تمر السنوات ويظل المفكر الكبير عباس محمود العقاد (1889- 1964) علامة لا يمكن تجاوزها بين مفكرى ومبدعي القرن العشرين، بل إن مكانته متقدمة، ومعظمنا يجعله دائما الصنو الملازم للدكتور طه حسين، هما فرسا رهان، هذا أجاد في كذا والآخر أجاد في كذا.
واليوم تمر ذكرى رحيل العقاد الذى توفى يوم 12 مارس من سنة 1964 ولا تزال شخصيته قابلة للقراءة، بالطبع لا يمكن حصر ميزات العقاد، ولا الادعاء بأن مفتاحه يكمن في نقطة معينة، فقد كان موسوعيًّا، مما جعل مناقشاته للموضوعات يأتي دائما معمقًا، وليست مجرد إشارات والسلام، كما أن قدرته على الجدل كان له فائدة في طرح الآراء المتعددة والرد عليها، واستعداده الدائم لخوض المعارك الأدبية جعله حاضرًا دائما في الوسط الثقافي، وكتبه ذات الطابع الإسلامي صنعت له شهرة كبيرة وممتدة حتى الآن، وقدرته المستمرة على الكتابة في الصحف والمجلات جعله لا يغييب، وصداقته بعدد من الشخصيت العامة منهم سعد زغلول قد منحته "ثقلا" في الحياة المصرية عامة، كما أن موقفه من الملك وتحديه لأعلى سلطة في المصرية ودخوله السجن في مقابل موقفه قد منحه سمتا بأنه "صاحب موقف".
كل ما ذكرناه صحيح، وهو ما يمكن أن نرجعه لسمة أساسية في العقاد هي الاعتداد بذاته، فعباس محمود العقاد كان يرى نفسه في مكانة عالية، ويعرف أن الثقافة هي من تمنحه حقه في كاملا غير منقوص ، لذا راح يعتد بنفسه، لكنه لم يفعل ذلك عن طريق الادعاء، بل عن طريق "الحقيقة"، فسعى العقاد أن يصبح إنسانا حقيقيا، وحقيقته لا تكون إلا بتمكنه ومشاركاته ومناقشاته ومعاركه.
هكذا عاش العقاد، وهكذا ألف وأبدع وترك أثرا، فلا شيء مثل إيمان الشخص بذاته يمكن أن يذهب به بعيدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة