"ميت يُعزى ميت".. هذه المقولة تجسدت على أرض الواقع بقريتنا شطورة شمال محافظة سوهاج، عندما مات شاب فى ريعان شبابه بعد أيام من حادث سير، فسافر شابان شقيقان من محافظة البحر الأحمر للعزاء في الفقيد، فمات الاثنان في حادث سير، بعدما كتب الشقيقان عبارات النعى للفقيد، كتب الناس لهما نعيا، فكلنا جنازات مؤجلة.
الشاب الرائع "عمر الكودي" ثلاثينى العمر، الذى بكته سوهاج منذ أيام، وخرج الأهالي في جنازة ضخمة، لم تتكرر من قبل ليودعوه لمثواه الأخير، بعدما سيطر على القلوب، وتربع على شرفاتها، فقد كان أحد رواد الخير فى قريته، صاحب وجه بشوش، بإطلالة فاتنة يفعل أشياءً كثيرة ويربِك القلوب بدرجة كبيرة، يعشق الفرح بكل أبجدياته.. يتناغم مع إيقاعات البهجة فى كل حالاته، يدرك أنّ القوة تكمن فى السعادة والمحبة للغير، روحه جميلة تعشق الجميع وتتسع للكل دون استثناء، ينشر السعادة بين الجميع، بنفس طيبة وصفية وروح جميلة لا يعتريها اليأس ولا تلوح أمامها الضبابية، مشرقة بحضورها، ومتمتعة بجمالها وبهجتها، هذه الأرواح الجميلة الالتفاف حولها هو الحياة، شذاها وجمالها كالزّهر ورقّتها كالمطر معها كل المعاني تُختَصر، وبها تعود لمجتمعنا "أخلاقه الجميلة".
هذا الشاب الرائع، لم تخف أوجاع القلوب من ألم رحيله منذ أيام، لحق به شابان شقيقان "مصطفى ومحمد عمارة" في زهرة العمر، بعدما سافرا الاثنان لأداء واجب العزاء في جارهما، فلحقا به، ليكون الثلاثة موعدهم "فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر".
صفحات الفيس بوك بسوهاج، التي تحولت سرادق عزاء على "الثلاثة"، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن "السيرة الطيبة" هي الباقية، والمحبة والتراحم والتسامح، صفات تعطر سيرة صاحبها حتى بعد مماته، فتعلموا منهم أن تكونوا أصحاب "أيادي بيضاء" تمتد لمساعدة الجميع، وقلوب تسامح وتعفو وتصفو، قلوب الكُره فيها يرتجف أمام الحب، والحقد يهتز أمام التسامح، والقسوة ترتعش أمام الرقة واللين.
ضعوا أيديكم على قلوبكم وأقسموا عليها أن هذه القلوب ستبقى نقية، مهما تأذت، ستواجه العالم بالرفق واللين، بـ" لين القلب ودفء لسان" لتكون سيرتكم طيبة مثل الثلاثة الراحلين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة