إلى أى مدى يمكن أن تغير التكنولوجيا من أشكال العمل والمجتمعات فى عصر تتسارع فيه الابتكارات ويلعب الذكاء الاصطناعى دورا مهما فى هذا، وهو مجال لاستثمارات إضافية تفتح الباب لتغييرات إضافية تسرع من حجم التحول فى العالم. وفى القمة العالمية للحكومات بإمارة دبى قال رجل الأعمال إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة Tesla، إن هناك تسارعًا فى التكنولوجيا واستخداماتها وأن الاستثمار فى الذكاء الاصطناعى المفتوح لم يكن مربحا فى البداية وأصبح الآن يحقق أرباحا، حيث إن تطبيق Chat GPT وبواجهة الاستخدام المتاحة للجميع يعد أحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى الوقت الحالى، والتى تجذب المزيد من البشر، وربما تتفوق على غيرها من التطبيقات فى حال الاستثمار على تحديثها.
وهناك تساؤلات مطروحة حول مستقبل النشر والإعلام، فى حال التوسع فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى، حيث ظهرت تجارب ناجحة فى إطلاق نشرات وبرامج باستخدام الذكاء الاصطناعى، بجانب كتابة المقالات حول موضوعات متنوعة، يقوم الذكاء الاصطناعى بتنسيقها وجمع المادة وإعادة بثها فى تحليلات وأشكال صحفية، تكاد تلامس ما ينتجه البشر، وهو ما يطرح أسئلة حول مستقبل الإعلام.
قبل قرنين أو أكثر كان الحديث عن الذكاء الاصطناعى مجرد خيال، وفى عام 1872 تحدث «صموئيل بلتر» الروائى الإنجليزى فى روايته «إريوهون»، عن الآلات والدور الكبير الذى ستلعبه فى تطوير البشرية ونقل العالم إلى التطور والازدهار، وبقى الأمر فى إطار الخيال، وفى السينما عرضت أفلام تتناول سيطرة الروبوتات على العالم من خلال تطوير قدراتها ذاتيا.
والذكاء الاصطناعى يتضمن الأنظمة أو الأجهزة التى تحاكى الذكاء البشرى لأداء المهام والتى يمكنها أن تحسن من نفسها استنادا إلى المعلومات التى تجمعها، وأصبح هناك حديث احتمالات أن تسيطر الروبوتات على العالم، بينما الواقع أن الروبوت يعزز القدرات والإسهامات البشرية ويمثل إضافة لقدرات الإنسان، وإن كان من نتائجه أنه يقلل من عدد الوظائف التى يقوم بها البشر، ويختصر الكثير من المهام، ويقوم بذلك بشكل محايد لكونه لا يتعامل بمشاعر أو مطالب.
وخلال السنوات الأخيرة اتسع استعمال الذكاء الاصطناعى مع تطور برامج الحاسب، ووصل إلى درجات عالية تفيد فى أن تقوم الروبوتات بمحادثة لفهم مشكلات العملاء بشكل أسرع وتقديم إجابات أكثر كفاءة، وتحليل مجموعة ضخمة من البيانات النصية لتحسين الجدولة وتقديم توصيات توضح أفضل طرق تحسين الأداء فى الأعمال، وتجارب ناجحة عن قدرة الروبوتات على إجراء عمليات جراحية عن بعد، من خلال التواصل مع الجراحين الكبار، وهو مثال طرح فى منتدى التعليم العالى، الذى عقد فى ديسمبر 2021 , وقبله المنتدى العالمى للتعليم العالى والبحث العلمى والذى تناول كيفية ربط التعليم بالتطورات العالمية فى التكنولوجيا والتوظيف، وكيفية الربط بين التعليم وأهداف التنمية لمجاراة التقدم الحادث فى العالم، وفى منتدى التعليم العالى أعلن البروفيسور مايك ماكيردى رئيس الكلية الملكية للأطباء والجراحين فى أسكتلندا، إلى دور التقنية والاتصالات والأجهزة الإلكترونية والكاميرات فى توسيع دور الأطباء، وإمكانية أن يوجه جراح وعالم مثل الدكتور مجدى يعقوب عددا من الأطباء فى أنحاء العالم، يجرون جراحات لعدد من المرضى فى دول مختلفة، كما يمكن تسهيل تدريب شباب الجراحين بالذكاء الاصطناعى من خلال المحاكاة، كما أن هناك محاكاة للطيران، وللتجارب النووية، والعلمية من دون وجود حقيقى وتكاليف، كما يسهم فى تطوير علاجات موجهة لأمراض محددة عن بعد.
فى منتدى التعليم العالى، تحدث الرئيس السيسى عن سباق المعرفة التى يجب أن نستمر فيه وصولا إلى تعليم حقيقى، قادر على مواكبة العصر، والتركيز على تطوير المناهج بالشكل الذى يتناسب أيضا مع سوق العمل، اعتمادا على حجم التطور فى العلم الحديث، كانت فكرة ربط التعليم بالتوظيف، محورا مهما فى القمة العالمية للحكومات التى اختتمت اعمالها فى دبى، بمشاركة نخبة من قادة الحكومات والوزراء وكبار المسؤولين وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين فى الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية من مختلف دول العالم، لتبادل الخبرات والمعارف والأفكار التى تسهم فى تعزيز التنمية والازدهار حول العالم.
من هنا يمكن تفهم التحرك السريع، من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأهمية التوسع فى إنشاء كليات ومناهج للذكاء الاصطناعى، والعلوم الحديثة، جزءا من خيار المستقبل، بل إن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يلعب دورا فى تطوير التعليم وإتاحة مساحات افتراضية تضاعف من قدرة تقديم الخدمة، ومنح المعرفة والتعليم، ودعم خيار المستقبل.
اليوم السابع