ارتبط اسمه دائمًا بالدفاع عن حقوق المرأة، لكن ما لا يعرفه البعض، أنه كان محاميًا، وقاضيًا، ومترجمًا، ومفكرًا سياسيًا، وأديبًا، هو الفيلسوف المفكر الكبير قاسم أمين، الذى تحل ذكرى ميلاده اليوم، إذ ولد في 1 ديسمبر من عام 1863م، واليوم وبعد مرور 160 عامًا على ميلاده، نستعرض عبر السطور المقبلة لمحة من حياته.
قاسم أمين
وُلِد قاسم محمد أمين ابن العائلة الأرستقراطية، في 1 ديسمبر، عام 1863 م، في مدينة الإسكندرية، وينحدر والده الأميرالاي محمد بك أمين من أصول تركية، وكان واحدًا من قادة جيش الخديوي إسماعيل باشا، وكان صارمًا جدًا، فقد كان يتعامل مع أهل بيته، كما يتعامل في المعسكر، أما والدته، فهي سَنية هانم خطاب، ابنة أحمد بك خطاب أحد أعيان الصعيد.
قضى قاسم أمين أول حياته في الإسكندرية، وأنهى المرحلة الابتدائية في مدرسة رأس التين، وبعد انتقال أسرته لحي الحلمية في القاهرة، التحق بالمدرسة الخديوية؛ لإتمام المرحلة الثانوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق والإدارة، وكان من المتفوقين فيها؛ مِمّا أدى إلى حصوله على منحة دراسية في فرنسا.. وكان هذا سببًا في تغيير حياته تغَيُّرًا جذريًا.
تمكن قاسم أمين في الفترة التي قضاها في فرنسا، من التعرف على تطور الحركة الفكرية في أوربا، وأكثر ما لفت انتباهه، أسلوب تعامل الفتيات والنساء الأوربيات، وقدرتهن على المطالبة بحقوقهن، وشغفهن الدائم بالعلم والمعرفة.
كان يتابع كل ما حوله باهتمام، ويحلم بتطبيقه في مصر، وأن يأتيَ يوم تتمكن فيه المرأة المصرية من التعبير عن رأيها، والمطالبة بحقوقها، وأدرك جيدًا أن هذا لن يتم، إلا بحصولها على قسط من التعليم.
لم يكتفِ قاسم بدراسة الحقوق في جامعة مونبلييه، فانضم لجمعية العروة الوثقى، التي أسسها الشيخان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وصارت علاقته قوية بكليهما، حتى أنه كان يساعدهما في ترجمة كتاباتهما للغة الفرنسية، بالتعاون مع فتحي زغلول.
شغل قاسم عدة مناصب قضائية، كان آخرها مستشار محكمة الاستئناف بالقاهرة، وبالرغم من مسؤولياته القضائية، إلا أنه كان مطلعًا على التطور الفكري العربي والغربي، وكان مهتمًا بحضور الصالونات الثقافية، مثل صالون الأميرة نازلى فاضل.
وفي عام 1893، نشر الدوق داركور كتابًا هاجم فيه العرب والمسلمين، كما هاجم الدين الإسلامي، مما أثار ضجة في العالم العربي والإسلامي، فألف قاسم أمين كتابًا باللغة الفرنسية، بعنوان "المصريون"، تناول فيه تكريم الإسلام للمرأة، وإعطاءها حقوقها، وأن اللوم الحقيقي ليس على الدين الإسلامي، بل على المجتمع الذي يطبق العادات كجزء من الدين، ولم يكتف بهذا الكتاب، فقد كان يعتقد أن للمتعلمين في تلك الفترة دور، في توعية المجتمع، فنشر 19 مقالاً في جريدة المؤيد، عن العدالة الاجتماعية.
ووسط كل تلك الأحداث، لم ينس حلمه القديم في بناء امرأة مصرية قوية، قادرة على تحقيق ذاتها، تمتلك وعيًا كافيًا، لتحمل مسؤولية بيتها، فألف كتاب تحرير المرأة، الذي طالب فيه بتعليم البنات، ولم يكن هو الوحيد الذي طرح تلك القضية، حيث طرحه عبد الله النديم في إحدى مقالاته في مجلته الأستاذ، كما توسع قاسم أمين في حديثه حول قضية تعدد الزوجات وأحكام الطلاق.
بالإضافة إلى كتابه المرأة الجديدة، الذي انتقد فيه أسلوب تعمل المجتمع الخاطئ مع المرأة، وقد تسبب الكتابان في هجوم شريحة كبيرة من المجتمع عليه، بل ورفض عدد من المثقفين كمصطفى كامل، لكن هذا لم يمنع وجود المؤيدين له كحافظ إبراهيم.
أما عن زواجه، فقد رفض الفكرة لفترة طويلة، لأنه كان يبحث عن زوجة متعلمة، يتمكن من التفاهم معها ويشاركها اهتماماته وأحلامه، وتكون مؤهلة لتربية أبنائه في المستقبل، وقد كانت هذه مشكلة كل مَن سافر ودرس في أوربا في تلك الفترة، وبعد فترة من البحث، تزوج بزينب هانم، ابنة أمين بك توفيق، التي تربت على يد مربية بريطانية، وفى أوانل القرن ال20، تعاون مع مجموعة من المثقفين والأثرياء، في إنشاء الجامعة الأهلية.
وفي 23 أبريل سنة 1908، رحل قاسم أمين عن عالمنا، بعد أن ساهم في إثراء الثقافة الأدبية والفكرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة