قد يقول قائل، أين منطق الأولويات فى توجه الدولة أثناء رسم سياستها العامة وخططها الآنية والمستقبلية فى ظل ظروف عالمية أنتجت أزمات اقتصادية؟.. ولماذا استكمال المشروعات القومية الآن؟.. ولماذا إنشاء مدن جديدة الآن وهناك معاناة؟ .. ببساطة هذا منطق من الممكن أن يكون له وجاهته نظريا لكن عمليا فهو كل الخطر، بل بمثابة السُم فى العسل، وأنا هنا أتحدث عن أهمية المدن الجديدة كنموذج، لنعرف أهمية التنمية المستدامة وحتمية استكمال المشروعات القومية إذا كنا فعلا نريد مواجهة مشكلاتنا بشكل حقيقى وليس الهروب منها، وإذا كنا فعلا نريد حلولا جذرية وليست مُسكنات وحلول وقتية!!
نعم منطق الأولويات مهم، لكن عندما تكون الدولة لا تتمتع بقدر كبير من الموارد الطبيعية والنفطية والطاقة، مثل حال دول الخليج مثلا، وعندما تتخطى نسبة سكان دولة الـ104 ملايين نسمة، وفى زيادة سنوية تصل لـ2.5 مليون نسمة فلا خيار أمام الدولة إلا التنمية المستدامة قولا واحدا، بل أزيدك قولا، إن التنمية المستدامة هى نفسها تصبح أم الأولويات لهذه الدولة.
والسؤال هل إنشاء المدن الجديدة الآن أولوية أو يمكن تأجيلها؟.. أى دارس أو مختص يضع أمامه أرقام النسب السكانية فى مصر الآن، والخريطة السكانية والعمرانية على الوادى الضيق، ويعرف أصول الدولة ويتحلى ببعد نظر نحو المستقبل ويؤمن بحقوق الأجيال القادمة ستكون إجابته قطعا "نعم المدن الجديدة أولوية وليس رفاهية".. لماذا؟
لأن المدن الجديدة ببساطة كما قلنا أصبحت أولوية، فيكفيك أن تعرف أنها كلمة السر فى تحديث الخريطة السكانية والعمرانية، بهدف خلق فرص للتنمية الاقتصادية وتوفير بيئة عمرانية أفضل للناس، ومعالجة المشكلات الناشئة عن تكدس النمو السكانى.
ويكفيك أن تعلم، أن بناء أكثر من 23 مدينة جديدة على غرار المدن العالمية منها أكثر من 14 مدينة جديدة ضمن مدن الجيل الرابع يعزز من مواجهة التغيرات المناخية التهديد البشرى الأكبر خلال السنوات المقبلة.
ويكفيك أن تعلم أيضا، أن إنشاء المدن لجديدة من أهم المشاريع حاليا لأنها أصبحت السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة، فمثلا مدينة مثل "المنصورة" ضاقت بما رحبت، وكان لابد من وجود حل لمواجهة التكدس وزيادة الأسعار الغير معقولة بها، فكان الحل فى إنشاء مدينة المنصورة الجديدة، والكلام على نفس المدن الأخرى فى التى تشمل ربوع المحروسة.
يا ساداة .. وفقا للإحصائيات، معدل الزيادة المتوقعة فى عدد السكان سيصل إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، لذلك فإن إنشاء مدن جديدة بمثابة الحل الأمثل لكل مشاكل مصر العمرانية، لا سيما أن هذه المشاريع ستؤدى إلى رفع القدرة التنافسية للسوق المحلية، وتنقذ الدولة من الانفجار السكانى.
وأخيرا لا تنسى.. قيمة أصول مصر بعد إنشاء عدد من هذه المدن الذكية، أصبحت تُقدر ما بين 9 تريليونات إلا 10 تريليونات من الجنيهات.. أليس هذا بثمابة قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى، ويعمل على تحسين مستويات المعيشة للناس، ويساهم فى خلق فرص عمل للشباب، ويعزز من التنمية المستدامة المنشودة فى ظل مستقبل يلوح فى أفقه كثير من التحديات.