سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 نوفمبر 1973.. السادات يعلن استعداده للذهاب إلى القدس وكيسنجر يضع معه أساس الفكرة قبل أربع سنوات مؤكدا: «مصر فى طريقها إلى سلام مع إسرائيل»

الخميس، 09 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 نوفمبر 1973.. السادات يعلن استعداده للذهاب إلى القدس وكيسنجر يضع معه أساس الفكرة قبل أربع سنوات مؤكدا: «مصر فى طريقها إلى سلام مع إسرائيل» السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انحرف الرئيس السادات عن نص خطابه أمام مجلس الشعب، يوم 9 نوفمبر 1977، وأعلن أنه على أتم الاستعداد للذهاب إلى أى مكان فى العالم حتى القدس، ويلقى كلمة موجهة إلى الكنيست الإسرائيلى «لو ساعد هذا على إنقاذ دم أبنائى»، حسبما تذكر جريدة الأهرام يوم 10 نوفمبر 1977.
 
أدهشت الكلمة الجميع، وتعامل المسؤولون معها بوصفها «زلة لسان»، وهو ما أكده إسماعيل فهمى، وزير الخارجية للزعيم الفلسطينى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الذى حضر الخطاب بدعوة عاجلة، وأصيب بالصدمة مما سمعه، فسأل فهمى:«ما معنى هذا الكلام، هل يتعمد السادات هذا القول فى حضورى، هل دعوتمونى إلى القاهرة لأسمع هذا الكلام؟ ورد فهمى :«هذه زلة لسان»، وفقا لمذكراته «التفاوض من أجل السلام فى الشرق الأوسط»، وبقى الزعيم الفلسطينى على توجسه، ويذكر محمد حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب»: فى نفس الليلة غادر عرفات القاهرة، وهو يقول لمودعيه عن السادات: «لقد وضع العمامة فوق رأسى».
 
دارت العجلة بسرعة لافتة حتى كانت لحظة هبوط السادات فى مطار بن جوريون، يوم 19 نوفمبر 1977، وأمام هذا الزلزال التاريخى الذى تعيش المنطقة تباعاته حتى الآن، تعددت الشهادات والاجتهادات للكشف عن تلك اللحظة التى جنح فيها السادات إلى ما فعله، وأسرار الغرف المغلقة التى هيأت ودفعت ثم أحدثت هذا الزلزال.
 
إحدى هذه الشهادات كانت قبل زيارة السادات إلى إسرائيل بأربع سنوات، وتحديدا أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكية، هنرى كيسنجر، إلى المنطقة ولقائه للمرة الأولى مع «السادات» فى اجتماع مغلق لثلاث ساعات يوم 7 نوفمبر 1973 بالقاهرة، وفى 9 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1973، سافر كيسنجر إلى طهران ثم إلى العاصمة الصينية بكين، ويذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73 السلاح والسياسة»: ألح ممثلو الصحافة الذين كانوا معه فى القاهرة أن يشرح لهم بالتحديد ما أمكن التوصل إليه فى أزمة الشرق الأوسط، فجلس كيسنجر بمقر إقامته فى بكين- ساعة ونصف الساعة- يشرح ما يظن أنه تحقق فى القاهرة.
 
 يذكر «هيكل» أن أقوال «كيسنجر» فى هذا اللقاء ظهرت فى ملخص غير رسمى غير مصرح بتداوله أو النقل عنه منسوبا إلى صاحبه، بمعنى أن للصحفيين حق استعمال ما فيه من معلومات دون التزام بالنصوص، وبغير إشارة صريحة إلى القائل، وصدر المحضر الرسمى لهذا الإيجاز غير الرسمى عن مكتب وزير الخارجية بتاريخ 10 نوفمبر، وبمقدمة من المتحدث الرسمى ينبه الصحفيين إلى توخى الحذر فى النقل عنه.
 
بدأ «كيسنجر» بالقول فى هذا الاجتماع، أن ما حدث فى القاهرة يمكن تقسيمه إلى قسمين، الأول يمكن وصفه بأنه المستوى الاستراتيجى، والثانى بأنه المستوى السياسى أو التكتيكى، وعن المستوى الاستراتيجى قال: مصر فى طريقها إلى سلام مع إسرائيل، ومع أن خطى هذا السلام بطيئة، فإن مجرد وضع القاطرة على القضبان الحديدية معناه أن القاطرة واصلة إلى نهاية الخط، والرئيس السادات من ناحيته لن يسمح لأحد أن يضع «كتل خشب بالعرض على القضبان»، وبسير مصر على طريق السلام، فإن إمكانية الحرب فى المنطقة انتهت، لأنه لا يمكن لأى دولة عربية أو تحالف بين عدد من الدول العربية أن يقبل مخاطر الدخول فى معركة دون مشاركة مصر.
 
يضيف «كيسنجر»: «الرئيس السادات قام باختيار استراتيجى رئيسى، وعلق مصيره الآن بالولايات المتحدة، ولا يوجد فى مصر طرف أو معسكر يستطيع أن يقاوم هذا الاختيار، والاختيار الاستراتيجى بالصداقة مع الولايات المتحدة سوف تستتبعه بالضرورة خيارات داخلية فى مصر، وهنا يكمن التحدى الذى قد يواجهه السادات فى المستقبل، لكنه «أى كيسنجر» يعتقد أن فرص نجاح السادات كبيرة، لأن الذى حدث هو أن سلفه «ناصر» حاول إحداث تغيرات جذرية فى المجتمع المصرى، وسمحت له الظروف بإسقاط الأوضاع القديمة، لكن القوى الجديدة التى كان يحلم أن يقيم عليها نظاما اجتماعيا جديدا لم تظهر بعد، ولم تتمكن من جعل قوتها فاعلة أو محسوسة فى الشؤون المصرية، وبالتحديد فى عملية صنع القرار، ومعركة السادات المقبلة ستكون مع أصدقائه القدامى وليس أعدائه القدامى».
 
يواصل «كيسنجر»: «غيبة احتمالات الحرب وبداية التحرك نحو السلام سيجعل استعمال سلاح البترول إجراء لا معنى له، لأنه أصبح بلا هدف يضغط من أجله، وإذا انتهى سلاح البترول الآن سيختفى إلى الأبد»، ثم قال: «هذه الاعتبارات ستؤدى إلى نتيجة مهمة، وهى فك التعبئة النفسية العامة ضد إسرائيل التى امتلأ بها الرأى العام العربى طوال حقب متلاحقة من الصراع، وهذا النوع من التعبئة إذا جرى فكه، سيكون من المستحيل العودة عنه فى منتصف الطريق».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة