دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في عدوانها على غزة وعلى المدن الفلسطينية لا ينكره إلا مُغرض أو متواطئ ، فهى من أتت بحاملات الطائرات وراجمات الصواريخ وخصصت دعما ماليا ضخما لتل أبيب وصل لأكثر من 14 مليار دولار، وأرسلت جنرلات لمجلس الحرب لإدارة المعركة، وتوافد رئيسها ووزير خارجيتها ووزير دفاعها وكثير من مسئولي البيت الأبيض ومسئولين بأجهزتها الاستخباراتية لتقديم الدعم والمشورة لتل أبيب، في الوقت نفسه تغض الطرف عن ما يحدث من قتل وقصف وعدوان مستمر، وهى التي - طيلة عقود - من الزمن تتحدث عن القيم والإنسانية ومسؤوليتها عن حماية النظام القائم على القوانين الدولية والمعايير الإنسانية.
ليرى العالم كله دعمها الكامل للمدنيين في إسرائيل والحديث عن حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها، ومصممة على تبنى الرواية الإسرائيلية والسردية الصهيونية الخاصة بقتل الأطفال الإسرائيليين – رغم اكتشاف زيف هذه الرواية -، فيما تتجاهل قتل الآلاف من أطفال غزة، بل وصل الخزى والعار بإيجاد الذرائع لإسرائيل في قتل الأطفال والنساء بقطاع غزة غير عابئة لا بقوانين ولا بشعارات حقوقية وإنسانية.
لذا، فإن اعتقادى وبعد أكثر من 70 يوما من القتال والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبدء تعاطف المجتمع الدولى مع المقاومة الفلسطينية، والذى ظهر جليا في تصويت أغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة مرتين لصالح وقف إطلاق نار إنسانى يقابله فيتو أمريكى في مشهد أظهر الولايات المتحدة فى موضع المتآمر، جاء موقف إدارة الرئيس الامريكى جو بايدن بين خيارين لا ثالث لهما.
ظنى، أن الخيار الأول، ينفذ الهدف والمخطط على الأرض، وهو مواصلة الولايات المتحدة إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل في مواصلة القصف والعدوان، بل منحها كل الدعم المعنوى والعسكرى والاستراتيجى لتحقيق أهدافها بتدمير القطاع وتصفية قيادات المقاومة وتهجير المدنيين، خدمة لإسرائيل ومن أجل مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
أما الخيار الثانى خاص بالسياسة والإعلام، وذلك بتبنى خطابا سياسيا وإعلاميا يدعو إسرائيل إلى عدم الاجتياح أو احتلال قطاع غزة، ويدعوها إلى التخفيف من استهداف المدنيين، ويتحدث عن ضرورة إيجاد من يحكم غزة دون وجود لحماس، وذلك يأتي لرغبتها في امتصاص الغضب العربى للمحافظة على مصالحها، وتضييق دائرة الحرب حتى لا تتسع، وفى الوقت ذاته تعمل على تمييع للقضية، ومنح الوقت لتحقيق إسرائيل أهدافها وهى معها أيضا.
وبين هذين الخيارين تقف الولايات المتحدة بيد تدعم إسرائيل وأخرى تضغط على زر الفيتو، ولسان يُخادع ويرواغ ويطلق تصريحات متناقضة ما بين حديث يدعم الاحتلال وآخر يرفض استهداف المدنيين فى غزة، وما بين هذا وذاك وتلك هناك عدوان مستمر في تحقيق أهدافه ومقاومة تجاهد لنصرة قضيتها ولتحرير وطنها وعالم مترقب عاجز عن التدخل.
لذلك، علينا أن ننتبه من فخ الخطاب الأمريكي والسياسة الأمريكية التي تعتمد دائما على التناقضات وازدواجية المعايير حتى لا تضييع آمالنا وقضيتنا..