سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أكتوبر 1977.. السادات يطلب «خيط دوبارة» من الرئيس الرومانى شاوشسكو ويفاجئ وزير خارجيته إسماعيل فهمى بالتفكير فى زيارة إسرائيل

السبت، 28 أكتوبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أكتوبر 1977.. السادات يطلب «خيط دوبارة» من الرئيس الرومانى شاوشسكو ويفاجئ وزير خارجيته إسماعيل فهمى بالتفكير فى زيارة إسرائيل السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل الرئيس السادات إلى العاصمة الرومانية «بوخارست»، فى 28 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1977، وكان فى استقباله الرئيس الرومانى شاوشسكو، ثم توجه السادات والوفد المرافق معه إلى سيناء، وهى قرية تبعد حوالى مائة كيلو متر عن العاصمة الرومانية بوخارست، حسبما يذكر إسماعيل فهمى، وزير خارجية مصر، فى مذكراته «التفاوض من أجل السلام فى الشرق الأوسط»، مضيفا: «كان لقرية سيناء جاذبية رومانسية خاصة عند الرئيس السادات، فقد سميت باسم سيناء المصرية، كذلك لأنها كانت منتجعا مليئا بالخضرة».
 
كان «فهمى» وزيرا للخارجية منذ أواخر شهر أكتوبر 1973، واستقال فى نوفمبر 1977 احتجاجا على مبادرة السادات للسفر إلى إسرائيل، ورافق السادات فى رحلته إلى رومانيا، وشملت معها إيران والسعودية، ويكشف فى مذكراته أسرار التوقيت الذى اتخذ فيه السادات قراره بالسفر إلى إسرائيل.
 
يشكك «فهمى» فى رواية السادات التى أوردها فى مذكراته «البحث عن الذات»، بأن موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، سأله عن الوقت الذى تبادرت فيه فكرة السفر إلى القدس، فأجاب بأن الفكرة تبادرت إلى ذهنه بطريقة روحانية، أثناء طيرانه فوق السحب فى الطريق من تركيا إلى طهران، وأنه اتخذ قراره النهائى خلال فترة الطيران من العاصمة السعودية الرياض إلى القاهرة».
 
يؤكد «فهمى» أن حديث السادات لديان لا صحة له مطلقا، ويذكر شهادته هو عن هذا الحدث، الذى أدى إلى تغيير جذرى فى المنطقة، قائلا: «فى اليوم التالى لوصولنا إلى «سيناء الرومانية»، أخبرنى السادات بالتفصيل عن اجتماعه بالرئيس الرومانى شاوشسكو، فقد أراد شاوشسكو أن يكون همزة وصل بين مصر وإسرائيل، وفى واقع الأمر أنه كان قابل بيجين، رئيس الحكومة الإسرائيلية، ثم دعا السادات بعد محادثاته مع الزعيم الإسرائيلى، وكان «بيجين»، طبقا لكلام شاوشسكو، مصمما بجدية على إتمام معاهدة سلام مع مصر، قائلا: إن بيجين رجل قوى وجاد إذا ما رغب فى العمل ».
 
يضيف «فهمى»: «هكذا ادعى شاوشسكو، كما أطلع بيجين الرئيس الرومانى على خطط السلام فى الشرق الأوسط بخرائط كتب عليها جميع أسماء المدن والمساحات بالعبرية»، يتذكر «فهمى» أن بيجين طلب من شاوسسكو معرفة رد فعل السادات بالنسبة لحل المشكلة الفلسطينية، يؤكد: «اقترحت إسرائيل خلق كيان فلسطينى صغير فى مقابل ضم الضفة الغربية وقطاع غزة ضما نهائيا إلى إسرائيل، على أن يكون الكيان الفلسطينى نفس مساحة غزة، غير أنه يبدأ من حدود لبنان متجهة نحو الجنوب موازيا للبحر الأبيض المتوسط». يضيف «فهمى»:  «بعد أن استمع السادات لهذا العرض الإسرائيلى الغريب، سأل شاوسسكو إذا كان عنده «مسطرة» حتى يستطيع القياس على الخريطة، مدى امتداد هذا الكيان الفلسطينى من جنوب الحدود اللبنانية، ومقارنته بقطاع غزة، غير أنه لم يكن عند شاوشسكو «مسطرة»، وهنا قال السادات: إننا فى مصر عندما لا نجد «مسطرة» نستعمل قطعة من «خيط الدوبار»، ونحاول أن نقارن المقاييس على الخريطة، ووجد شاوشسكو قطعة من «الدوبار»، وبالمقارنة أدرك السادات أنه إما بيجين قد جن، وإما عرضه غير جاد، فالمساحة المقترحة كانت ضئيلة جدا».
 
يذكر «فهمى» أنه عندما نقل الرئيس السادات إليه هذه التفصيلات بأجمعها، أجابه: «إن بيجين غير جاد، وأن هدفه هو ضم الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا حاجة لنا مناقشة عرض بيجين مع الفلسطينيين لعلمنا بأنهم سيرفضونه بأكمله»، يضيف «فهمى»: «كنا فى قصر الضيافة فى «سيناء» الرومانية، عندما بدأ الرئيس السادات وهو ما زال فى ملابس النوم يناقشنى هذه الفكرة، ثم أعلن فجأة قائلا: «أود أن أعرف ما رأيك فى رحلة خاصة إلى القدس وإلقاء خطبة فى الكنيست».
 
يصف «فهمى» رد فعله، قائلا: «أعترف بأننى أخذت على غير غرة، غير أن معرفتى بالرئيس السادات جعلتنى أسأل: «وما الغرض من هذه الرحلة؟»، فأجابنى: «لا شىء إلا الذهاب فقط إلى القدس وإلقاء خطاب ثم العودة»، يضيف «فهمى»: «لما لم يكن هناك أى تفسير مقنع، فقد أجبت قائلا: «هل الغرض من زيارتك للقدس بعمل إعلامى ضخم؟»، ثم أضفت قائلا: «لو أن هذا الغرض فإنك لا شك ستحصل على دعاية من الدرجة الأولى، خاصة فى أوروبا الغربية ولا سيما فى الولايات المتحدة، حيث تأثير الإسرائيليين على وسائل الإعلام عظيم».
 
يذكر «فهمى» أن السادات لم يسعد برده هذا واستمر يهمهم: «حركات إعلامية، حركات إعلامية»، ثم تساءل: «ماذا تعنى فى الحقيقة بقولك حركات إعلامية؟»، فأجبت قائلا: «إن ما أعنيه بالتحديد أن نجاح هذه الزيارة سيكون عظيما حقا من ناحية الدعاية فى وسائل الإعلام من جرائد وتليفزيون وتصوير».
 
هدأ رد الفعل عند «السادات »، لكنه عاد أكثر من مرة يقول: «كلا، كلا»، مضيفا: «خلال المناقشات حاولت بصدر رحب تفهم عرض السادات، كذلك حاولت التأثير عليه بأن رغبتى فى السلام لا تقل عن رغبته، وذكرته بأن ليس لدينا إلا كارتان نلعب بهما، أحدهما الاعتراف بإسرائيل، والثانى إنهاء حالة الحرب، ولو ركبنا طائرة وذهبنا بها إلى القدس، فهذا عمل ينطوى تلقائيا على الاعتراف بإسرائيل وإنهاء حالة الحرب، فنحن نلعب بكارتين أساسيين فى السياسة دون أن نجنى أى شىء، فالمكسب كله يعود لمصلحة إسرائيل، كما تتضاعف قوتهم فى المساومة، كذلك فإننا سنثير ثائرة العرب والفلسطينيين، كما أننا لن نستطيع التقهقر إذا ما ذهبنا إلى القدس، ولن يكون هناك مجال لنكث العهد يا سيادة الرئيس».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة