** التعاون مع دول الخليج لا يمكن أن يتأثر بالحملات الكاذبة لمروجى الشائعات
** كيف نفهم طلب الرئيس من الشيخ محمد بن زايد دعم الشعب السورى بعد كارثة الزلزال؟.. ولماذا كانت مصر أول الداعمين لدمشق؟
** برقية العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز للرئيس عقب فوزه بانتخابات الرئاسة تؤكد قيمة مصر عند الخليج
** العاهل السعودى الراحل فى برقية تاريخية عام 2014: «من يتخاذل اليوم عن تلبية دعم مصر وهو قادر مقتدر فإنه لا مكان له غدا بيننا»
لا يمكن لعاقل مخلص إغفال الدور الذى قامت به دول عربية لدعم مصر، خاصة خلال الفترة التى أعقبت أحداث يناير 2011، حيث تعرضت مصر لأكبر وأسوأ موجة من الخسائر فى أغلب قطاعاتها، مع شلل تام لعدد من مؤسسات الدولة، وتزايد الأطماع الخارجية لإحداث الفوضى والقضاء على ما تبقى من مؤسسات صلبة، ورسم سيناريوهات انهيار الدولة المصرية على غرار ما حدث بعد ذلك فى عدد من دول المنطقة.
لذلك، كان حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال جلسة حوارية على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات بدبى فى الإمارات العربية المتحدة، ليؤكد أن مصر لا تنسى أبدا من وقف بجانبها فى أشد أزماتها، ومن مد لها يد العون من الأشقاء وتحديدا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت.
لقد مرت العلاقات المصرية- العربية بشكل عام، والمصرية - الخليجية بشكل خاص، بمنعطفات مهمة، وحتى خلال حقبة القطيعة مع مصر فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، خلال فترة ما بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، كانت الهموم واحدة والروابط متجذرة، ولم تتأثر يوما شواغل مصر بأمن الخليج والعرب عموما، وكانت أول الحاضرين فى التحولات وأمام كل التحديات التى واجهت منطقة الخليج، ولا ينسى العرب أبدا موقف مصر التاريخى فى حرب الكويت، وكذلك أمام التهديدات الإيرانية المتواصلة والمتكررة لتهديد أمن الخليج العربى، وحتى فى مواجهة النبرات الحادة من قوى دولية تظن أن بإمكانها فرض أمر واقع على دول الخليج لتحقيق مطامعها وأهدافها، وفى المقابل، يظل الدعم العربى الكبير لمصر فى حرب أكتوبر 1973 شاهدا على الترابط بين العرب ومصر، التى تمثل حبل الوريد للأمة العربية وقلبها النابض، وأرض الكنانة التى اختصها الله فى كتبه السماوية.
وبالعودة إلى التصريحات التى أدلى بها الرئيس السيسى، فى دبى، فإنه «لولا دعم الأشقاء فى الإمارات والسعودية والكويت ما وقفت مصر مرة أخرى »، وهو تصريح قاله الرئيس السيسى فى عدة مناسبات، ليغلق بذلك الباب فى وجه كل من أراد أن يبث سمومه لإفساد هذه العلاقات التاريخية المتجذرة بين مصر ودول الخليج.
برهن الرئيس السيسى- منذ انتخابه رئيسا للجمهورية- على تثبيت البعد القومى العربى فى السياسة الخارجية لمصر، فكانت أول زيارة له خارج البلاد إلى دولة الجزائر الشقيقة، ثم تعددت الزيارات بعد ذلك إلى دول عربية أخرى، مثل السعودية والإمارات والكويت، وكذلك الأردن والبحرين وسلطنة عمان والعراق وقطر والسودان،
وحتى فى ظل الأزمة العربية القطرية، التى طغت على الأجواء لسنوات، لم يكن هناك تصريح رسمى واحد منسوب للرئيس السيسى يسىء إلى الدولة القطرية، بل على العكس تماما، كانت مصر دائما ما تمتلك المبادرة لحلحلة الأزمة مع دولة عربية شقيقة، وهو ما توج بعد ذلك بزيارة أمير دولة قطر تميم بن حمد إلى مصر، ومن ثم كانت هناك زيارة تاريخية للرئيس السيسى إلى دولة قطر لمدة يومين، تلبية للدعوة الموجهة إلى الرئيس من شقيقه الأمير تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطر، حيث جاءت الزيارة تتويجا للمباحثات المكثفة المتبادلة خلال الفترة الأخيرة بين البلدين الشقيقين، بهدف تعزيز أطر التعاون الثنائى المشترك على جميع الأصعدة، كما بحث الرئيس خلال الزيارة مع شقيقه أمير دولة قطر أهم محاور العلاقات الثنائية التى تجمع البلدين الشقيقين، فضلا عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خلال المرحلة الراهنة، التى تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى.
كما حضر الرئيس السيسى حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم «فيفا قطر 2022 »، فى نوفمبر الماضى، تلبية لدعوة أمير قطر.
الرئيس السيسى، أكد فى الجلسة الحوارية التاريخية بدبى، على أن الدولة المصرية واجهت تحديات كاشفة وحاسمة وكادت أن تضيع فى 2011، وأن تلقى نفس مصير بعض الدول العربية، الذى نجت منه مصر، مشيرًا إلى أنه يتحدث عن التحديات المتوازية كلها لأنها تسير فى خط واحد، كما أنه لا يملك رفاهية اختيار الأولويات والتحديات، ولكنه يريد مجابهة كل التحديات مرة واحدة لأنه لا يجب إغفالها.
لا أظن أن رئيسا لدولة بحجم مصر، امتلك الشجاعة والجرأة والصدق والمكاشفة والمصارحة لشعبه ولشعوب المنطقة، مثلما يتحدث الرئيس السيسى، كما أنه فى أكثر من مناسبة، كان يؤكد على أنه وفقًا لنصائح البعض، فإنه لا يجب أن يتكلم فى كل الأمور بكل شفافية، لكن الرئيس السيسى اختار الصدق ومشاركة شعبه فى كل كبيرة وصغيرة، حتى تلك التى لا يتحدث فيها بعض الحكام مع شعوبهم، ويغض الإعلام الطرف عنها، وما يؤكد ذلك مداخلات الرئيس السيسى فى الفعاليات والافتتاحات ونشاطاته الرئاسية فى الداخل والخارج، فهو رئيس واثق من نفسه، ويتقن عمله، ويراقب الله فى كل تحرك، لأنه لا يريد سوى رفعة وطنه ونهضته، ولا تشغله حتى تخوفات البعض التى تحذر من تأثر شعبيته الطاغية، فهو كما يؤكد دائمًا: «أن لا أتعامل معكم كحاكم.. أن واحد منكم ».
وجه الرئيس السيسى التحية والتقدير والاحترام والشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، الذى كثيرا ما حظى به فى دولة الإمارات العربية المتحدة، سائلًا الله أن يديم عليها الأمان والسلام والاستقرار، كما أشار الرئيس السيسى إلى كواليس لقائه مع الشيخ محمد بن زايد، قائلا: «إمبارح كنت قاعد مع أخويا الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، وقلت له هطلب منك طلب.. قال لى خير.. قولت له سوريا.. علشان خاطر ربنا ساعدوا سوريا، قال لى والله العظيم احنا بنبعت 8 طيارات كل يوم، قلت له أكتر.. طب ممكن الشعب الإماراتى يزعل من ده.. اوعوا تزعلوا أبدا.. بالعكس.. تفتخروا وتتشرفوا وتسعدوا إنكم عملتوا ده وبتعملوا ده ».
مصر وفى ظل التحديات التى تواجهها، والأزمة الاقتصادية العالمية، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كانت سباقة لدعم الشعب السورى، فكان أول اتصال بالقيادة فى سوريا من الرئيس السيسى بالرئيس بشار الأسد، ليعقب ذلك توجيهات من القيادة السياسية لتوصيل المساعدات اللازمة إلى الشعب السورى الشقيق، فكانت طائرات القوات المسلحة المصرية، أول طائرات تحمل مساعدات إغاثية تهبط على الأراضى السورية.
الرئيس السيسى تطرق فى حديثه- من دبى- إلى أن النقطة المضيئة الأولى التى لولاها لم يكن ممكنا أبدا أن تعبر مصر ما كانت فيه خلال الفترة من 2011 حتى 2013، حيث كان الاحتياطى النقدى لدى مصر خلال تلك الفترة يمثل تحديا آخر بعد الحالة التى حدثت، حيث كان الاحتياطى يُستهلك من خلال تمويل المشتقات النفطية وكاد أن ينتهى، وما بقى كان قليلا، مؤكدًا فى هذا الإطار، أنه لولا وقوف الأشقاء فى الإمارات والسعودية والكويت، لما تمكنت مصر من الوقوف مرة أخرى.
كما كانت رسالة الرئيس السيسى للنخب والشعوب العربية، بألا يسمحوا للأقلام والأفكار ومواقع التواصل الاجتماعى المغرضة بأن تؤثر على الأخوة بيننا، مذّكرًا بالآية الكريمة: «إنما المؤمنون إخوة ».
التحديات الخطيرة التى تحدث عنها الرئيس السيسى، فى هذه الجلسة الصريحة، تؤكد أن مصر واجهت العديد من الأزمات منذ 2011، من بينها حالة التفكك وفقدان الأمل واليأس، الذى عاش فيه المصريون بسبب بعض الأشخاص الذين استهدفوا إسقاط الدولة حتى تقع فى أيديهم، كما نبه الرئيس السيسى إلى صعوبة قيام أى دولة فى المنطقة العربية عقب سقوطها، مؤكدًا أن التحديات الأخرى التى واجهت مصر خلال الفترة الماضية كان من بينها قطاع الكهرباء والغاز، وأن الدولة أنفقت ما يقرب من 1.7 تريليون جنيه فى هذا القطاع.
لا يمكن لدولة بحجم مصر أن تنسى يومًا من وقف بجانبها، ومد يد العون لها، لذلك فإن الدولة المصرية عندما تتحدث عن الارتباط الوثيق بين أمنها القومى والأمن القومى العربى عموما والخليجى على وجه الخصوص، فإنها لا تقول ذلك أبدًا من فراغ، ولا للاستهلاك الإعلامى أو لدغدغة المشاعر، وإنما من واقع مسؤوليتها التاريخية للحفاظ على مقدرات الشعوب العربية من أطماع الطامعين، متسلحة بجيش قوى لا يضاهيه جيش فى المنطقة، ولا يملك جنديًا إيمانًا ولا عزيمة ولا قوة مثل الجندى المصرى، الذى شهد له الأنبياء وعباقرة الحروب ومهندسوها.
ولعل موقف المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، مع مصر وبرقيته التى أرسلها إلى الرئيس السيسى، فى يونيو 2014، عقب فوزه رسميا برئاسة الجمهورية، تؤكد أن مصر والعرب مثل الجسد الواحد، الذى يتداعى له الجميع بالسهر والحمى إذا اشتكى منه عضو.
واعتبر العاهل السعودى الراحل فوز الرئيس السيسى بالانتخابات يوما تاريخيا لمصر، مضيفا فى برقيته: «إننا من مكاننا هذا، نقول لكل الأشقاء والأصدقاء فى هذا العالم، إن مصر العروبة والإسلام أحوج ما تكون إلينا فى يومها هذا من أمسها، لتتمكن من الخروج من نفق المجهول إلى واقع يشد من أزرها، وقوتها، وصلابتها فى كل المجالات ».
كما دعا العاهل السعودى الراحل إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين، لمساعدتها فى تجاوز أزمتها الاقتصادية، مصيفا: «وليعلم كل منا أن من يتخاذل اليوم عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر- بفضل من الله- فإنه لا مكان له غدا بيننا إذا ما ألمّت به المحن وأحاطت به الأزمات »، مؤكدًا أن «المساس بمصر يعد مساسا بالإسلام والعروبة، وهو فى ذات الوقت مساس بالمملكة العربية السعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أى ظرف كان.. نقول ذلك توكلا على الله وإيمانا راسخا ثابتا بأن من ينصر الله ينصره ويثبت أقدامه وإنا- إن شاء الله- لفاعلون ».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة