تابع العدو الإسرائيلى نشاطه على جبهتى القتال فى مصر وسوريا يوم 12 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، وشهد هذا اليوم انتهاء أسطورة خط بارليف المنيع، حسبما يذكر الفريق عبدالمنعم واصل فى مذكراته «الصراع العربى الإسرائيلى».
كان «واصل» أحد قادة الجيش المصرى العظام، وكان قائدا للجيش الثالث أثناء حرب أكتوبر، ويسجل فى مذكراته تلك اللحظات العظيمة فى حرب أكتوبر منذ بداية عبور قناة السويس يوم 6 أكتوبر 1973 وبدء عملية هدم خط بارليف الذى شيدته إسرائيل على الساحل الشرقى لقناة السويس بهدف منع عبور أى قوات مصرية.
يذكر «واصل» تفاصيل فشل العدو الإسرائيلى فى إنقاذ نقطته الحصينة ببور توفيق بواسطة مجموعة من الكوماندوز عن طريق خليج السويس، مؤكدا: «تصدت لهم الكتيبة 43 صاعقة، وأحدثت بهم خسائر كبيرة اضطرتهم إلى الانسحاب، وطلب أفراد العدو التسليم عن طريق الصليب الأحمر الدولى»، وينقل «واصل» عن كتاب «زلزال فى أكتوبر» للكاتب الإسرائيلى «زئيف شيف» نص المحادثة بين قائد حصن لسان بور توفيق والقيادة فى سيناء التى تعبر عن سوء حالة الحصن رغم المقاومة العنيدة للقوات المصرية:
القيادة : هل تستطيع الصمود ؟، قائد الحصن :أخشى أن يكون لا، حالتنا الصعبة جدا، أريد الاستسلام ..القيادة: إنى أغير القرار السابق، أنت لست ملزما بالاستسلام، ما زال الموقف يتوقف على اعتباراتكم .. قائد الحصن: كم علينا أن نصمد؟.. القيادة: لا أستطيع الالتزام بموعد ..قائد الحصن: انتظر، أليس متأخرا تغيير القرار؟.. القيادة: هذا يخضع لاعتبارات الحصن ..قائد الحصن: المسألة هى كم من الوقت على الحصن أن يصمد؟.. القيادة: هذا يخضع لقراركم، إذ قررتم الصمود، سنساعدكم بقدر ما نستطيع.. قائد الحصن: هذا لا يكفى..القيادة: هذه هى الظروف، والأمر يخضع لقراركم.. قائد الحصن: أخشى ألا أستطيع الصمود، نقرر الاستسلام.
يصف «جرانفيل واتس» أحد المراسلين الحربيين لحظة استسلام نقطة لسان بور توفيق، قائلا: «رأينا آخر موقع إسرائيلى محصن يعلن استسلامه تحت إشراف الصليب الأحمر، لقد شاهدت العديد من الجنود الإسرائيليين يخرجون من خنادقهم ودشمهم، بينما ارتفع العلم المصرى وبجانبه علم الصليب الأحمر على الموقع الإسرائيلى، وكان أول إسرائيلى نقلوه بالقوارب إلى الضفة الغربية هو قائد الموقع، وقد استسلم 37 أسيرا، بخلاف القتلى والجرحى ومنهم 5 ضباط قتلى»، يعلق «واصل» على طلب قائد الحصن الإسرائيلى فى بور توفيق التسليم عن طريق الصليب الأحمر، قائلا: «كان توقع الحصن أن قوات الصاعقة المصرية ستنتقم منهم شر انتقام فى حالة التسليم لهم، ولذلك طلبوا التسليم تحت إشراف الصليب الأحمر حفاظا على حياتهم، وتم التسليم بصورة نموذجية، ومعهم جرحاهم وقتلاهم».
يؤكد «واصل»: «بسقوط نقطة لسان بور توفيق الحصينة، انتهت أسطورة خط بارليف المنيع، وأبلغت تقديرا للموقف إلى وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل يتلخص فى: الموقف بصفة عامة فى صالح قواتنا رغم اتساع المواجهة، حيث أصبحت كثافة الدفاع المضاد للدبابات ضعيفة».
يضيف «واصل»: «استمرت أعمال قتال هذا اليوم بين هجمات مضادة للعدو ومحاولات مضيئة للاختراق فى الفاصل بين اللواءات وعلى الأجناب، ولكن قوات الجيش كانت قد تمسكت جيدا بمواقعها، وبالتالى نجحت المرة تلو الأخرى فى صد هذه الهجمات وإحباط كل المحاولات الإسرائيلية، ومن ثم تزايدت الخسائر الإسرائيلية فى الدبابات والأفراد، وكثر الأسرى الذى استسلموا تاركين أسلحتهم ومعداتهم غنيمة لقواتنا».
يرى «واصل» أن يوم 12 أكتوبر كان بمثابة نهاية فترة من الحرب، وبداية فترة جديدة حيث صدرت فيها تعليمات التطوير، يذكر: «بناء على توجيهات من الرئيس أنور السادات، قررت القيادة العامة للقوات المسلحة مساء يوم 12 أكتوبر 1973، تطوير الهجوم فى اتجاه الشرق للضغط على القوات الإسرائيلية، لإجبارها على تخفيف ضغطها على القوات السورية فى الجولان بعد أن أصبحت العاصمة السورية هدفا للغارات الجوية، وأصبحت القوات الإسرائيلية على مسيرة بضع عشرات من الكيلومترات منها، ورأت القيادة السياسية فى مصر أنه لا بد من عمل تقوم به القوات المسلحة المصرية لدفع العدو لتحويل مجهوده الرئيسى عن سوريا».
يؤكد «واصل»: «بنهاية تلك الفترة من الحرب تهاوت دعاوى التفوق الإسرائيلى التى تمثلت فى: الجيش الذى لا يقهر، والطيران الإسرائيلى ذى اليد الطولى، وخط بارليف الحصين أقوى الخطوط الدفاعية فى العالم، والنقط الحصينة التى تتحمل أقوى ضربات الطيران والمدفعية، وخزانات النابالم التى ستحرق القوات المصرية التى تحاول عبور القناة، ومن ثم ثبت خطأ نظرية الأمن الإسرائيلية، وانهار حلم الحدود الآمنة التى تصورت إسرائيل أنها قد حصلت عليها بعد انتصارها الزائف فى يونيو 1967».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة