في ظل فعاليات الحوار الوطنى الجارية الآن على قدم وساق لمناقشة العديد من القضايا والمقترحات المقدمة بهدف الوصول إلى مخرجات لصالح المواطن المصري، وبناء الجمهورية الجديدة القائمة على بناء الإنسان والدولة معا، نعتقد أن ملف الحماية الاجتماعية هو الأهم في ظل الظروف الراهنة والتحديات العالمية وتأثيراتها على الجميع جراء موجة التضخم العالمية، نعم الدولة تضع الحماية الاجتماعية على رأس أولوياتها، والدليل أنها رفعت مخصصات الحماية الاجتماعية إلى 529.7 مليار جنيه بموازنة 2023-2024.
وفى رأينا أن ربط برامج الحماية الاجتماعية ببرامج التمكين الاقتصادي والمشروعات الصغيرة أمر مهم يجب أن يتم وضعه على رأس الأولويات نحو تعزيز كفاءة الحماية الاجتماعية، لأن هذا يُحفز المواطنين من جهة، ويُساعد على التحول من فرد أو أسرة تتلقى دعما إلى أسرة مُنتجة تساهم في عملية التنمية من جهة أخرى، وهذا لا يتم إلا من خلال إدارة جيدة للموارد، وضمان التنسيق مع الجهات مقدمة الخدمة المختلفة.
وكذلك، يجب العمل على إشراك المجتمع المدني في عملية صنع سياسات الحماية الاجتماعية مع مؤسسات الدولة المختلفة، وهذا لا يتأتى - فى رأينا - إلا من خلال وضع آليات واضحة ومحددة تساعد على التنسيق والتعاون بين كل الجهات مقدمة الخدمة، خاصة أن القطاع الأهلى يمتلك خبرات كبيرة في مجال الحماية الاجتماعية.
وتأكيدنا على ضرورة إشراك المجتمع الأهلى في تعزيز كفاءة الحماية الاجتماعية يرجع إلى أن لدينا تجربة مُلهمة في التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي؛ الذي يقوم بدور فاعل ليس فقط على مستوى خدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة فحسب، لكن أيضا من خلال التمكين الاقتصادي للفئات الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية، وهذا ما رأيناه جليا خلال الشهور الماضية..
وكذلك ضرورة التنوع في برامج الحماية الاجتماعية لتغطية الاحتياجات من تمويل ورعاية لتشمل كل الجوانب والاهتمامات الخاصة بكل الفئات بهدف تمكين تلك الفئات اقتصاديًا وصحيا واجتماعيا ونفسيا، وتأهيلهم لسوق العمل، لتتحول تلك الفئات إلى فئات منتجة، وهذا ما تعمل عليه الدولة لكن ما نطالب به هوأن يتم مراعاة توفير ضمانات الاستدامة عند التمويل، وتوحيد مظلة الحماية الاجتماعية حتى لا تشتت الجهود المبذولة.
وإلى مقال آخر نقدم من خلاله بقية الاقتراحات لتعزيز كفاءة الحماية الاجتماعية، لأننا كما ذكرنا أن الحوار الوطنى نجاحه مرهون بحل مشكلات المواطن البسيط والعمل على الارتقاء بمستواه المعيشى..
ولا ننسى رسالتنا لكل مشارك فى "الحوار الوطنى" أن الحوار هو السبيل الوحيد للتواصُل والتفاهم والتقارب والالتقاء بين الناس، ومنهج من مناهج الإصلاح في المجتمعات، ولا يكون الحوار نافعا إلا من خلال آداب وفضائل، أهمها التَّحلِّى بالثوابت الأخلاقية والوطنية، والحديث بعِلْم وحُجَّة لا بتنظير وهوى، والتزين بالحِلم وحسن الظن لا بالنرجسة وسوء الظن، فإذا كان هذا مبدأ المشاركين في أى حوار فالنجاح حتما سيتحقق، بل سيتحقق التماسك بين أفراد المجتمع وفئاته، وتُبنى جسور التعاون لنصل في النهاية جميعا إلى نتائج مرجوة تفيدنا وتفيد وطننا.