ركود وبطالة وأزمة تضخم ألقت بظلالها علي اقتصاديات الدول الكبرى والصغري علي حد سواء منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير 2022، إلا أن تلك الآثار الاقتصادية لم تعرف طريقها إلى مصانع السلاح الكبرى أو شركات الأنظمة الدفاعية، فبخلاف ما طال قطاعات عدة كانت صناعة السلاح الأكثر رواجاً ونشاطاً وانتعاشاً خلال الأشهر القليلة الماضية.
البنتاجون يواجه الكونجرس لتأمين "ميزانية" استثنائية
وفى الولايات المتحدة، عكس مشروع ميزانية الرئيس الأمريكي جو بايدن لعام 2024، وما تضمنته من أرقام، اهتمام متزايد بملف الصناعات العسكرية، حيث كشفت وزارة الدفاع الأمريكية تفاصيل طلب الميزانية الخاصة بها ضمن الميزانية الجديدة، والبالغ 842 مليار دولار حيث ذكر المسؤولون أن التوسع في الميزانية سببه التركيز على مواجهة الصين وليس فقط تداعيات الحرب الأوكرانية.
ووفقا لمجلة بوليتكو، اظهرت حرب أوكرانيا نقطة ضعف في القاعدة الصناعية العسكرية الأمريكية حيث كافح صانعو الأسلحة لمواكبة الطلب الجديد الهائل على الصواريخ والذخيرة وللمرة الأولى ، طالبت وزارة الدفاع من الكونجرس تمويل عمليات شراء هذه الأسلحة لعدة سنوات ، بدلاً من تقديم طلبات سنويًا ، في خطوة يأمل المسؤولون أن تساعد في دفع الإنتاج إلى مستوى أعلى من أجل معركة مستقبلية.
وقال مسؤولون إن البنتاجون يطلب من الكونجرس 30.6 مليار دولار في السنة المالية 2024 للذخيرة ، بزيادة قدرها 5.8 مليار دولار عن طلب 2023، بما في ذلك مليارات الدولارات للذخيرة والصواريخ التكتيكية والاستراتيجية ، إلى جانب تطوير التكنولوجيا، ويتضمن ذلك طلبًا للمشرعين بتمويل مشتريات متعددة السنوات وزيادة إنتاج صواريخ جوية وبحرية متطورة يمكن استخدامها في صراع مباشر ضد خصم متقدم مثل الصين.
وفى بروكسل ، عاصمة الاتحاد الأوروبي ، لا حديث خلف الكواليس أعلي من صفقات السلاح والتعاقدات الدفاعية الجديدة لصالح أوكرانيا ، والتي تخلق بطبيعة الحال انتعاشة في قطاع الصناعات الدفاعية، فبحسب ما رصدته شبكة سي إن إن الأمريكية في تقرير سابق ، توفر خطة الاتحاد والتي تبلغ 2 مليار يورو ما يعادل 2.1 مليار دولار لشراء ذخيرة لصالح أوكرانيا.
المبالغ المرصودة اعتبرتها الشبكة الأمريكية بمثابة دفعة جديدة لشركات الأسلحة في اوروبا التي شهدت بالفعل ازدهار في أسعار الأسهم منذ بدء الحرب وزيادة الطلب على منتجاتها الدفاعية.
وفى منتصف مارس الماضي ، اختتم وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي قمة استمرت يومين في السويد وكانت النتيجة اتفاقًا مؤقتًا لشراء قذائف مدفعية من عيار 155 ملم كانت كييف في أمس الحاجة إليها، وإرسال المزيد من قذائف المدفعية إلى أوكرانيا من المخزونات الحالية لدول الاتحاد.
وفي ذلك الحين، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن بلاده بحاجة إلى مليون طلقة من الذخيرة "في أقرب وقت ممكن" لردع القوات الروسية.
وفى تصريحات نشرتها شبكة سي إن إن ، قال ميكائيل يوهانسون الرئيس التنفيذي لشركة "ساب" السويدية للصناعات الدفاعية : أعتقد أن العديد من البلدان لديها دعوة للاستيقاظ ، وتحتاج إلى تجديد مخزوناتها وزيادتها .. وسيستمر هذا لعدد من السنوات القادمة.. اكتشف المستثمرون هذه الفرصة ، وعملوا على زيادة مخزونات الدفاع في الأشهر الأخيرة حيث زاد حلفاء أوكرانيا من دعمهم العسكري ، في الوقت الذي يسعى فيه بعض المانحين إلى تجديد مخزوناتهم التي تقل.
وارتفع مؤشر STOXX Europe Total Market للفضاء والدفاع ، الذي يقيس قيمة 25 شركة دفاعية رائدة ، بنسبة 41% منذ أواخر سبتمبر وحتي نهاية مارس متفوقًا على المؤشر القياسي الأوسع في المنطقة ، Stoxx Europe 600 ، بنسبة 18 نقطة مئوية، كما ارتفع مؤشر MSCI العالمي الذي يقيس قيمة اسهم شركات الفضاء والدفاع ، وهو معيار عالمي ، ما يقرب من 26 % خلال نفس الفترة.
مع استمرار حرب أوكرانيا مع روسيا للعام الثاني ، أكد الاتحاد الأوروبي - إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، الداعمين الرئيسيين الآخرين لكيف - تضامنه مع أوكرانيا، وترجم هذا التضامن إلى التزامات أخرى بشأن الإنفاق العسكري في الأسابيع الأخيرة.
في أوائل فبراير ، أعلن التكتل أنه سيضخ 545 مليون يورو أخرى (575 مليون دولار) في صندوق المساعدة العسكرية الذي تبلغ قيمته 3.6 مليار يورو (3.8 مليار دولار) لأوكرانيا.
وفي يناير ، وافقت ألمانيا وفرنسا وبولندا والمملكة المتحدة على تزويد كييف بالدبابات القتالية الحديثة ، استجابة لدعوة متكررة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، على الرغم من المخاوف من أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تشعل توترات الغرب مع روسيا.
وسجلت بي أيه إي سيستمز (BAESF) ، أكبر مقاول دفاعي في أوروبا من حيث الإيرادات ، طلبات قياسية بقيمة 37 مليار جنيه إسترليني (44 مليار دولار) العام الماضي ، على الرغم من أن الغالبية كانت مرتبطة ببرامج ما قبل الحرب.
قال براد جريف ، المدير المالي للشركة البريطانية ، للمستثمرين الأسبوع الماضي أنه يتوقع أن تأثير إعادة التخزين "سيأتي لاحقًا حيث تقوم الحكومات بتحويل الطلب إلى طلبات مؤكدة"، وأضاف انه ضمن اهم العوامل للحفاظ على استمرار دورة نمو أطول للصناعة.
ارتفعت أسهم شركة BAE البريطانية بنسبة 55% منذ أن شنت روسيا حربها على أوكرانيا منذ أكثر من عام بقليل، وتتوقع الشركة أن ربحية السهم - مقياس الربحية - ستزيد بنسبة تتراوح بين 5% و 7% خلال عام 2023.
وقال أحد الخبراء لشبكة "CNN"، الطلبات المرتبطة مباشرة بأوكرانيا بدأت في الارتفاع خلال ديسمبر، والمزيد قادم بالتأكيد، مشيرًا إلى أن الحكومات الغربية تنفق المزيد على الدفاع والأمن وسط تصاعد "دراماتيكي للغاية" في التوترات الجيوسياسية.
في ألمانيا ، قالت شركة Rheinmetall (RNMBF) ، أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في البلاد ، إنها تأمل في افتتاح مصنع دبابات قتال بقيمة 200 مليون يورو (211 مليون دولار) في أوكرانيا ، قادرًا على إنتاج حوالي 400 دبابة سنويًا - وهي علامة أن شركات الدفاع تتوقع طلبًا قويًا لسنوات قادمة.
وعلى المدى القريب على الأقل ، من غير المرجح حدوث تباطؤ في أوامر الحكومة، حيث قال جوزيب بوريل ، رئيس الشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي ، في بيان الشهر الماضي: "يجب أن تحصل أوكرانيا على كل المعدات العسكرية الضرورية والتدريب الذي تحتاجه للدفاع عن أراضيها"، مشيرا إلى أن الاتحاد سيواصل دعم أوكرانيا للمدة التي يتطلبها ذلك "طالما هو مطلوب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة