رغم مواصلة الكيان الصهيوني شن حربه الهمجية بإطلاق قذائف وصواريخ لقتل أرواح بريئة، تبقى غزة صامدة ومعتصمة ومتيقنة من النصر مهما طال أمد الصراع، وكل يوم تضع العالم كله أمام مشاهد من الخزى والعار، وتؤكد المؤكد بأن المجتمع الدولى بذراعه القانوني – مجلس الأمن – أصبح في مقعد المتفرج المشلول أمام كيان محتل ممارسته وانتهاكاته وسياسته تجعل هذا القانون الدولى مجرَّد حبر على ورق، وأن حقوق الإنسان نكتة سخيفة لا أكثر، فأطفال غزة ليسوا كأطفال أوكرانيا، وأن السلام والأمن الدوليين أضحوكة كبرى توظفها الولايات المتحدة والغرب في خدمة مصالحهم ونفوذهم.
ورغم هذا الخزى يأتي شعاع ضوء وسط هذا الظلام الدامس المليئ بازدواجية المعايير وتعدد بؤر الصراعات بأن تحرير فلسطين ممكن، وأن عملية طوفان الأقصى مجرد بداية في عمليات التحرير الوطنى، فلما لا..! وقد أعادت بوادر الأمل من جديد وأحيت قضية باتت في طى النسيان، وبات المجتمع البحثى العالمى يتحدث عنها ويدرسها ويكتب عنها ويُحلل نتائجها.
لتثبت غزة أن الأمر يتوقف على الإرادة لا أكثر، فمن يُريد يستطيع، هكذا أثبتت عملية طوفان الأقصى وهو ما يقدمه الشعب الفلسطيني ومقاومته من صمود في المواجهة وتحمله للصعاب رغم ظلام القصف وجنونه وعشوائيته، فالمسألة إذن لم تتعلق بالإمكانيات.
فمن كان يتخيَّل أن غزَّة المحاصرة بإمكانها أن تفعل هذا أمام جيش نظامى لم يكف في ليله ولا نهاره عن الحديث على أسطوريته وقدرته وإمكانياته وتسليحه، ليس هذا فحسب وإنما صمود غزة وأهلها أمام أكبر قوى في العالم جاءت لتساند هذا الجيش المحتل داعمة له بحاملات طائرات وبوارج وصواريخ بل بل ومشاركة في إداراة الحرب من أرض المعركة وداخل غرفة عمليات مجلس الحرب الإسرائيلي بجنرلات ورجال استخبارات.
نعم إنها الإرادة التي تجلّت على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام، ليرى العالم أن الخنساء لم تمت، فها هي آلاف الأمهات يقدمن أولادهن في سبيل الله صابرات محتسبات، وها هي أطفال الحجارة يواجهون أعتى الجيوش صامدون أعزاءـ وها شباب المستقبل نسوا أنهم أطفال وبلغوا مبلغ الرجال يجمعون أشلاء آهاليهم وأحبابهم ويحمدون ربهم على حالهم.
نهاية.. ما يمتلك الإرادة قطعا سيمتلك النصر ولو بعد حين، وأن ما حدث في غزة أكد بالدليل القاطع أن ليس هناك من يُنافس الإنسان الغربى المتحضِّر في سفك الدماء والتدمير والقتل لتنكشف الأقنعة عن هذه الحضارة المزيفة.. وكل هذا كان بفضل غزة