ابتدع الغربيون والولايات المتحدة ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية ونجحوا نجاحا باهرا فى جنى ثمارها لدرجة أنها حققت لهم مكاسبا ومصالحا ونفوذا لم تحققه جيوشهم العسكرية ولا أساطيلهم الحربية بعد أن حولوا هذه الذريعة إلى سلاح فتاك لا تضاهييه القنبلة النووية، فلك أن تتخيل كيف مكنتهم هذه الذريعة في الهيمنة على العالم، ومن بسط نفوذهم على البسيطة كلها بعد أن حققت لهم نصرا كبيرا في الحرب الباردة، ومدى تحكمهم في مصائر شعوب ودول وحكومات.
والعجيب، أن هذا الذريعة أو تلك السلاح لا يكلفهم إلا آلة إعلامية تُسوق له، وخطابات رنانة، واصطلاحات خادعة، وعبارات كاذبة لتمكنوا من التدخل في شئون الدول الداخلية من أجل إخضاعها، وإجبار هذه الدول على الدوران في فلكهم الخاص وذلك للابتزاز اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
بل أزيد القول، إنهم هيأوا المجتمع الدولى بأثره إلى بيئة انتهازية، وجعلوا من منظماته الدولية والحقوقية وسيلة انتهازية يقومون بتطبيقها بشكل انتقائي محض، فيطبقونها هنا، بينما يغضون البصر عن تطبيقها هناك الأمر يتوقف على المصالح التي يُقدّرون أنها ستحقق لهم إما أهدافاً تكتيكية مرحلية، أو أهدافاً استراتيجية نهائية.
والنماذج كثيرة.. يكفيك أن تفكر - ولو قليلا - فيما حدث في العراق وأفغانستان، وما حدث أيضا بعد 2011 من تدمير دول وقتل مئات الآلاف وتشريد شعوب، وسيطرة السلاح على الحياة من خلال مرزتزقة وميلشيات بداعى تطبيق الديممقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، لنتساءل جميعا هل تحققت مصلحة الشعوب وحُفظت حقوق الإنسان في هذه الدول أم كانت هذه الديمقراطية المزيفة سَحقاً لهذه الشعوب ودولها؟
لتأتى حرب غزة وعملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 لتحقق في – ظنى – انتصارا عالميا في الدفاع عن دول العالم الثالث بكشفت زيف هذه الإدعاءات الغربية، وكشف الغطاء عن ديمقراطية الولايات المتحدة، بعد أن سمح الغرب وأمريكا للكيان الصهيوني بقتل الأطفال وقصف المستشفيات وارتكاب المجازز وجرائم الحرب أمام شاشات التلفاز ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى.
بل وصل جحود الغرب والولايات المتحدة بأن تركوا إسرائيل تعبث بالإنسانية كلها بطريقة وحشية قاسية دون ردع أو توقيف من خلال تعطيل مجلس الأمن والمنظمات الأممية وحقوق الإنسان من اتخاذ أي قرار أو دور في مشهد مؤسف للغاية كشف للعالم كله جهارا وثبوتا أن هذه المنظمات والمؤسسات ما هي إلا أدوات في أيديهم صُنعت وأنشأت لتحقيق مصالحهم وأجندتهم الخاصة بعيدا عن ما يتشدقون به أو ما تقره لوائحهم أو قوانينهم أو مبادئهم، وأن دستور عمل تلك المنظمات عنوانه ما يخدم الغرب والولايات المتحدة نحن معه وما ليس على هواهم فلا دور لنا ولا حيلة.
لذا.. إن لم يكن هناك انتصارات لغزة في حربها الراهن فيكفيها أنها كشفت وفضحت زيف هذا العالم ومنظماته ويكفيها انتصارها في إثباتها بالدليل القاطع أن هذه الحضارة لا بقاء لها، لأنها تعتمد على الكذب والتضليل والزيف والقسوة، فلا إنسانية لديها وإنما ضلال وقتل ودمار حتى ولو ظهرت في ثوب يتلألأ بالإغراء والإبهار، وكشفت حقيقتها بأنها حضارة الجفاء والشقاء للبشرية.. شكرا غزة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة