذج للنبل والشهامة في العطاء والشجاعة، وفي المواجهة والتضحية في سبيل تراب الوطن العظيم.
ولا يغيب عنا ما تقدمه القيادة السياسية الرشيدة من أسوة وقدوة للبذل والعطاء والتضحية دون كلل أو ملل؛ فهي الداعمة للعيون الساهرة المصرية على الدوام، والراعية لمسيرة الإصلاح والتصحيح.