على مدار عقود، ظلت حركة التنمية فى مصر تفتقد التوازن، وتركزت فى القاهرة والإسكندرية ودوائرهما، بينما تم حرمان الأقاليم بالوجهين البحرى والقبلى، لتهميش وإهمال، وحتى داخل المحافظات كان التركيز فى البنية الأساسية والخدمات الصحية على عواصم المحافظات والمدن، وتجاهل القرى والتوابع، وظلت التحركات موسمية ترتبط بالانتخابات ولا تتجاوز الوعود، ونتيجة تركيز جهود التنمية فى العاصمة أو مراكز المحافظات، حرمت الأقاليم والمحافظات من فرص التنمية، ما جعلها طاردة للسكان، داخل المحافظات نفسها، ومن المحافظات إلى القاهرة والإسكندرية، وهو ما أنتج اختلالا عاما فى عدالة التنمية.
لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولا فى نظرة الدولة، وتبنى الرئيس السيسى، استراتيجية ممرات التنمية والتوزيع العادل للمشروعات، من خلال التوجه فى كل الاتجاهات، وتبنى سياسة تنمية مستديمة وقابلة للتوسع والاستمرار، سواء باتجاه سيناء من خلال الأنفاق والمشروعات المرتبطة بالطاقة والزراعة والنقل والطرق، ومحطات تنقية وإعادة استخدام المياه، أو استصلاح الأراضى بالوجهين البحرى والقبلى، وتم توجيه الجهد الأكبر إلى الصعيد وبإرادة واضحة، بدءا من الطرق السريعة التى تربط الصعيد بالقاهرة، وتوفر الجهد والوقت والمحاور والطرق التى تربط شرق الصعيد بغربه، وتخدم محاور التنمية الصناعية والزراعية.
وهى استراتيجية تقوم على محاور التنمية والعمران، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وتتضمن المشروعات مدنا جديدة سكنية ومناطق صناعية، ترتبط بحركة الزراعة والرى والتصنيع، بالشكل الذى يعيد صياغة التنمية بناء على وجود البشر وليس العكس كما كان متبعا فى السابق.
ومن بين محافظات الصعيد التى تشهد عملية تنمية، حظيت محافظة سوهاج باهتمام كبير من قبل الرئيس، من خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية المهمة، حيث افتتح الرئيس السيسى محور كوبرى جرجا العلوى على النيل، ومتحف سوهاج القومى، وعددا من الوحدات السكنية بمدينة سوهاج الجديدة، وبعدها محور كوبرى طما العلوى على النيل، وهى مشروعات تغير وجه التنمية فى سوهاج، أنتجت المئات من فرص العمل للشباب ووضعت سوهاج على الخريطة السياحية وقربت المسافات بين الشرق والغرب، وربطت محافظات الصعيد ببعضها، الأمر الذى سهل من عملية التبادل التجارى وأدوات الإنتاج فيما بينها، وأيضا بينها وبين مدن مصر.
ومن جديد تنتظر سوهاج افتتاح مشروع عملاق، وهو المستشفى الجامعى الجديد بمدينة سوهاج الجديدة، الذى يوفر على أهالى الصعيد مشقة السفر لتلقى العلاج بالقاهرة وغيرها.
المستشفى بتكلفة 1.1 مليار جنيه، ويضم 286 سريرا و47 سرير عناية مركزة و12غرفة عمليات، ووحدات غسيل كلوى للأطفال والكبار مع الأقسام والتخصصات المختلفة، والأجهزة والمعدات بتكلفة 320 مليون جنيه، بما يمكنه من تقديم أفضل الخدمات العلاجية للمواطن بالصعيد عموما، وسوهاج بوجه خاص، وهو على مساحة 24 ألف متر مربع مقسمة إلى 3 مبانٍ، مبنى الاستقبال والعيادات الخارجية، والمبنى التعليمى وكلية الطب، ومبنى الخدمات.
وبجانب المستشفى تأتى المنطقة الصناعية بغرب جرجا جنوب محافظة سوهاج، إحدى القلاع الصناعية الجديدة على أرض محافظة سوهاج، وتفتح آفاقا جديدة للاستثمار أمام صغار وكبار المستثمرين، حيث تم تنفيذ أعمال الصرف الصحى ومكافحة الحريق والكهرباء والاتصالات، وغيرها من مستلزمات البنية التحتية، والهدف هو دفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص عمل لأنها تجمع بين الاستثمارات الصناعية الكبيرة والمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة.
وقد تمت إقامة مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالمنطقة، ضمن مبادرة الرئيس السيسى، لتشغيل الشباب، وللتكامل الصناعى بين المصانع الكبيرة والصغيرة، وبالطبع تنضم هذه المشروعات مع المشروعات والمحاور التى تربط شرق النيل بغربه، ضمن خطط التنمية التى تهدف إلى رفع نسبة النمو، ومضاعفة العوائد وخلق فرص عمل، وتوازن بين النمو الاقتصادى والزيادة السكانية، وعدالة التنمية رأسيا وأفقيا.