النسيان والخطأ من سمات الإنسان، ومن أصل بشريته، نقع فيهما كثيرًا مرارًا وتكرارًا، وهما دليل ضعفه وعدم اكتماله، وكما نعرف فإن الضعف من سمات الإنسان، بينما الاكتمال من صفات الله سبحانه وتعالى.
يقول الله سبحانه في سورة البقرة "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" وهو دعاء يدعو به العارف لطبيعته والقاصد لله سبحانه وتعالى أن يعينه ويساعده، وهو كما يقول المفسرون تعليم من الله عز وجل لعباده المؤمنين كيف يدعونه، وما يقولونه في دعائهم إياه. ومعناه: قولوا: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا " شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله،" أو أخطأنا " في فعل شيء نهيتنا عن فعله ففعلناه، على غير قصد منا إلى معصيتك، ولكن على جهالة منا به وخطأ.
ويمكن فتح الباب واسعًا والتأمل في طبيعة الإنسان، فعادة ما يأخذ الغرور بالإنسان، فينسى طبعه ويتعالى على خلق الله ولا يعرف مدى ضعفه وهوانه، فعقله ينسى ومنطقه يخطئ، والنسيان - وما أكثره- قد يؤدي إلى التهلكة، والخطأ يوجب على الواحد منا العقاب، إلا ما رحم ربي.
وفي حالة النسيان قد يكون الإنسان واعيًا لمكانته وعارفا بدوره، لكنه قد ينسى الحق ويشغله شيء ما عنه، وما أكثر الشواغل التي تأخذنا بعيدا، فيدعو الله أن يسامحه ويطلب منه أن يذكره بالحق.
وفى حالة الخطأ، قد يكون الإنسان قاصدا الخير لكن الأمور لا تسير كما يشاء، فيغيب التوفيق ويجد نفسه قد ارتكب ما لم يقصده، أو قد يكون الخطأ مقصودا من باب العند والغرور وفى هذه الحالة أيضا إن عاد الإنسان لله رده الله للحق.
ويحمي الإنسان نفسه بالدعاء فيسأل الله أن يقيه مما يتعرض له، وما يحل به، وهذه الآية ممتلئة بالرحمة لأن فيها أمل، يأتي من إقرار الإنسان بأنه ينسى ويخطئ وفى الوقت نفسه هناك أمل في المسامحة والغفران في الحالتين.
هكذا الدعاء ينقلنا من حال إلى حال ويأخذ بأيدينا إلى النجاة، فربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا استجب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة