لا شك، أن مصر والسعودية قوتان إقليميتان تتمتعان بمقومات ثابتة تتعلق بعوامل تاريخية وحضارية، وبأبعاد سياسية واقتصادية كبيرة، ويزدهر هذا الدور ويزداد صلابة وقت التغيرات والمستجدات، لذا تتصاعد أهمية الشراکة الاستراتيجية بينهما سعيا لتحقيق المصالح الوطنية وللحفاظ على الأمن القومى والعربى وإعادة تشکيل موازين القوى الإقليمية، خاصة وقت الأزمات وليس هناك أخطر ممن تمر به المنطقة العربية الآن جراء الصراع المحتدم في كثير من البلدان العربية، وما يحدث في العالم أجمع من اضطرابات سياسية واقتصادية ضخمة تضع العالم على المحك بأن تكون هناك حرب عالمية ثالثة، خلاف أن العالم نحو ولادة نظام عالمى جديد الكل يبحث عن مكانة فيه أو يحرص على حماية نفسه من أن يكون ضحية هذا النظام، خلاف أن هناك من يتربص بالمنطقة، ويريد تأجيج الخلافات والأزمات بين دول المنطقة خاصة القوى الكبيرة فيها لينفذ ما يريده .
لذلك، عندما تزداد التوترات الكل دائما ينظر إلى القاهرة والرياض باعتبارهما طوق النجاة لإعادة تفعيل النظام الإقليمى العربى وتعزيز دورهما لمواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة، باعتبارهما قطبى العمل العربى فى المنطقة والشرق الأوسط، والالتقاء في السياسات الخارجية التي دائما ما تسعى إلى احترام مبادئ الشرعية الدولية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار لتجنيب المنطقة الأنشطة المزعزعة للاستقرار، وموقفهما الثابت تجاه كثير من الملفات فى المنطقة العربية، خاصة أمن وسلامة الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر، ورفض التدخلات الخارجية فى الشؤون الداخلية للدول، والاتفاق على ضرورة حل الميليشيات المسلحة وإخراج القوات المرتزقة والأجنبية من مناطق الصراع، وإعلاء الدولة الوطنية عن طريق المسار السياسى.
والأهم رفعهما شعار أن الأمن العربى كل لا يتجزأ، لذلك رأينا موقف البلدين ثابتا تجاه عدة ملفات، ونموذجا مساندة العراق من أجل العودة لمكانته الطبيعية، كإحدى ركائز الاستقرار في المنطقة العربية، والتأكيد على رفض أشكال التدخل الخارجي فى كافة شؤون العراق، وكذلك ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا، ووحدة أراضيها، والتوصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومن خلال مفاوضات سورية – سوري، واعتبارهما القضية الفلسطينة قضية العرب الأولى، خلاف سعيهما الدائم إلى تعزيز العلاقات المتبادلة بين الدول العربية، وتعزيز العمل المشترك والتكامل الاقتصادى، خاصة فى هذه المرحلة التى تشهد عدة تطورات فى غاية الخطورة وفى ظل إطالة أمد الصراع بعدد من الدول العربية، إضافة إلى الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتحولات الدولية وموجة التضخم العالمية وتوقف سلاسل الإمداد بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ما يعنى أن مصر والمملكة السعودية أنموذج في التآخي والمودة والمحبة سواء على المستوى السياسى أو على المستويات الشعبية خاصة أن العلاقات بين الشعبين الشقيقين ليست وليدة اليوم لكنها ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.
وإذا تحدثنا عن التاريخ، فالعلاقات بين البلدين تمتد لأكثر من 100 سنة، وخير مثال دعم المملكة لمصر فى عام 1973، وحرص مصر على دعم المملكة ودول الخليج فى العديد من المواقف على مر السنوات، بل أن هذه العلاقات تشمل بعدا روحيا يمتد لأكثر من 1400 سنة، وإذا تحدثنا عن الآن فرأينا جميعا عمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع مصر والمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا، حيث كانت السعودية في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، ودورها الكبير الداعم والمساند فى كثير من المواقف السياسية والاقتصادية.
أما إذا أردت أن تُقيّم أية علاقة بين بلدين بشكل حقيقى، انظر إلى مستوى العلاقة بين القيادات السياسية واللقاءات المتبادلة بينهما، فمن ينكر عمق العلاقات المصرية السعودية بعد تولي الرئيس السيسي الحكم في 2014 والتي أنتجت ثمارا ونتائج كبيرة اتضح جليا في التنسيق والتشاور بين القيادتين في القاهرة والرياض، بهدف مواجهة كل ملفات المنطقة وأزماتها، وما يتعلق بها من تهديدات وتحديات فى ظل إطالة أمد الصراع واحتدام الخلاف فى كثير من هذه الدول.
أخيرا.. يكفيك أن تعلم عظمة هذه العلاقات وعمقها التي هي ضاربة في جذور التاريخ من تفاعل المصريين والسعوديين على مواقع التواصل الاجتماعى وإطلاق هاشتاج "#السعوديه_مصر_واحد" على موقع تويتر، فالكل يتبارى للحديث عن قوة وعمق العلاقات المصرية السعودية، التي تزداد كل يوم رسوخاً وعمقا مهما حاول المشككون وأهل الفتنة من الإيقاع أو تعكير الصفو بين البلدين الشقيقين التي هما رومانة الميزان في المنطقة..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة