استراتيجية الاستثمار في الحروب والأزمات من ضمن المرتكزات التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الماضية، لذلك ظنى أن بعد عملية طوفان الأقصى التي أحدثت صدمة كبرى للكيان الإسرائيلي، قررت إسرائيل والولايات المتحدة تطبيق هذه الاستراتيجية بدأتها بالانتقام وذلك باتباع سياسة الأرض المحروقة للثأر ولحفظ ماء الوجه ثم الاستثمار في الحرب، وذلك من خلال تحويل ما حدث إلى فرصة لتحقيق مصالح وأهداف استراتيجية سواء للغرب وأمريكا وبالتأكيد لإسرائبل، وهو ما يترجمه القصف الجنونى والعشوائى من قبل الكيان الإسرائيلي واتباع وسائل الإبادة والضغط على سكان غزة للنزوح واللجوء إلى التهجير، بالدعم اللامحدود عسكريا وسياسيا وإعلاميا ودبلوماسيا من قبل الولايات المتحدة وأتباعها في الغرب.
والمتتبع لسياسة إسرائيل وتنصلها الدائم منذ 1948 من إقامة دولة فلسطينية، ورفضها المستميت لعودة اللاجئين، والاستمرار في الممارسات الاستفزازية والاعتقالات المستمرة واتباع سياسة الاغتيالات والتوسع في الاستيطان، وضرب قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، وكذلك اتباع سياسة الكذب والمراوغة وتعزيز انقسام الداخل الفلسطيني، لا يجد أي مبرر لما يحدث إلا تصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي عندما تأتى عملية كبيرة ويقتل فيها المئات من الإسرائيليين وأسر العشرات وخلق حالة تعاطف دولى، ثم يأتى دعم لا محدود من قبل الولايات المتحدة والغرب أعتقد أن الفرصة باتت سانحة وبقوة أمام إسرائيل لتحقيق أهدافها، ليكون السؤال، هل من الممكن استثمار هذه الأزمة؟
وما يدلل على هذا الطرح تعنت إسرائيل وعدم رضوخها للمطالبات الدولية بإعلاء الجانب الإنسانى وإدخال المساعدات للقطاع، وعدم فتح الباب أمام أي مسار سياسى أو تفاوضى لم يأت من فراغ، ما يعكس رغبتها فى توظيف ما يحدث واستغلال الدعم الأمريكي والغربى الكبير، لأنه من المعلوم أن إسرائيل تكون قابلة للبقاء عندما يكون هناك دعم أمريكى لا محدود وانقسام لا محدود في فلسطين وغياب عربى أيضا لا محدود، لذلك هي تسعى أن توظف كل هذه لصالح استراتيجياتها في الحرب الدائرة الآن في غزة.
وظنى أنها لا تلقى بالا لا بحياة الأسرى أو الرهائن بقدر اهتمامها بتحقيق مكاسب كبيرة من الحرب والاستفادة من الوقت بإبادة القطاع وتعزيز الانقسام وفرض كلمتها على طاولة التفاوض، خاصة أنها تعتقد أن لديها الذريعة التي تمكنها من تحقيق ما تريد وهو حق الدفاع والأمن ومحاربة التنظيمات والحركات الإرهابية.
وهو ما يجب أن يُدركه العرب والفلسطينون والمجتمع الدولى، بأن القصة ليس قصة حرب على حركة مسلحة أو رد فعل على هجوم مسلح بقدر ما هو توظيف لاستراتيجية الاستثمار في الحروب، فالهدف هو تصفية القضية الفلسطينية هذا ما تريده إسرائيل، وإحياء الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط ووقف نفوذ قوى عظمى منافسة في منطقة الشرق الأوسط وهو ما تريده الولايات المتحدة والغرب.
لذا، ليس أمام الفلسطينيين إلا توحيد الصف وإنهاء الانقسام وإعلاء مصلحة فلسطين فوق كل اعتبار لتحقيق حلم إقامة الدولة المنشودة، وليس أمام العرب إلا التحدث بصوت واحد، وموقف واحد، وهو منع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية وذلك بمحاصرة تلك الحرب وإنهائها، ومنع تمددها..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة