عاد الحوار الوطنى إلى الواجهة من جديد بعد إعلان ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطنى انطلاق الحوار الأربعاء المقبل الثالث من مايو، وبعد تحديد المحاور، واستيعاب كل العناصر والمناقشات التى جرت على مدى الشهور الماضية منذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى الذى يستوعب الجميع دون استبعاد أو إقصاء، لكل من لم يتورط فى عنف أو تحريض.
وعلى مدى الشهور التى تلت مبادرة الرئيس شهدت الكثير من المناقشات فى الفضائيات أو مواقع التواصل، وتم بناء الثقة من خلال تفعيل لجنة العفو الرئاسى، التى بدأت عملها منذ إبريل 2022، وخرج المئات، سواء بقرار من النيابة العامة أو بقرارات رئاسية وجهد اللجنة فى إعادة دمج المفرج عنهم فى المجتمع، ومتابعة عودتهم لحياتهم وأعمالهم، بما يؤكد إصرار الدولة على السير باتجاه توسيع المشاركة وتدعيم الحوار الوطنى، وتوسيع مجال الحوار للجادين والقادرين على قراءة الواقع، والاستفادة من تجربة السنوات الماضية.
ومنذ إطلاق مبادرة الرئيس تحدث سياسيون ونواب ونشطاء فى كل القنوات ووسائل الإعلام، أو كتبوا على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعى، وطرحوا وما زالوا آراء أو مطالب وتصورات حول رؤيتهم للحوار، أو ما يرون أنها القضايا الأولى بالمناقشة، بما يقود إلى بلورة رؤى يمكن أن تمثل أرضية للحوار، الذى ينتظر الرأى العام من المشاركين فيه نتائج ملموسة.
ومن بين العناصر الإيجابية التى تمت على مدى الشهور، هو فتح المجال لطرح قضايا الحوار فى الإعلام والقنوات المختلفة، حيث عرض سياسيون وحزبيون وخبراء وحقوقيون، رؤيتهم وأفكارهم ومطالبهم من الحوار، وهناك بالفعل ردود أفعال إيجابية من قبل المشاركين شجعت آخرين على المشاركة، والمفارقة أن بعضا ممن أعلنوا عدم مشاركتهم، أعلنوا آراءهم على صفحات مواقع التواصل أو فى قنوات ومنصات أخرى، وهو ما يجعلهم مشاركين فى النقاش أيضا بدرجة ما.
ربما يكون على المشاركين فى الحوار تفهم واستيعاب ما جرى خلال سبعة شهور منذ إطلاق الدعوة للحوار، على المستوى الدولى والإقليمى، والتعامل مع الاقتصاد ضمن انعكاسات التفاعلات الدولية، ومع أهمية المحورين السياسى والاجتماعى، فإن المحور الاقتصادى يشغل مساحات أوسع، بحكم انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادات العالم، وكيفية التعامل معها محليا من خلال إجراءات وخطط معلنة، وهناك آراء تقوم على قوالب ثابتة، وأخرى تتفاعل مع تجربة مصرية نجحت فى تجاوز أزمات سابقة، وأن المشروعات الكبرى وشبكات الطرق والطاقة والزراعة وفرت فرص عمل، وساهمت فى تغطية فجوات كان يمكن أن تمثل خطرا فى حال عدم وجودها، حيث ساهمت هذه المشروعات فى توفير فرص عمل وبنية أساسية تساعد فى أى توسع صناعى أو استثمارى، بجانب تفاصيل كثيرة تتعلق بحجم التحولات الاقتصادية فى العالم وإعادة بناء النفوذ الاقتصادى، وكيفية إدارة التحالفات والخطوات الاقتصادية.
وتظل أهم خطوة فى الحوار الوطنى أنها تفتح الباب لمناقشات وآراء متنوعة، والأهم هو بناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية، وهذه الثقة هى الأرضية التى تتيح مجال التفاهم، وأن يكون الحوار الوطنى أداة لإدارة التنوع فى المجتمع وإعطاء شعور للجميع بالمشاركة، باعتبار أن الدولة وصلت لمرحلة من اللياقة تمكنها من إدارة الحوار، وفتح آفاق التفاهم، فإن التيارات السياسية والاقتصادية بحاجة إلى التقاط فرصة متاحة، يمكن أن تكون أساسا للبناء عليها، والاستفادة من تجربة 12 عاما جرت فيها تحولات كثيرة محليا وإقليميا ودوليا، وفيها أجيال كبرت ونضجت وأصبحت أكثر خبرة ووعيا، فضلا عن وجود مئات الملايين فى فضاء واسع لمواقع التواصل، ربما تكون هناك حاجة للتفاعل معهم وإشراكهم فى هذا الحوار.