في ظل تعرض النظام العالمي إلى هزّات اقتصادية ومتغيرات سياسية مختلفة خاصة بعد أزمة روسيا وأوكرانيا، وفي ضوء الدعوات المناوئة للهيمنة الأمريكية، وسطوة الدولار على التعاملات الدولية، وفى ظل تقديم تحالف بريكس نفسه كبديل للكيانات المالية والسياسية الدولية الحالية، والعمل على تعزيز دوره كتحالف اقتصادي يتمتع بمجموعة من المزايا تؤهله لمنافسة مجموعة السبع وسحب البساط من تحت الدولار الأمريكى، ليكون السؤال الذى يطرح نفسه في كافة الأوساط السياسية والاقتصادية، بل بين عامة الناس، نظرا للتسبب فى موجة التضخم العالمية التى أدت الى ارتفاع الأسعار وخلق حالة من الاضطرابات فى كافة الاقتصاديات، خاصة بعد إصرار الفيدرالى الأمريكى على رفع الفائدة مرات ومرات، هل سيقى الدولار العملة الدولية الأبقى؟
والإجابة فى رأينا أنه رغم الهزات التي حدثت للدولار والنجاحات الملحوظة والملموسة والمتتالية لتحالف بريكس، بعد أن أبدت 19 دولة اهتماماً بالانضمام للتحالف، وأن 13 دولة تقدمت بطلبات رسمية، لكن يبقى الدولار هو العملة الدولية الأقوى بسبب قوة الاقتصاد الأمريكي لتمتعه بديناميات متسارعة، وبمرونة سوق العمل، ولأن خطط واستراتيجيات كثير من الدول خلال السنوات الخمس المقبلة قائمة على الدولار، وبالتالى فمن المتوقع أن يظل الدولار هو المهمين رغم هذه الهزات على الأقل حتى ٢٠٢٨ أو ٢٠٣٠.
وبعيدا عن البعد الاقتصادى فهناك بعد آخر لا يقل أهمية من وجهة نظرنا، أن دول مجموعة السبع لا تعتمد في هيمنتها على الاقتصاد العالمي على القوة الاقتصادية فقط، لكن تعتمد أيضاً على علاقات سياسية واستراتيجية وعسكرية وترابطات قوية بمراكز صنع القرار في كثير من دول العالم، وهذا ما يعطى قوة للدولار أو على الأقل يبطئ حركة نجاحات تحالف "بريكس" لأن الحرب شرسة وستكون أشرس حال المواجهة الحقيقية، فليس من المعقول أن تقف مجموعة السبع موقف المتفرج أمام انهيار علمتها الرئيسية والسماح لعملة أخرى السيطرة على النظام العالمى الذى يقودونه بالدولار.
وأخيرا.. لا شك الدولار يتعرض لهزات هي الأعنف خلال العقدين الآخريين، وأن توسيع عضوية بريكس يساعد على تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد لن تكون قيادته حكراً على الغرب والولايات المتحدة، لكن سيبقى الدولار كعملية دولية قوية حتى تحدث مفاجأة غير متوقعة تحدث انهيارات للاقتصاد الأمريكي، أو نقول أنه خلال السبع سنوات المقبلة سنكون حتما أمام نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب بديلا على نظام القطب الواحد القائم على هيمنة دولة عظمى واحدة وعملة عظمى، إذن كل المؤشرات تؤكد أن يكون هناك نظام متعدد الأقطاب اقتصاديا وسياسيا فى ظل ما نراه الآن من ملامح التغيير والتمرد والتشكيل، ويبقى الأمر بمثابة مسألة وقت ومرهونة بحسم الخلاف على قيادة العالم بين القوى العظمى المتصارعة الآن..