"أنا طالب جامعي في السنة الأخيرة، أحب الوحدة والعزلة، وأشعر دائمًا بأن دوري في الحياة مهمش، وذلك دفعنى للذهاب إلى طبيب نفسي والذى شخصنى بالإكتئاب ونصحنى ببعض الأدوية، والتى تناولتها لمدة عشرة أيام ولكن لم تتحسن حالتى، كما أن هذا جعل والدى يعايرنى دائماً بتناول أدوية العلاج النفسى وكأننى شخص مجنون، ولكن ما يحيرنى الآن، هو هل تشخيص الدكتور خاطئ، وأذهب لطبيب آخر؟ علمًا بأنني لم أخرج من المنزل منذ عدة أشهر بسبب سوء حالتي، فأنا أكره الحياة. أرجو المساعدة والنصح".
*******
القارىء العزيز، عرضنا مشكلتك على الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشاري الصحة النفسية، والذى قال لك :"في البداية أسعدني أنك قد واصلت في دراستك إلى مرحلة الجامعة وأنك في السنة الأخيرة وهذا في حد ذاته نجاح وإنجاز قد يتطلب إرادة وعدم استسلام لليأس والإحباط، فبعض الأشخاص ممن حولك لم تسمح لهم قدراتهم ولا ظروفهم الخاصة لاستكمال مرحلة التعليم الجامعي على الرغم من أهميته، فأحد المكونات الرئيسية الهامة لشخصية الإنسان هي عنصر الإرادة في مقابل اليأس والهزيمة، وأنا أحسب إنك انتصرت حتى الآن بوصولك إلى الخطوة الأخيرة من دراستك الجامعية فهنيئًا لك.
وهناك مكونات نفسية أساسية تحرك شخصية الإنسان وهي ثلاثة: الفكر والمشاعر والسلوك، فكل فكرة نفكر فيها تقودنا إلى مشاعر محدده ثم تترجم مشاعرنا إلى سلوك، والأدوية النفسية الخاصة بحالات الإكتئاب لا تعمل على تغيير فكر الإنسان أو سلوكه ولكنها تحسن من المزاج العام للفرد، فتهيئ له الطريق للتفكير بنظرة مختلفة، عن طريق ضبط النواقل العصبية الخاصة بحالة الشخص المزاجية، وهذا كل ما يفعله الدواء الخاص بالإكتئاب.
ونحن لا نحكم على الدواء بالفشل في خلال فترة الأسبوعين، لأن تلك الفترة هي التي تتم فيها عملية البناء الكيميائي للعلاج وسيبدأ تحسن المزاج بعد تلك الفترة تدريجيًا، فلا نحكم على فاعلية الدواء بنجاحه من عدمه إلا بعد مرور شهر واحد على الأقل من بداية الإلتزام بالجرعة الموصوفة لك، والتي عادة تتغير بعد الأسبوع الثاني من تناول الدواء، لذلك يرجى متابعة طبيبك المعالج.
قد أثبت العلم إن الله وضع ملكات ومزايا خاصة لكل شخص على حدة، تعددت أنواعها وازداد الحديث عنها فظهرت فكرة الذكاءات المتعددة فلم يعد يقتصر مفهوم الذكاء والقدرة على المهارات الذهنية والرياضية فقط، وأنا أقول لك إن من لم يكتشف مزايا نفسه لم يستطع تحديد دوره في الحياة، ولذلك قد وصفت نفسك بأنك ضعيف ومهمش لأنك لم تكتشف قدراتك حتى الآن.
وأنا أثق يا أخي أنه حتى لو قد تملك منك الإكتئاب فإنه لن يهزمك، فهذه ليست نهاية الحياة، حتى وإن تناولت الأدوية النفسية، فلا يسبب ذلك لك الضيق فالنفس تحتقن كالأنف وتمرض من الضغط تماماً كالقلب وجميع أعضاء الجسم الأخرى، هذا ليس بسبب ضعف فيك أو عدم إيمان أبدًا فالجميع معرضون لذلك، فهل يعاير شخص آخر إذا أصابته أمراض القلب أو الكُلى، بالطبع لا، وعليك أن تعلم أن هذا لم يكن بسبب ضعف فيك أو عدم إيمان أو غيره، ولكن لم تتهيأ لك الظروف الكافية لإكتشاف قدرات نفسك بشكل سليم، فأرجو منك ألا تسجن نفسك بين جدران غرفتك وتتوقع من الحياة أن تقيمك.
لذا نرى أنه من الضروري أن تراجع طبيبك النفسي مرة أخرى وتسأله عن طبيعة العلاج وكيفية عمله حتى يشرح لك الأمر بشكل مبسط.
نحن دائمًا نقول وننصح "غير فكرك كي يتغير فعلك"، لذلك عليك أن تتحدث مع شخص تثق بأفكاره أو مع الطبيب أو المعالج النفسي ليعيد لك تنظيم أفكارك مرة أخرى ويساعدك على اجتياز مشاعرك السلبية، فأنت تحتاج لإعادة تقييم نفسك، وتحتاج لممارسة التمارين الرياضية البسيطة في البداية لأنها تحسن من حالتك المزاجية وتطرد الطاقات السلبية، واحرص على التواصل الإجتماعي مع الآخرين، وتذكر أن الله قريب لكل من يدعو له، فاطلبه في صلاتك باستمرار وأدعو له أن يعينك، و ستصبح في وضع أفضل بإذن الله.
وشوشـة
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة