أكرم القصاص - علا الشافعي

رحيل صاحب الضحكة الصافية.. "اليوم السابع" يودع الزميل الراحل علام عبد الغفار وينشر آخر مقالاته.. كتب عن أخلاقنا الجميلة فى الجمهورية الجديدة.. ورحلة مجدى أبو عميرة وثقافة تكريمه آخر ما خط قلمه

الأربعاء، 25 يناير 2023 12:30 م
رحيل صاحب الضحكة الصافية.. "اليوم السابع" يودع الزميل الراحل علام عبد الغفار وينشر آخر مقالاته.. كتب عن أخلاقنا الجميلة فى الجمهورية الجديدة.. ورحلة مجدى أبو عميرة وثقافة تكريمه آخر ما خط قلمه الزميل الراحل علام عبد الغفار
أحمد خالد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استيقظت الأسرة الصحفية بشكل عام وأسرة مؤسسة "اليوم السابع" على وجه الخصوص على خبر مفجع، برحيل الزميل الخلوق علام عبد الغفار نائب رئيس تحرير ورئيس قسم المحافظات في اليوم السابع.

علام عبد الغفار (1)

و"اليوم السابع"، ينشر آخر ما كتبه الزميل الراحل من مقالات:

أخلاقنا الجميلة في الجمهورية الجديدة

 
نجاح أي أسرة أو منظومة أو دولة على مر العصور ، مرتبط دائما بالمبادئ والأخلاق والقيم التي تنشأ عليها هذه الأسرة أو المنظومة وصولا لبناء دولة مستقرة داخليا وخارجيا فاستمرارها لأطول فترة زمنية عبر التاريخ يشترط تطبيق ونجاح منظومة الأخلاق النبيلة بين أبناءها، فكلما نجحت الدولة في بناء مواطن ملتزم بالمبادئ والأخلاق والقيم نجحت في مواجهة أي تحديات تهدد كيانها.
هنا تأتي عظمة وقوة "أخلاقنا الجميلة" طلق المبادرة الهامة والمحورية التي اطلقتها الشركة المتحدة  للخدمات الإعلامية، على عدة مراحل، والتي تستهدف التأكيد على الأخلاق التي تربينا عليها، وتأمر بها جميع الأديان السماوية والإنسانية، من احترام الكبير وحسن الجيرة وحسن المعاملة والأمانة والشرف والأدب في التعامل.
 
والحملة تنطلق على عدة مراحل، عبر وسائل المتحدة للخدمات الإعلامية المختلفة، والهدف منها تربية أجيال جديدة على القيم والعادات والتقاليد المصرية الأصيلة، وتذكير الأجيال الحالية بما تربينا عليه من قيم إنسانية.
علام عبد الغفار (2)
 
تلك المبادرة تركز على قيمة الأسرة وقيمة المنزل، وقيمة الأخلاق في حياة كل فرد داخل المنزل وعلاقة هؤلاء بأقاربهم وجيرانهم وأصدقاءهم ، كمان أنها ترفض وتواجه أي دعوة قد تهدم البيت بأفراده وتنتقص من قيمته ، وتحرص على الحفاظ عليه لأنه يخرج أناس واعيين ويفيدون وطنهم.
 
الآن ونحن أصبحنا نعيش وسط التريندات، فكان لابد من العودة لمواجهة كافة الظواهر المجتمعية المستحدثة والتي من شأنها افساد الذوق العام والأخلاق وتغييب احترام الكبير وتوقير الصغير والعبث بمبادئ وقواعد هذا المجتمع الذى تعلمنا فيه أن البيوت أسرار، وعلى الصغير احترام الكبير وعلى الجار احترام جاره وعلى الجميع الصدق والأمانة ووصية الأب و الأم لأى بنت أو ولد عندما يتزوجان أن مشاكلهما لا تخرج من بيتكما فخروج أسرار البيوت له عواقب وخيمة، ولكن أصبحنا نعيش تريندات تدخل داخل البيوت وتقول للسيدات ماذا يفعلن فى بيوتهن وماذا لا يفعلن، وهذا خطأ، وفالرجل والمرأة يتفقان على ما يقومان به فى منزلهما.
 
بالطبع حملة أخلاقنا الجميلة للتذكير بالقيم الإنسانية والتقاليد الأصيلة، تأتي في وقت نجد في الجميع فى الشوارع يتحدثون عن الحنين إلى الماضى حيث كانت تسود الأخلاق فى كل شيء، في المنزل وفى الشارع وفى الرياضة والسياسة والعلم ، حتى في أوقات الخلاف كان هناك قيم ومبادئ تطبق على الكبير قبل الصغير وبسبب الاحترام المتبادل بين الناس يتوقف التجاوزات أو الشتائم فى كل المجالات .
 
علام عبد الغفار (3)
 
بكل تأكيد ما تقوم به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، على مدار الفترة الماضية بعدما أطلقت العديد من المبادرات المهمة، فى رعاية المواهب الفنية أو مواهب كرة القدم مثل كابيتانو، وكانت هناك مبادرة الوثائقيات لطلاب كلية الإعلام على مستوى المحافظات، الذين سيكون لديهم فرصة للتقدم بمشروعات التخرج، لاكتشاف المواهب فى مجال الوثائقيات وأخيرا أطلقت حملة جديدة وهى أخلاقنا الجميلة، للتركيز على قيمة الأسرة وقيمة المنزل وقيمة الإنسان بأخلاقه وثقافته وعلمه.
 
كل هذه المبادرات هي عناصر أساسية لنجاح الجمهورية الجديدة لمصر ، لأنها تمثل حجر الأساس مثلها مثل المشروعات القومية في مختلف المجالات ، فلا جمهورية جديدة بدون بناء قوى للإنسان المصرى على مبدأ المواطن السليم صحيا والمثقف والمحترم لمبادئ وقيم وقوانين بلده ، المؤمن بثقافة الآخر وأخلاق ابن البلد ، المحترم لدينه ودين الآخر وعقائده. 
 

إسماعيل عبد الحافظ.. تخليد مخرج الروائع فى مكتب "نور الدين"

مخرج لن يتكرر مرة أخرى فى تاريخ الدراما المصرية، شارك كبار الفنانين بإخراج معظم أعمالهم مع أقدم المؤلفين، ورغم تاريخه الطويل إلا أن هناك بعض الأعمال الدرامية خلدت بذاكرة الجمهور وكانت علامة مميزة وواضحة، لكنه الآن يحتاج تخليدا من نوعا خاص، ليبقى في ذاكرة كل ابنا من أبناء هذا الوطن عامة ومحافظة كفر الشيخ خاصة.

علام عبد الغفار (4)

مخرج الإبداعات الخاصة والأعمال الاستثنائية التي أضاءت الشاشة الصغيرة على مدار سنوات طويلة وعقود من الزمان، لأنه كان من الجيل الثاني لمخرجي الدراما المصرية مع يحيى العلمي ومحمد فاضل، وقد شكل ثنائيًا ناجحًا مع السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة الذى أخرج له عدة مسلسلات تليفزيونية.. أنه المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ، الذي ولد 15 مارس 1941 بقرية الخادمية بمحافظة كفر الشيخ، وتخرج من كلية الآداب قسم لغات شرقية بجامعة عين شمس عام 1963 بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف.. رفض العمل معيدًا بالكلية لحصوله في ذات الوقت على خطاب تعيين للعمل بالإذاعة والتليفزيون، وعمل في 1963 كمُساعد مُخرج في مراقبة الأطفال، ثم انتقل عام 1965 إلى مُراقبة المُسلسلات.

ظل مشوار عبد الحافظ الإخراجي مرتبطا برفيق دربه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة الذي توفي عام 2010، حيث بدأ في نهاية الستينيات بأول عمل له كمُخرج، وكوّن ثنائي لامع مع عكاشة، وكان من أشهر أعماله مسلسلات حفرت اسمها لدى الجمهور المصرى كالشهد والدموع، وليالى الحلمية، وخالتي صفية والدير، والوسية، والعائلة، وامرأة من زمن الحب، وحدائق الشيطان، وتوقّف إنتاجه الإخراجي بعد وفاة أسامة أنور عكاشة حزنا عليه.

لا شك على الاطلاق أن المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ، تربع على قلوب الجمهور المصرى بأعماله الاجتماعية المميزة، ما جعل البعض يطلق عليه لقب "مخرج الشعب"، و"عمدة الدراما المصرية" و"مخرج الروائع الدرامية"، لما قدمه من عشرات  الأعمال الفنية الخالدة ، فنجد يقدم مسلسل ليالى الحلمية بأجزائه الخمسة، والذى يعتبر من أشهر مسلسلات فى تاريخ الدراما المصرية، نظرًا لمروره بفترة زمنية طويلة، رصد فيها التاريخ المصرى منذ أربعينيات القرن الماضى، وحتى التسعينيات، وكتبه أسامة أنور عكاشة، وتم إنتاج جزء سادس منه ولكن تولى كتابته أيمن بهجت قمر وأخرجه مجدي أبو عميرة.

علام عبد الغفار (5)

نجده في مسلسل "الأصدقاء" الذى حقق نجاحا خاصا، وهو المسلسل الذى كتبه كرم النجار، وتم عرضه فى عام 2002، وقام ببطولته الثلاثى صلاح السعدنى، فاروق الفيشاوي ومحمد وفيق إلى جانب صفية العمرى وهالة فاخر ونرمين الفقي.. وكذلك ما قدمه في  مسلسل "المصراوية" وهو آخر أعمال السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، وقام ببطولته فى الجزء الأول هشام سليم وغادة عادل، وفى الجزء الثانى ممدوح عبدالعليم وميس حمدان، وسميحة أيوب ووائل نور وعرض عام 2007.

من منا لم يستمتع بما قدمه في مسلسل "الشهد والدموع"، وهو من تأليف أسامة أنور عكاشة، وتم إنتاجه فى عام 1985، ولعب بطولته كل من يوسف شعبان ومحمود الجندى وعفاف شعيب ونوال وخالد زكى ونسرين، وتم إنتاج جزأين منه وكذلك تجلت عبقريته في مسلسلات "البر الغربي، أسوار الحب، جمهورية زفتي، أكتوبر الآخر، وخالتي صفية والدير، والوسية، والعائلة، وامرأة من زمن الحب، وحدائق الشيطان".

المتابع لتاريخ الحركة الفنية في مصر على مدار العقود الماضية، يجد عمالقة شكلوا الوجدان وصنعوا تراث وتاريخ فنى هائل، كان ينتظره العرب من الشرق للغرب لحظة عرضه وحتى الآن، لتبقى الثقافة والفن المصرى، صانع ثقافة ووجدان الملايين من الشعوب العربية، ولا شك من هؤلاء العمالقة المخرج القدير  إسماعيل عبد الحافظ، الذى يحتاج اليوم قبل غدا قرار من اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، لتخليده وتكريمه ، ليخرج من مكتبه أحد أهم قرارات التكريم لصالح أحد أعظم صناع تاريخ الدراما المصرية كاطلاق اسمه على سينما كفر الشيخ أو قصر ثقافة كفر الشيخ أو مدرسة أو ميدان أو كوبرى ليتعلم الأجيال الجديدة خاصة مواليد ما بعد الـ2000، من هو هذا المخرج العظيم الذى تكرمه دولته في مسقط رأسه.

علام عبد الغفار (6)

رحلة فارس.. مجدى أبو عميرة وثقافة التكريم

بمجرد مشاهدتك لأعمال الزمن الجميل فى الدراما المصرية فى عصرها الذهبى على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، تجد نفسك أمام فارس حقيقى ساهم بشكل كبير فى وصول الفن المصرى، لكل بقاع الشرق الأوسط، من شرقه لغربه ومن جنوبه لشماله، بسبب براعة الإخراج وحسن الاختيار وقوة القضايا التي تناولتها الدراما المصرية خلال هذه الحقبة الزمنية.. عشرات الأعمال الفنية الخالدة، شارك فيها المئات من عمالقة الفن، كان وراؤهم فارس يقود فريقا هائلا من المساعدين له، ليظهر قدرات الممثل المصرى خاصة، في عرض ومناقشة كافة القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية والفنية والاقتصادية، من خلال كاميراته وزواياه المختلفة، عبر التركيز على تفاصيل التفاصيل ليقدم عشرات الوجوه الجديدة ليكونوا في المستقبل القريب نجوم الصف الأول.

تبقى أعماله الدرامية كذئاب الجيل والضوء الشارد والمال والبنون والرجل الآخر وأين قلبى وملك روحى وغيرها من جواهر المسلسلات المصرية، كلوحة فنية أخرجها بكاميراته ليستمتع بها الشعب المصرى خاصة والعالم العربى عامة، أنه الفارس النبيل مجدى أبو عميرة مواليد 22 مايو 1960، أحد أبرز أبناء عائلة أبو عميرة المقيمة بمركز ابشواى بمحافظة الفيوم.

"أبو عميرة" واحد من أبرز مخرجى الدراما التليفزيونية المصرية والعربية، الذين غاصوا في أعماق الصعيد وناقشوا مشكلاته في عالم الدراما التليفزيونية من خلال عدة مسلسلات منها "ذئاب الجيل" لـ الراحلين عبد الله وحمدى غيث والفنان أحمد عبد العزيز، و"الضوء الشارد" لـ للراحلين ممدوح عبد العليم ويوسف شعبان، والفنانة القديرة سميحة أيوب، ومؤخرا وخلال السنوات الأخيرة الماضية قدم "القاصرات"، مع النجم الكبير صلاح السعدنى، والذى ناقش من خلاله إنتشار ظاهرة زواج القاصرات في الصعيد، هذا بالإضافة إلى تقديمه للعشرات من المسلسلات المهمة التي جعلت الدراما المصرية في المقدمة منها "المال والبنون"و"الرجل الآخر"و"أين قلبى"و"ملك روحى"و"يتربى في عزو" .. فلاشك أن المخرج الكبير مجدى أبو عميرة هو أحد صانع الدراما الصعيدية في مصر التى مالت لفترة زمنية طويلة للواقعية ومناقشة القضايا الشائكة في الصعيد وطرح ما به من عادات وتقاليد كالشهامة والرجولة والتضحية والوطنية واحترام الكبير،واعلاء قيم الأخلاق الجميلة في المجتمع المصرى.

علام عبد الغفار (7)

تاريخ طويل من الأعمال الدرامية على مدار قرابة 40 عاما، جمعت أبرز نجوم الفن المصرى من الراحلين والحاليين، وأخرجها "أبو عميرة" الذى عاش طفولته وهو يمثل فى برامج الأطفال حتى وصل لقمة العطاء بعدما اكتسب شخصية المخرج القوية من المخرج القدير الراحل نور الدمرداش ليضحى بسببها عن وظيفة يحلم بها كل شاب في وزارة الخارجية آنذاك.. فمنذ أن أصبح أبو عميرة مخرجًا صاحب المسئولية الأولى والأخيرة عن الأعمال التي يقدمها، كان حريصًا كل الحرص على انتقاء النصوص التي يضمن لها النجاح، فهو صاحب رؤية فنية ودرامية مختلفة، حيث كان يضع أمام عينيه مدى أهمية النص الذى يقدمه، وما المراد من وراء تقديمه؟، وما الرسالة التي ستصل من خلاله؟، لذلك استطاع أن يُكون شعبية جماهيرية لكل عمل يقدمه وتصبح أعماله ينتظرها الجمهور حتى الآن، أصبح اسمه مرادفا للنجاح الجماهيرى، لأنه استشعر ما الذى تريده الأسرة المصرية والعربية دون فلسفة، وبدأ العمل عليه في كل عمل يقدمه، بأن يسلط الضوء على القضايا القائمة والمنتشرة خلال الفترة التي يقدم فيها مسلسل جديد له، كما كان من أوائل المخرجين الذين سلطوا الضوء على مشاكل الإرث وصراع الأشقاء والزواج العرفى في الجامعات والثأر في الصعيد وغيرها من القضايا الاجتماعية التي لاقت مردود جماهيرى كبير للغاية.

المخرج مجدى أبو عميرة يكاد يكون المخرج الوحيد في جيله الذى أصبح اسمه معلوما فى الشارع المصرى ومعروفا للجمهور مثل نجوم أعماله، خاصة أنه على مدار مشواره الفني الممتد لا يوجد له عملا واحدا لم يلق النجاح الجماهيرى والانتشار الواسع، لذلك لٌقبه صناع الفيديو بـ ملك الدراما التليفزيونية ، فهذا النجاح الكبير حان وقته ليجنى ثماره في حياته.

لا خلاف أن حلم كل إنسان ناجح هو لحظة تكريمه فى حياته وليس بعد رحيله، فكم من فنان عظيم، ومخرج قدير، وسيناريست رائع قدم مئات الأعمال الدرامية والمسرحية والسينمائية، كان يمن النفس بلحظة الوقوف على خشبة المسرح لتكريمه، ومنهم من كان يمن النفس بتخليد ذكراه بإطلاق اسمه على مهرجانا أو شارع أو مدرسة أو مسرحا فينا في مسقط رأسه، فهؤلاء نجوم كبار رحلوا ولم تكرمهم محافظاتهم كأمثال العملاقين حمدي وعبد الله غيث وكذلك الإمبراطور أحمد زكى وعبد الحليم حافظ أبناء محافظة الشرقية الذين مازال يحلم أبناءهم وأحفادهم ومحبيهم بلحظة تخليد من المسؤلين بمحافظة الشرقية لهم بتسمية الميادين والمدارس والشوارع وقصور الثقافة باسماءهم بدل تلك الأسماء التي تحملها الشوارع لأشخاص ليسوا بمصريين من القرن الثامن والتاسع عشر.

علام عبد الغفار (8)

فى محافظة الفيوم نشأ وترعرع فارس وملك الدراما فى مصر مجدى أبو عميرة، فهل سنجد في الوقت القريب من الدكتور أحمد الأنصارى محافظ الفيوم، تغيير ثقافة التكريم لرموز الفن والثقافة والإبداع وغيرها، ليكون في حياتهم بتخليد أسماءهم على قصور الثقافة والمسارح والمدارس والطرق، أما يبقى حلما بعيد المنال.. أظن حان الوقت لتفعل لجان التسميات في دواوين المحافظات دورها بحصر رموز ونجوم المجتمع في مختلف المجالات كلا فى محافظته، لتبدء رحلة تغيير تلك الأسماء على توارثناها  على مدار قرون من الزمان منها ما ليس عربيا على الإطلاق، بأسماء من نحبهم ونقدرهم لما قدموه لنا وللأجيال القادمة.

فاكهة القراء.. ممدوح عامر صوت الزمن الجميل

على مدار قرون من الزمان كانت وما تزال دولة التلاوة المصرية، الأكثر انتشارا فى العالم كله، لما يميزها من عذوبة الصوت واتقان التلاوة وحسن الحفظ، القائمة على دراسة المقامات والقراءات المختلفة، ورغم آلاف القراء الذين خرجوا من كتاكتيب مصر، لكن يبقى فى الأذهان والتاريخ العديد من قراء القرآن الكريم فى المحروسة الذين اشتهروا بأصواتهم الذهبية واستطاعوا لمس قلوب المستمعين بخشوعهم وقراءتهم المميزة، كالمشايخ محمد رفعت ومصطفى إسماعيل ومحمد صديق المنشاوى وعبد الباسط عبد الصمد ومحمود خليل الحصرى ومحمود على البنا والشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ السيد سعيد وغيرهم فى العصر الذهبى لدولة التلاوة فى القرن الماضى.

علام عبد الغفار (9)

ولأن مصر بعادتها وتاريخها وتراثها دائما ولادة فى كافة التخصصات، فما زالت دولة التلاوة بحراسها الجدد، تقدم لنا عباقرة لهم تأثير كبير فى الجمهور داخل وخارج مصر، لما يمتلكوه من حناجر صوتية قوية تصدع بالقرآن الكريم وتلاوة تؤثر القلوب والآذان، ومن بين هؤلاء صوت ملائكى يخطف القلوب والأسماع، ينتظره الجميع عندما يتلو القرآن الكريم، ذلك الصوت الملائكى صوت الشيخ ممدوح إبراهيم عامر الذى أصبح أحد أهم وأبرز قارئ القرآن الكريم فى العالم الإسلامى فى الوقت الحالى.

"فاكهة قراء مصر"، هذا اللقب الذى يشتهر به القارئ ممدوح عامر، ولد عام 1987 بقرية الحلوجة التابعة لمركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، حفظ القرآن فى سن مبكر حتى لقبه أهله وجيرانه وشيوخه فى بدايات حياته بالطفل المعجزة والصوت الملائكى.. فرغم ولادته "كفيف" لكنه قاوم واجتهد بدعم والديه وشيوخه فى القرية والقرى المجاورة حتى خرج قارئا يشار عليه بالبنان.

علام عبد الغفار (10)

رزق الله عز وجل والد الشيخ ممدوح بطفلين كفيفين، كان هو أحدهما، فأصيب والده ووالدته وقتها بحالة من اليأس، حتى أتم سن الرابعة، فعرض عليهما أحد مشايخ القرية الحافظ للقرآن الكريم ويدعى الشيخ أبو زيد بسيونى أن يتبناه، فوافق الوالدين دون تردد، حتى كانت المفاجأة الكبرى أن الطفل أكرمه الله بحفظ القرآن الكريم كاملاً وهو فى سن الخامسة والنصف، فلم يتخيل أحد قط أن يحفظ كفيف مثله القرآن الكريم فى هذه الفترة القصيرة، إلا أن إرادة الله شاءت "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ".

رحلة القارئ ممدوح مع تلاوة القرآن في مصر وخارجها لم تكن سهلة على الإطلاق، نظرا لكثير من التحديات والصعوبات التى واجهته هو وأسرته في البدايات، لكن تبقى إرادة الله وحرص والديه وحرصه منذ الطفولة المبكرة على حفظ كتاب الله، سببا فى تفوقه وتألقه في دولة التلاوة المصرية، فما حدث معه فى الصغر ولقاءه بشيخ الأزهر آنذاك فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمة الله عليه ، بحضور 10 من كبار شيوخ الأزهر كانت البداية الحقيقية لميلاد قارئ كبير، خاصة بعد اختبارهم له فى القرآن وسماح شيخ الأزهر له بالإلتحاق بمعهد القراءات رغم صغر سنه ليحقق حلم القارئ الصغير، بل وصل الأمر لاستثناء شيخ الأزهر له بالحاقه مباشرة بالصف الثالث الابتدائى نظرا لتفوقه وحفظ للقرآن الكريم.

48 ساعة من الزمان كانت أهم وأبرز حدث في حياة القارئ ممدوح عامر، لم لا وهى التي قضاها مع الشيخ محمد متولى الشعراوى في فيلته الخاصة بحى الهرم بمحافظة الجيزة، وهو طفلا ليجد حفاوة الاستقبال والكرم وينال خلالها اعجاب وتقدير فضيلة الشيخ الشعراوى به، لدرجة تحدث عنه واشادته به خلال تفسيره لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) وعن قدرات المولى عز وجل فى أن جعل لمثله المقدرة على حفظ القرآن الكريم فى هذا السن المبكرة.. ليؤكد له امام الدعاة أن أى إنسان أخذ حظه فى الدنيا كاملاً 24 قيراط فربما حرمك الله نعمة البصر ولكنه بالتأكيد أعطاك نعمة أكبر وأعظم منها بكثير وهى المقدرة على حفظ القرآن الكريم.

محطات كثيرة تصنع من قراء القرآن الكريم ، نجوم في عالم التلاوة المصرية ، وكان تكريم الشيخ ممدوح عامر فى أوائل التسعينات وهو ابن الـ7 أعوام من الرئيس الأسبق حسنى مبارك لحصوله على المركز الأول على العالم الإسلامى فى حفظ القرآن الكريم فى مسابقة شارك فيها 84 دولة، أحد أبرز المحطات في حياته خاصة بعدما أعجب به "مبارك" ليضعاف له الجائزة ويحقق حلم "الطفل المعجزة" بزيارة والديه بيت الله الحرام.

من أرض المحروسة انطلق الشيخ ممدوح عامر فى تلاوة القرآن الكريم لتكون أول دعوة رسمية له فى مدينة كفر الدوار عام 2000، ومنها لبيروت - لبنان عام 2011 ثم بعدها دولاً كثيرة فى أسيا وأوربا والعالم كله، ليسير على درب مثله الأعلى وأستاذه الذى تتلمذ على يديه ولم يراه الشيخ محمد صديق المنشاوى، الذى تعلم منه الكثير والكثير أهمها الخشوع والتصوير النغمى لمعانى القرآن الكريم، وسلاسة التلاوة والإحساس بمعانى الآيات حتى استطاع أن يوصلها لقلوب المستمعين.

تظل مدرسة التلاوة المصرية تضم العديد من الأسماء البارزة التي تعدت شهرتها حاجز الزمان والمكان.. أصوات من الجنَّة تشدو على الأرض، يمتازون بحلاوة الصوت ووضوح المخارج والتمكن من الأحكام والضوابط، فمصر هي مهد التلاوة، وغالبية مشاهير القراء مصريون علموا العالم الإسلامى أصول و"فن" التلاوة بأصوات عبقرية متفردة، وأرسى العديد منهم أسس التلاوة، وكانت تلاوتهم لآيات القرآن الكريم مثار إبهار وتعظيم لكل من استمع إليهم، واستمد من أصواتهم شغفا لفنون التلاوة والإنشاد الدينى الجميل.. وسيبقى صوت الشيخ القارئ ممدوح عامر واحد من هؤلاء المشاهير.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة