سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 أكتوبر 1798.. الاحتلال الفرنسى يهاجم قرية «عشما» بالمنوفية ويقتل «أبوشعير» زعيم المقاومة فيها وأولاده وإخوته

الجمعة، 20 أكتوبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 أكتوبر 1798.. الاحتلال الفرنسى يهاجم قرية «عشما» بالمنوفية ويقتل «أبوشعير» زعيم المقاومة فيها وأولاده وإخوته أبوشعير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الاحتلال الفرنسى لمصر يواصل محاولات تثبيت سلطاته على كل أرجاء البلاد بالقوة منذ قدومه بقيادة نابليون بونابرت، وكانت مقاومة المصريين تشتد، ما جعله يأمر قواده بإنزال أشد العقوبات على القرى الثائرة كما حدث فى مديريتى المنوفية والغربية، ويذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته « تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر»، أن نابليون عين الجنرال «زايونشك» قومندانا للمنوفية، والجنرال فوجيير قومندانا للغربية ليتوليا إخضاع المديريتين.
 
يوضح «الرافعى» كيف أدى الاثنان المهمة؟ وكيف كانت مقاومة المصريين ضدهما، قائلا، أن نابليون كتب إلى الجنرال «زايونشك» بتاريخ 4 أغسطس سنة 1798 ينبئه بسفر الجنرال «فوجيير»، ويقره على إعدام خمسة من الأهالى فى كل قرية من القرى الثائرة، ويقول نابليون فى رسالته: «أصدروا أوامركم بأن تقدم لكل قرية جوادين من خير الجياد، وأيما قرية لم تفعل ومضت خمسة أيام من إعلانها بالأمر ضربت عليها غرامة ألف ريال، وأن هذه لهى الطريقة الفعالة للحصول على خمسمائة من الجياد تسد من حاجتكم، وعليكم عند طلب الخيل أن تطلبوا كذلك عدتها من الركاب واللجام لتتوافر لكم فى الحال فرقة من الخيالة، فإنها الوسيلة الوحيدة لإخضاع هذه البلاد».
 
يذكر «الرافعى» أن الجنرال «فوجيير» سار من القاهرة مساء 5 أغسطس 1798 وقصد منوف ثم غادرها قاصدا الغربية يوم 13 أغسطس، وفى الطريق اصطدم بقريتى «غمرين» و«تتا»، ثم ذهب إلى المحلة الكبرى، ثم طنطا التى ظهر فيها الهياج والثورة أوائل أكتوبر 1798، وأجمع أهلها على الامتناع عن دفع أى ضريبة أو غرامة، ونبه الجنرال «فوجيير» نابليون بأن الثوار فى طنطا استعانوا بالعرب، فكلفه نابليون بأن يأخذ الرهائن منهم لإخضاعهم، وإن لم يذعنوا فلينكل بهم، وعزم نابليون على تجريد حملة بقيادة الجنرال لانوس الذى عين قومندانا للمنوفية خلفا للجنرال زايونشك، وسار بقواته إلى العرب فى سنباط، حيث يرابطون بها ليحاربهم وينتزع منهم الرهائن والأسلحة.
 
قاومت قرية «عشما» وهى من بلاد مركز شبين الكوم بالمنوفية الفرنسيين، وقاد مقاومتها رجل اسمه «أبوشعير»، ويذكر «الرافعى» أن الجنرال لانوس هاجم القرية لإخضاع زعيمها المشهور «أبوشعير» الذى اتهمه الفرنسيون بعدائه لهم، وسار «لانوس» بحملته إلى «عشما» ليلة 20 أكتوبر، مثل هذا اليوم 1798، ووصلها الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وفاجأ مخفرين من المخافر التى وضعها أبوشعير حول القرية لحراستها، فتخطاها حتى وصل إلى مدخل البلد، وهناك التقى بمخفر ثالث أطلق رجاله الرصاص على الفرنسيين.
 
تمكن «لانوس» من تطويق «عشما» بجنوده، ومحاصرة منزل أبوشعير، ووصفه بأنه قصر محصن تحصينا تاما بالنسبة لحالة البلاد، وعلم أبوشعير بوصول الفرنسيين، فركب فى رهط من رجاله استعدادا للقتال، وسعى لانوس فى أخذه بالحسنى، ولكنه أجاب بإطلاق الرصاص على الفرنسيين، فأمر لانوس رجاله باقتحام أسوار القصر.
 
يضيف «الرافعى»: «أدرك أبوشعير أنه واقع لا محالة فى أسر الفرنسيين، فأمر جنوده أن يطلقوا النار على الجنود ليشغلهم عن نفسه ويلوذ بالفرار، وتمكن من تسلق الأسوار ثم ألقى بنفسه فى الترعة وقطعها سباحة، ولكنه لم يكد يصل إلى عدوتها الأخرى حتى أصابته رصاصة قتلته، والظاهر أن الفرنسيين عدوا قتل «أبوشعير» انتصارا كبيرا فقد ابتهج له الجنرال لانوس، وأرسل إلى نابليون بتاريخ 23 أكتوبر 1798 ينبئه بمصرعه، ويذكر عنه أنه لحق الجيش الفرنسى منه أذى كبير، ووجدوا بمنزله بعض شارات للضباط الفرنسيين، ولعل هذا هو سبب اتهام الفرنسيين له بالسطو»، ويعلق الرافعى: «هى تهمة ينسبونها لمعظم من حاربوهم أو قاوموهم».
 
يذكر الرافعى ما قاله الجنرال لانوس عن «أبوشعير»، قائلا، إنه كان واسع الثروة، ويمتلك عشرين قرية، وكان فى سطوة، وإذا مشى سار معه ألف ومائتا رجل بسلاحهم، واعترف «لانوس» فى رسالته لنابليون أنه لولا مفاجأته لـ «أبوشعير» فى قريته، لما استطاع أن يظهر عليه، ولو هو علم بمقدم الفرنسيين وأعد لملاقاتهم لأصابهم منه جهد وشدة وأذى، واستولى لانوس على ما وجده فى القصر من الأسلحة، ومنها ثلاثة مدافع وعدد كبير من البنادق، وأحصى ممتلكاته فى عشما والقرى الأخرى، ولكنه لقى مقاومة شديدة من الأهالى فى سلامون وسرسنا، وكادوا يقتلون مترجم الجنرال والمباشر الذى كان يرافقه، وألقى لانوس القبض على اثنين من إخوة «أبوشعير» وبعض حاشيته، وأرسلهم إلى نابليون ليقررهم عن المكان الذى خبأ فيه «أبوشعير» أمواله، وأشار نابليون إلى لانوس فى رده على رسالته بأن يقتلهم بعد ذلك لما ارتكبوه من الاعتداء.
 
ينقل «الرافعى» ما ذكره الجبرتى عن احتلال عشما، قائلا: «ضربوا كفر عشما وقتلوا كبيرهم المسمى بأبى شعير، ونهبوا داره ومتاعه وبهائمه، وكان شيئا كثيرا جدا، وأحضروا إخوته وأولاده وقتلوهم ولم يتركوا منهم سوى ولد صغير جعلوه شيخا عوضا عن أبيه». 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة