يقع على عاتق الأستاذ الجامعي مهام عديدة تنبثق من أدواره المتعارف عليها؛ حيث تشمل التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، والتدريس بالمرحلة الجامعية لا يعني إلقاء محاضرات فحسب؛ لكنه إعداد متكامل لشخصية الطلاب بما يتضمن الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية، وهنا تحول جوهري في دور الأستاذ الجامعي من مُلقٍ ومُلَقٍ للمعلومات إلى موجّهٍ للطلاب كيف يتعلمون ويبتكرون ويمتلكون مهارات التفكير العليا والتي تشكل لبنة رئيسة لمهارات القرن الحادى والعشرين.
ويعد الأستاذ الجامعى العنصر الفاعل فى العملية التعليمية الجامعية؛ حيث يمتلك المقدرة على تعويض النقص في الإمكانات المادية للمؤسسة الجامعية من خلال ما يمتلكه من خبرات يستطيع إكسابها لطلابه عبر ممارسات وأداءات تدريسية فعالة وعلاقات تواصلية تتسم بالإنسانية؛ لذا أضحى قياس قوة المؤسسة الجامعية مرهون بدرجة ارتفاع أداء أساتذتها، وعليه أصبح الأستاذ عماد التعليم الجامعي، رغم تعدد مكوناته.
ونظراً لامتلاك الأستاذ الجامعى شخصية متسامية تعمل بحرص على توجيه الطلاب نحو بناء خبراتهم ببذل أقصى ما يمتلكون من الطاقات بما يسهم في بناء مستقبلهم ومن ثم بناء ورقي مستقبل الجمهورية الجديدة، ويتأتى ذلك من خلال حثهم على النجاح وإيقاظ الطاقات الإيجابية لديهم وتنمية ثقتهم بذواتهم والعمل والجهد المتواصل لاكتساب خبرات التعلم النوعية- نظرا لكل هذا يُعد الأستاذ الجامعي ركيزة رئيسة في بناء معرفي لا تشوبه مغالطات أو فكر غير قويم؛ إذ يهتم الأستاذ بغرس المفاهيم في أذهان طلابه عبر منهجية علمية وآليات تفكير تحثه على مزيد من التفكير وتمده بمقدرة على مواجهة المشكلات والتحديات بأسلوب علمي رصين، بعيداً عن التسرع أو الانفعال.
وهنالك دور للأستاذ الجامعي في اختيار المنهج الذي يحمل الرسالة السامية، وفق مخرجات تعلم، من شأنها أن تسهم في بناء الطلاب بناء شاملا يجعلهم قادرين على دفع عجلة التنمية عبر توجيه طاقاتهم المتميزة اليافعة التي تؤهلهم للانخراط في قطاعات العمل والإنتاجية في جمهوريتهم الجديدة، ولا ريب فتلك رسالة سامية للأستاذ الجامعي تجاه طلابه ووطنه بل وأمته والعالم قاطبة.
ويعضد الأستاذ القيم الخلقية لدى طلابه ليأهلهم نحو الإيجابية في مضمار الحياة الزاخر بالأحداث، ومن ثم يسهموا في عملية البناء والتنمية، وهذه القيم تعمل على حفظهم من الانحراف النفسي والاجتماعي، ومن ثم يتغلب الجانب الروحي على الجانب البيولوجي، كما تسهم القيم الخلقية التي يغرسها الأستاذ في طلابه في ضبط تصرفاتهم وحب العمل وإعلاء التكوين الوجداني، واستشعار المسئولية في الحياة، وتؤكد لديهم حسن المعاملة مع الغير، وهنا يتأكد غرس الحب والترابط وتحقق التوازن والثبات في السياق المجتمعي الذي يزخر بأبناء صالحين يواجهون ما يطرأ من تغيرات بمزيد من الحلول المبتكرة، وبمهارة يحوزها الإخلاص والأمانة، وتلكم معايير بناء الدول ورقيها ونهضتها.
والقيم الخلقية التي يغرسها الأستاذ بجانب المهنية والأكاديمية تشكل الضوابط والفضائل التي تسمو بخلق الطلاب وترقى بهم نحو الفضيلة وتبعدهم عن الرذيلة؛ ليصبحوا نافعين في مجتمعهم يحملون راية التنمية والنهضة لبلادهم.
ودور الأستاذ الجامعي في نهضة الجمهورية الجديدة لا ينفك عن جهوده المتواصلة والمستمرة وسعيه الدءوب في التنمية المهنية والأكاديمية والمشاركات الإيجابية في الملتقيات والمنتديات والمؤتمرات، والعطاء المميز في الإنتاجية العلمية التي تسهم في تجديد المعرفة وتؤدي لمزيد من الإضافات والاكتشافات العلمية النوعية، وهذا يرتبط قطعاً بتمتعه بروح الولاء والانتماء إلى مؤسسته الجامعية وإلى وطنه الجامع، ويتصل باتجاهاته السوية نحو البناء والنهضة والرقي، وهو ما تحتاج إليه بلادنا الحبيبة في تعضيد أركانها؛ لتتبوأ قدرها ومقدارها بين مصاف الدول، وتمتلك مقومات الريادة والتنافسية، وذلك ما يحث عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي دوماً، ويؤكد على دور العلم والعلماء في نهضة البلاد والعباد.
وتعد المؤسسة الجامعية من المؤسسات المجتمعية المهمة التي تسهم في إعداد الخبرات الفنية والمهنية والفكرية والقيادات السياسية، وهذا ما يبرز تواصل المؤسسة الجامعية بالمجتمع وتقدم خدماتها بصفة مستمرة، ومن ثم يتأتى دور الأستاذ الجامعي الحيوي في خدمة مجتمعه وفق تخصصه النوعي، وقد اتضح دور المؤسسة الجامعية في تقديم خبراتها الداعمة للمشروعات القومية بالجمهورية الجديدة، والمطالع للإنجازات يرى كم الابتكارات التي اتسمت بها هذه المشروعات على أرض الواقع.
وجدير بالذكر أن استغلال قدرات المؤسسة الجامعية في خدمة المجتمع ونهضته يتأتى من عمل الأستاذ الجامعي ودوره الفاعل في تزويد مجتمعه بمن يمتلكون مهارات سوق العمل المحلي والدولي، ولديهم مقدرة على مواجهة تغير المهن وتطور المهام، ويثابر الأستاذ في تشكيل الوعي الصحيح نحو المشاركة في قضايا المجتمع المتجددة، ويسهم في تعضيد ربط الطلاب بالمؤسسات الإنتاجية والخدمية بالمجتمع، ومن ثم يربط بحوثه العلمية بخدمة مجتمعه والتي تعالج مشكلاته وتساعد في تنميته، ولا يتوقف عن تقديم المشورة لمن يطلبها من مؤسسات المجتمع العامة والخاصة، وبالطبع يشارك بشكل مستمر في الندوات خارج المؤسسة الجامعية، وفي الدورات التدريبية التنموية للفئات النوعية المستهدفة التي تعمل على تطوير ورقي مؤسساتها بالجمهورية الجديدة التي تستحق منا كل جهد وعناء.
ويقدم الأستاذ الجامعي مسار بحوثه ليخدم مجتمعه بصورة وظيفية ومباشرة ليلبي احتياجاته وينمي موارده، ولزام عليه أن يحاكي الواقع في إجراء بحوثه العلمية؛ لذا بادرت القيادة السياسية بتوفير متطلبات ومقومات البحث العلمي بالمؤسسات الجامعية والبحثية، إيماناً منها بأن قاطرة نهضة ورقي الجمهورية الجديدة يؤسس على العلم ودوره الفاعل والإجرائي، ويصعب تحديد ثمرة العلم في هذا المقام المقتضب؛ لكن يمكن القول بأن العالم بأسره صار قرية بفضل العلم ونتاجه؛ فبه ينضج الفرد على المستوى النفسي والاجتماعي والأخلاقي والديني، وغير ذلك من الجوانب التي تعد ضرورة لعمارة الأرض التي استخلفه الله فيها؛ لذا هناك توافق لا جدال فيه حول احترام الدول المتقدمة للعلم والعلماء.
ويعمل الأستاذ الجامعي على تنمية الأمن الفكري لدى طلابه؛ حيث إنه ركيزة الأمن، فعندما يؤمن الفرد بثوابت القيم المجتمعية ومبادئه وأصوله يتأكد الاطمئنان وتتأصل الجذور، ومن ثم يبتعد الفرد عن كل ما هو دخيل من فكر هدام، ويمكث لديه الفكر السليم والمعتقدات والقيم والتقاليد المجتمعية، ويمثل ذلك بعدا استراتيجيا لأمن الدولة واستقرارها؛ فمن المعلوم لدينا أن هناك سيل من الأفكار السلبية المتطرفة الذي يستهدف استقرار الحياة ببلادنا الحبيبة في جميع مناحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعقدية، وهذا ما تم التنويه إليه في العديد من خطابات القيادة السياسية المستنيرة.
وللأستاذ الجامعي دور بارز في تشكيل وعي طلابه الصحيح، ومن ثم يسهم في تشكيل وعي مجتمعي يعد السياج الذي به تستمد الجمهورية الجديدة مسيرتها ونهضتها، ومن ثم تلبي احتياجات جموع الشعب دون تمييز أو تفرقة، كما يُمكن لها أن تطمح لأكثر من ذلك، بأن تسعى لمستوى جودة الحياة للمواطن، وفق رؤية دءوبة تقوم على العمل المستمر والشراكة الفاعلة من قبل كافة المواطنين، ويصعب أن يتحقق ذلك دون وعي مجتمعي صحيح، ونضوج فكري لمسيرة الإصلاح والنهضة بالدولة في قطاعاتها المختلفة وفق خطة زمنية محددة.
وفي السياق ذاته يمكن القول بأنه من الصعب على الحكومات في العالم أجمع أن تحدث تنمية أو نهضة في بلادها دون وعي مجتمعي سليم، قائم على المعرفة والممارسة العملية، ومن ثم يتكون لدى المواطن الضمير الوطني الذي يوجهه ويحثه نحو كل ما هو مفيد لوطنه، وأن يعمل على ذلك دون كلل أو ملل، وعليه لابد أن نعترف بأن الوعي المجتمعي الذي يوافق مبادئ الدولة، ويحافظ على كيانها، يعد عاملًا رئيسًا لاستمرار وبقاء الدولة، وهذا ما يعظم دور الأستاذ الجامعي في هذا الشأن.
وتقدر مصرنا الحبيبة العلم والعلماء أيّما تقدير وترفع من شأنهم ومن مكانتهم الاجتماعية؛ كي توفيهم حقوقهم المشروعة التي نص عليها الدستور المصري، وقد برز ذلك جلياً في مظاهر عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: تقدير أصحاب الكفاءات في شتى المجالات بصفة دورية ومنحهم الأوسمة والتكريمات المتكررة لرفع الروح المعنوية لديهم، وتقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة لهم في شتى المجالات، بما يحقق جودة الحياة لديهم بصورة وظيفية، ويؤكد هذا على أهمية مكانة العلم؛ حيث زيادة مخصصاته المادية كل عام، وتقديم الدعم اللوجستي للباحثين في شتى مجالاته.
وفي هذا الإطار اهتمت الجمهورية الجديدة بتوجيهات قيادتها السياسية بالتركيز على شغل أصحاب الكفاءات من العلماء وغيرهم في شتى المجالات للمواقع القيادية التي تشكل بؤرة صناعة واتخاذ القرارات بمؤسسات الدولة المصرية، بما يسهم في نهضة البلاد، ومنح العلماء مكانة اجتماعية متميزة، تسهم في رفع معنوياتهم بما يحقق أقصى إفادة من أصحاب الكفاءات في شتى المجالات، كما اهتمت القيادة السياسية بتقديم العلماء وأصحاب الكفاءات في شتى المجالات في المناسبات المختلفة عن رجال السياسة والسلطة تقديراً لهم.
حفظ الله بلادنا وعلماءنا وقيادتنا السياسية الداعمة والمخلصين البارين بها.