أكد فولكر تورك المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة اليوم الخميس، أن ما يحدث فى قطاع غزة يعد كارثة إنسانية وحقوقية ويمثل انهيارا للقيم الإنسانية..مشددا فى الوقت ذاته على أن التهجير القسرى والعقاب الجماعى للفلسطينيين فى غزة محظور بمقتضى القانون الدولى كما الحال في الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.
وطالب تورك ، فى إحاطة غير رسمية للدول الأعضاء بالأمم المتحدة في جنيف عقب زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي ، بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وضمان حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
وقال "إنه شعر بالصدمة خلال زيارته لمستشفى العريش عندما زار المصابين من قطاع غزة والذي وصف حالتهم بالخطيرة" ..محذرا من النضوب الكامل لإمدادات الوقود في قطاع غزة ، وفقاً للأونروا، .
كما حذر من أن الوضع فى جميع أنحاء غزة سيكون كارثيا ؛ مما يؤدي إلى الانهيار الكامل للمياه والصرف الصحي وخدمات الرعاية الصحية الحيوية وإنهاء المساعدات الإنسانية التي تم السماح بها حتى الآن"..قائلا :"يبدو أن تفشي الأمراض المعدية والجوع على نطاق واسع أمر لا مفر منه".
ولفت تورك إلى أن سكان غزة الذين ظلوا على مدى سنوات يعانون من الفقر المدقع خلف أسوار الأسلاك الشائكة يعانون من القصف الذي تشنه قوات الأمن الإسرائيلية بقوة نادرا ما شهدها العالم في هذا القرن .
وحول مقترح ما يسمى بالمنطقة الآمنة .. اعتبر المفوض السامى هذا المقترح أنه لا يمكن الدفاع عنه حيث أن تلك المنطقة ليست آمنة ولا مناسبة لعدد الأشخاص المحتاجين..قائلا : "يجب على جميع الأطراف في كل صراع وفي جميع الأوقات التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية".
وشدد على أن الهجمات الموجهة ضد المدنيين أو الأهداف المدنية المحمية – المستشفيات والمدارس والأسواق والمخابز التي تشكل شريان الحياة – محظورة بمقتضى القانون الدولي.
وقال المفوض السامى : إن الإدعاءات الخطيرة للغاية المتعلقة بالانتهاكات المتعددة والعميقة للقانون الانساني الدولي أيا كان مرتكبها تتطلب تحقيقا صارما ومساءلة كاملة .. قائلا : "إنه عندما تثبت السلطات الوطنية عدم رغبتها أو عدم قدرتها على إجراء مثل هذه التحقيقات وحيثما تكون هناك روايات متنازع عليها حول حوادث ذات أهمية خاصة فإن الأمر يستدعي اجراء تحقيق دولي".
وحذر تورك من اتساع نطاق الصراع إلى مناطق أخرى في المنطقة .. معربا عن قلقه البالغ إزاء تصاعد أعمال العنف والتمييز الشديد ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية .. قائلا : "إن هذا يخلق وضعا قابلا للانفجار".. لافتا إلى أن هذا الوضع تجاوز مستوى الإنذار المبكر وأنه يدق أعلى جرس إنذار.
وأشار إلى أن الأزمة الحالية تشكل صدمة عالمية أخرى للنظام المتعدد الأطراف حيث تزيد من استقطابه وتخلق انقسامات أعمق مع ما يترتب على ذلك من عواقب لا تطاق بالنسبة للحلول التي تحتاج إليها البشرية بشدة .. محذرا من أن هذا الاستقطاب هو فخ وأنه على كل واحد أن يسعى جاهدا لإيجاد أرضية مشتركة لحل الأزمة.
وقال تورك : إنه وعلى مدى سنوات تم تجاهل تحذيرات مكتبه وآخرين بشأن الوضع المتفجر في الأرض الفلسطينية المحتلة ، ولا سيما غزة ، وكذلك التوثيق الدقيق لانتهاكات حقوق الإنسان على مدى سنوات عديدة ، كما تم تجاهل التوصيات بشأن وقف التصعيد والمساءلة والعدالة ليس فقط في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة ولكن من قبل الدول ذات النفوذ على أطراف هذه الأزمة".
وأضاف المفوض السامى : إن التطرف فقط هو من يستطيع أن ينتصر في حرب قتل فيها هذا العدد الكبير من الأطفال .. مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن 2712 الذي تم اعتماده أمس ويدعو إلى هدنة إنسانية عاجلة وممتدة وممرات في جميع أنحاء قطاع غزة من بين المطالب الرئيسية الأخرى للأطراف ضروري للغاية.
وحث تورك الأطراف على التنفيذ الفوري لدعوات المجلس .. كما دعا جميع الدول ذات النفوذ أن تسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة لإضعاف المتطرفين من خلال تقديم الأمل وبناء سلام دائم من خلال العدالة وضمان المساواة في الحقوق.
وقال : "يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار لأسباب انسانية ولأسباب تتعلق بحقوق الإنسان ، وإنهاء القتال ليس فقط لتوفير الغذاء والمياه التي تشتد الحاجة إليها ولكن لإفساح المجال لمسار للخروج مما وصفه بالرعب.
وأكد على أن هناك حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية السريعة ودون عوائق في جميع أنحاء غزة بما في ذلك الوقود وبالحجم المطلوب .. قائلا : "يجب تسهيلها - بما في ذلك من خلال المعابر الإسرائيلية مثل كرم أبوسالم .. مطالبا بوصول ممثلي مكتبه إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها غزة لضمان المراقبة والتوثيق الكامل والمستقل ولتنسيق أعمال الحماية.
ودعا تورك السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ تدابير فورية لضمان امتثال قوات الأمن لالتزاماتها كقوة احتلال لحماية الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك كبح العنف الذي يرتكبه المستوطنون ومعاقبة ..مشددا على ضرورة معاقبة المتورطين في مثل هذه الانتهاكات.