تتناول سلسلة حلقات "حكايات من غزة" التي يقدمها "اليوم السابع" لرصد تداعيات العدوان الإسرائيلي على القطاع عددا من القصص الإنسانية والحكايات المؤثرة، وسنتناول اليوم قصة شباب فلسطيني عائد من الموت بعد إنقاذه من تحت الأنقاض بأعجوبة.
تحدث الشاب الفلسطيني يوسف عبد الحكيم لـ "اليوم السابع" عن قصف منزله في غارات للطيران الحربي الإسرائيلي، مؤكدا أن جيش الاحتلال أفسد عليه فرحته التي كانت مقررة يوم 20 أكتوبر الماضي بزفافه على خطيبته التي ارتبط بها عبر خطبة في نوفمبر 2022.
يروي لنا الشاب الفلسطيني تفاصيل ليلة 27 أكتوبر الماضي، الأصعب عليه بعد قطع الاحتلال الاتصالات والانترنت عن كامل قطاع غزة، مشيرا إلى أن غالبية المواطنين يرددون الأذكار والأدعية ليحفظهم الله من القصف العشوائي، مشيرا إلى نزوح أسرة خطيبته إلى منزلهم في اليوم الخامس للحرب، حيث تعرضوا لأخطار كبيرة في المنطقة التي يسكنون بها.
فظائع بحق الفلسطينيين
وأوضح الشاب الفلسطيني أنه كان يجهز لحفل زفاف الذي كان من المقرر في 20 أكتوبر الماضي حيث تمكن من إنهاء كافة الترتيبات لحفل الزفاف يوم الخميس الموافق 5 أكتوبر الماضي، مضيفا: أنا شاب من أسرة متواضعة ماديا وقد توفي والدي في 2020 بسبب مرض عضال لم يمهله كثيرا .. أعمل سائق سيارة أجرة وأنفق على أسرتي وارتبطت بخطيبتي في نوفمبر 2022 وطالت الخطبة لأن الوضع المادي صعب جدا وعندما انتهيت من منزلي كان يفترض إقامة حفل الزفاف لكن عدوان الاحتلال أفسد فرحتي.
وشرح المواطن الفلسطيني الوضع في غزة مع اشتداد القصف الإسرائيلي، مؤكدا أن سكان غزة لا ينامون بسبب شدة القصف والانفجارات حيث يكون النوم متقطعا تماما ولا يتجاوز ساعة أو ساعتين على الأكثر، وتابع بالقول: لا أنام إلا بعد الاطمئنان على كافة أفراد الأسرة ثم أذهب للنوم في وقت متأخر .. أرى أنه من واجبي أن أشعرهم بنوع من الأمان .. بمجرد دخولي لغرفة كي أنام وكان ذلك على تمام الثانية صباحا تم استهداف منزلي وقصفه.
يروي الشاب الفلسطيني تفاصيل ما حدث وسط خلفية من أصوات الانفجار العنيفة في غزة: لحظة قصف طيران الاحتلال للمنزل كنت أتابع آخر الأخبار وإذا بصوت صاروخ يسقط علينا .. الصاروخ كان صوته غريب للغاية وفجأة أصبحنا جميعا تحت الأنقاض .. سقوط الصاروخ علينا كان بمثابة جمرات النار التي تحرق أجسادنا .. غطى الركام جسدي بشكل كامل حتى حضر جيران لنا لإنقاذنا من تحت الأنقاض حيث تهدم منزلنا المكون من أربعة طوابق بشكل كامل .. كنت أقيم في الطابق الثاني ومكثنا تحت الأنقاض فترة طويلة حيث تم مسح منزلنا بشكل كامل من القصف العنيف للاحتلال.
وأوضح أنه تعرض لإصابات في رأسه مع جروح وحروق في الجسد وتحديدا قدميه مع كسر في قدمه مع تسجيل حروق كبيرة، مشيرا إلى أن شقيقيه تعرض للقصف أيضا ما أدى لكسر في قفصه الصدري لأحدهم، فيما تعرض شقيقي الآخر لحروق في جسده وقدميه، مضيفا: أمي وأسرة زوجتي كانوا بغرفة بعيدة عن القصف وهم بصحة جيدة .
فظائع بحق الفلسطينيين (4)
ولفت إلى أن المنازل التي تقصف لا يشعر سكانها بأي قصف لكننا نتأكد أنه تم قصفنا بعد سقوط الحجارة والركام على السكان، موضحا أنه تلقى الإسعافات الأولية في المستشفى بعد انتشاله من تحت الأنقاض، وتابع بالقول: سقط شهداء من أبناء عمومتي وأبنائهم .. بعد القصف انتشلني من تحت الأنقاض أحد أقاربي ونقلني بسيارته لأن انقطاع الاتصالات والانترنت يعزل غزة بشكل كامل ولا تستطع الاتصال بوحدات الدفاع المدني لإنقاذ أي محاصرين تحت الأنقاض.
وأشار إلى أنه بمجرد دخوله إلى المستشفى لاحظ تكدس المصابين مع قلة الأطقم الطبية من أطباء وغيرهم، وتابع قائلا: مكثت حوالي ساعتين وفي الأخير حضر أحد أقاربي وقام بتنظيف جرحي بالمحلول الملحي والمعقم .. المستشفيات في غزة وضعها صعب جدا جدا في ظل نفاذ المواد الضرورية للجرحى والمصابين.
فظائع بحق الفلسطينيين (5)
وتابع الشاب الفلسطيني شرحه لحالة مستشفيات غزة بالقول: تم تنظيف جرحي ووضعت القطن وقد فقدت توازني وحاولت الجلوس في أي مقعد داخل المستشفى التي كانت تعج بمئات المواطنين والجرحى، وبعد محاولاتي الحثيثة توجهت إلى الشارع ونمت ليلتي هناك، ولم يبتكني جيراني وتحركوا لمساعدتي ووقتها لم أتناول أي طعام أو شراب .. الاحتلال دمر أحلامي ووأد مشروع زفافي وكل شيء تدمر حرفيا.
فظائع بحق الفلسطينيين (7)
وتابع الشاب الفلسطيني شرح حالته النفسية: لا توجد كلمات توصف لك ما أنا فيه الآن .. تدمرت حياتي وأعاني كثيرا بسبب الإصابات التي تعرضت لها نتيجة القصف الإسرائيلي .. أعتقد أني لن أتمكن من المضي إلا بعد فترة.. نزحت أنا وأمي وأختي وأخي المصاب إلى المنطقة الوسطى ولدى شقيقين اثنين يتلقيان العلاج في المستشفى حتى الآن بسبب إصاباتهم الدقيقة.
ووصف الشاب الفلسطيني، ما حدث خلال النزوح إلى المنطقة الوسطى بغزة، مؤكدا أنه خلال توجههم للمنطقة الوسطى استهدف طيران الاحتلال الإسرائيلي السيارة التي أمامهم حينها توقفت و"أنا أشاهد ما يجري وقد تقينت أنني سيتم قصفنا بواسطة طيران الاحتلال .. ظهرت سيارة إسعاف تحمل جرحى وتحركنا خلفها وكتب لنا عمر جديد.. أتحدث معك الآن ويمكن أن نقصف في أي لحظة لأن غزة لا يوجد بها أي مكان آمن بسبب شدة القصف"، وتابع في نبرة حزن: نزحنا إلى منزل أختى المتزوجة حيث لا ماء ولا كهرباء والوضع الاقتصادي صعب جدا .. أعاني كثيرا من عدم توافر المياه لتنظيف جسدي من الدماء التي انتشرت به عقب القصف .. نلجأ في مرات عدة لشرب مياه غير صالحة للشرب.
ووصف المواطن الفلسطيني العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه مختلف تماما عن الحروب الستة السابقة، موضحا أنه تعرض للموت مرتين في قصف سابق لجيش الاحتلال ولا تزال آثار البارود داخل جسده نتيجة القصف، كاشفا عن وجود أزمة اقتصادية كبيرة مع عدم قدرة المواطنين على توفير الطعام والشراب، وتابع: غير قادر على وصف ما حدث معي أبدا ولا توجد كلمات وصف ذلك.. عمري 27 سنة وتدمرت أحلامي وكذلك منزلي.
وتحدث المواطن الفلسطيني أنه يفكر في مرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي حيث لا يتوفر لهم منزل تقيم فيه أسرته مكان لإتمام زفافه حيث دمر الاحتلال الإسرائيلي حياته تماما، موضحا أن القصف في غزة يشتد بشكل جنوبي ويتخوف الجميع من الاستهداف الإسرائيلي العشوائي لمنازل المدنيين.
فظائع بحق الفلسطينيين (8)
فظائع بحق الفلسطينيين (9)
فظائع بحق الفلسطينيين (10)
فظائع بحق الفلسطينيين (11)
فظائع بحق الفلسطينيين (12)
فظائع بحق الفلسطينيين (13)
فظائع بحق الفلسطينيين (3)