بث تليفزيون اليوم السابع، حلقة جديدة من برنامج "السرداب"، والذى تناول فيها تلك المرة زيارة لآخر مساجد الدولة الفاطمية في مصر، وهو مسجد الصالح طلائع، آخر مسجد بني قبل سقوط الدولة الفاطمية، والذى يحمل قصة عظيمة، لهذا الوزير الذى حمل المسجد اسمه.
ويقول المؤرخ المصري المقريزي، في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، أن مجموعة من الشيعة الفقراء من أرمينيا، زاروا مشهد الإمام علي بن أبي طالب في النجف في العراق، وكان بينهم طلائع بن زريك ، ولما باتوا هناك رأى خادم المسجد في منامه الإمام علي بن أبي طالب يقول له له إن أربعين من الفقرا يبيتون في المسجد، منهم شخص اسمه طلائع بن زريك، فأبلغه أن علي بن أبي طالب يأمرك أن تذهب إلى مصر فسيكون لك فيها شأن عظيم".
وبالفعل قام الخادم من منامه وحكى للصالح طلائع الرؤيا لينفذها الصالح طلائع. ولأنه كان معروف بحلاوة اللسان، وطيب المعشر، بدأ يترقى داخل سلم الخدم الفاطمي حتى تم توليته ولاية الصعيد.
في سنة 549 هجريا وقعت في القاهرة فتنة عظيمة واضطراب كبير، انتهى بقتل الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله على إيد واحد من أصدقاؤه، لم يبق في القصر سوى أطفال صغار ليتولوا الخلافة ، واحد منهم مريض مرض عضال ولا يؤمل شفاؤه ، واسمه الفائز بنصر الله، والذى مات وعمره 11 عاما، ليتولى بدلا منه الخلافة أخيه "العاضد بأمر الله"، لكن في هذا الوقت لم يبق في القصر سوى مجموعة من النساء إخوة الخليفة.
وساعتها أرسلت النساء في القصر لـ "الصالح طلائع" يستغيثوا به كي يأتي من الصعيد، لينقذهم من الفوضى، وكي يؤثروا عليه عاطفيا ونفسيا، قطعوا شعورهم، وضفائرهم ووضعوها في الرسالة، كي يعرف قدر الذل والخوف وما يعانونه.
تأثر الصالح طلائع، بالرسالة التي تحمل ضفائر نساء القصر، وقدم إلى القاهرة، وحكمها بدون قتال، ومع الوقت بدأ الصالح طلائع يفرض ضرائب على الأغنياء، وقواعد صارمة لم تعجب الكل، وهو ما جعل هناك حالة من الغضب ضده بين كبار الدولة الفاطمية.
وبدأت المكائد ضد الصالح طلائع تتزايد، وتآمرت نساء القصر لقتله، وهي المؤامرة التي نجحت فعلا حين نجحت عملة الخليفة "ست القصور" في قتله أثناء تواجده بقصر الخلافة.
كان موت الصالح طلائع هو موت لآخر شخص قوي في الدولة الفاطمية، بعدها تزايدت الفتن، وكان آخرها فتنة الوزيرين شاور وضرغام، التي ساهمت في إنهاء الدولة الفاطمية نهائيا، بعد 10 سنين من موت الصالح طلائع، وأقيمت بدلا منها دولة الأيوبيين.
أما المسجد الذى استكمل ابنه بناؤه، فبقي 90 عاما لا تقام فيه صلاة جامعة، حتى أمر السلطان المملوكي عز الدين أيبك في سنة 1250 ميلاديا، بإقامة الصلاة الجامعة فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة