جاء مؤتمر القدس الذى تعقد فعالياته بمقر جامعة الدول العربية، للتأكيد على أن القضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب، ولا ينبغى تهميشها مهما كانت التحديات وانشغال المجتمع الدولي بملفات أخرى، لكن ما أود الإشارة إليه فى مقالنا اليوم هو أهمية المخرجات خاصة أنها حملت فكرا ورؤية مختلفة.
المخرج الأول خاص بتشكيل لجنة استشارية قانونية في إطار جامعة الدول العربية لتقديم الدعم والمشورة، وبالفعل قامت دول بترشيح عدد من الأسماء والخبرات القانونية، وكذلك الاستفادة من فرصة المرافعات فى الأمم المتحدة والتى منحت للأعضاء حتى ١٥ يوليو المقبل.
أما المخرج الآخر، والذى اعتقد أنه الأول من نوعه، الخاص بإنشاء آلية تمويل تطوعية في إطار جامعة الدول العربية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مدينة القدس، وهذا يعنى دعوة المؤسسات التمولية والقطاع الخاص ورجال الأعمال بالاستثمار فى المدينة المقدسة وفتح باب الدعم مباشرة، وليس فى الإطار الرسمى كما كان متبعا من قبل، وهو ما يعزز العمل المشترك بكافة مستوياته الرسمى وغير الرسمى، بل يمنح قوة دعم كبيرة للصمود ويواجه مخطط الاحتلال باللعب على الظروف الاقتصادية الصعبة، غير أن تأثر الدولة الفلسطينية مثلها مثل الدول بالأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على معيشة الفلسطينيين، ويترجم العمل السياسى إلى واقع عملى.
ورغم أهمية هذه المخرجات، لكن يبقى الأهم والمهم، وهو إرادة التنفيذ على أرض الواقع، لأنه إشكالية التعامل مع القضية الفلسطينية خلال عقود هو القدرة على تنفيذ القرارات والجهود وترجمتها على أرض الواقع، لذلك فإن كان المجتمع الدولى ورقة مهمة ودوره فعال ولابد من الاستعانة به، لكن يجب علينا كعرب عدم التعويل عليه بشكل كامل فى ظل سياسته التى تعتمد على الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير.
وأعتقد أنه لسنا بحاجة أن نبرهن على وعود المجتمع الدولى الكاذبة أو سياسته المزدوجة، فيكفينا أنه اتخذ عشرات القرارات على مدار عقود ولم يستطع تنفيذ قرار واحد منها على أرض الواقع، ويكفينا أن نستدعى فقط كيف تعامل مع الأزمة الأوكرانية بحسم وقوة ودعم خلال أيام من اندلاع الأزمة.. وكيف تعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ ٧٠ عاما؟.. ويكفينا نستدعى مواقفه فى مناطق الصراع بالبلدان العربية واعتماده على إطالة سياسة أمد الصراع لخدمة مصالحه؟ ط.. وعلينا أن نشاهد الآن كيف يتعامل مع الشمال السورى وأزمة الزلزال الكارثى؟
والأهم بل الواجب أن يتم ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل بالتكاتف والبحث عن الالتقاء والتقارب، لأنه ليس بالمعقول أن تتحدث عن مواجهة حقيقية وأنت من الداخل فى حالة استقطاب وانقسام، خلاف أن اختلافك هذا يعطى ذريعة لقوات الاحتلال للاستفادة وتسويق قضيتها كما تشاء، وذريعة للمجتمع الدولى فى التنصل من مسؤولياته، وحجة للأشقاء من التراخى فى تقديم الدعم، بل الأخطر أن بانقسامك هذا ستمنح نفسك ورقة لقوى ودول باستغلالك لتحقيق مصالحها بعيدا عن قضيتك الأم.
وأخيرا.. نتمنى أن نتحرك نقطة للأمام، خاصة أن الفرصة الآن فى اعتقادى سانحة فى ظل ولادة نظام دولى جديد وتنافس عالمى على المنطقة ونيل رضاها، وهناك سياسة عربية رأيناها ترفض سياسة التبعية وتعزز من سياسة التشارك فى تعاملها مع القوى العظمى، لذا نقول: إذا ما لم يتم استغلال هذه الفرص بالاصطفاف وامتلاك الإرادة الحرة ستكون الخسارة أكبر والندم أشد.. فاللهم انصر فلسطين ووحد شملهم..