أعادت قصة الغواصة تيتان المنكوبة من جديد ذكريات السفينة تيتانيك والكارثة التى حلت بها، وتجددت الكارثة بطريقة تحمل من الغموض والإثارة ما يكفى لطرح الكثير من الأسئلة، والتحليلات حول مدى صحة الموضوع كله والقدرة على تفهم وجهات نظر صناع الغواصة تيتان والركاب الذين ذهبوا فى رحلة لرؤية حطام، فالتحقوا به فى مغامرة لم تسلم من التساؤلات حول اللحظة التى قرروا فيها الذهاب إلى رحلة معروف مخاطرها.
وتم طرح أسئلة تبدأ من تكلفة الرحلة، وتصل إلى الشكوك فى الغواصة، بل وبعض نظريات الغموض والبحث عما وراء الرحلة والاختفاء، ويرى المغامرون أن الرحلة تيتان تستحق المغامرة والبعض الآخر اهتم بأن بعض الأثرياء يريدون شراء متع تختلف عما يعرفه عامة الناس، وبالطبع انشغلوا بمصائر الخمسة الذين راحوا فى الغواصة المنكوبة، وهم ستوكتون راش، مؤسس الشركة التى تدير السفينة وقائد هذه الرحلة، وهاميش هاردينج، رجل أعمال ومستكشف بريطانى، وشاه زاده داوود وابنه سليمان، رجل أعمال من أصل باكستانى وابنه المراهق، وبول هنرى نارجوليت، خبير بحرى فرنسى.
فى قاع المحيط الأطلسى وبالقرب من السفينة تيتانيك، تم اكتشاف «حقل حطام» من الغواصة المفقودة تيتان على بعد حوالى 488 مترا من مقدمة السفينة تيتانيك، وعلى عمق 4 كيلومترات من سطح الماء، فى زاوية نائية من شمال المحيط، أعلن مسؤولون فى خفر السواحل العثور على 5 أجزاء كبيرة من حطام الغواصة «تيتان»، التى يبلغ طولها 6.7 متر، وكانت تقل 5 أشخاص فى رحلة لمشاهدة حطام السفينة تيتانيك التى غرقت قبل أكثر من 100 عام، لكن تيتان انتهت بـ«انفجار داخلى كارثى» أودى بحياة جميع من كانوا على متنها، لتنتهى بذلك عملية بحث متعددة الجنسيات استمرت 5 أيام.. كشف مسؤولون شاركوا فى البحث عن الغواصة المنكوبة، أن نظام الكشف الصوتى العسكرى السرى المصمم لرصد الغواصات المعادية، رصد لأول مرة ما يشتبه بأنه انفجار داخل الغواصة تيتان بعد ساعات فقط من بدء رحلتها، ولم يتم الإعلان عن الانفجار، لأنه لم يكن هناك تأكد من أن الانفجار يخص تيتان، التى تم اكتشاف حطامها.
الغواصة «تيتان»، التى تشغلها شركة أوشن جيت الأمريكية فى رحلة مدتها ساعتان، لكنها فقدت الاتصال مع سفينة الدعم بعد مضى حوالى ساعة و45 دقيقة، تكلفة الرحلة السياحية الاستكشافية لحطام تيتانيك، 250 ألف دولار للشخص الواحد، حسب موقع شركة أوشن جيت التى تنظمها منذ 2021، وقد أثيرت قبل ذلك فى عام 2018 أسئلة حول سلامة الغواصة «تيتان» خلال ندوة لخبراء صناعة الغواصات، وفى دعوى قضائية رفعها رئيس العمليات البحرية السابق فى الشركة وتمت تسويتها، وسبق وأعلن بعض من شاركوا فى الرحلة أنهم واجهوا نقص الطاقة واضطروا فى أكثر من مرة للخروج قبل الموعد.
وبعد الإعلان عن انفجار تيتان ظهرت الكثير من التحذيرات السابقة والسوابق والمخاوف، وأنه لم يتم الالتفات إلى التحذيرات، وكشف المخرج الشهير جيمس كاميرون، الذى غطس لحطام تيتانيك 33 مرة فى حديث لشبكة «آيه بى سى» إن عددا من كبار المؤثرين فى مجتمع هندسة الأعماق كتبوا رسائل إلى الشركة المشغلّة للغواصة بشأن مخاوف تتعلق بالسلامة، وروى الممثل المكسيكى آلان استرادا عن تجربته فى الغواصة المنكوبة «تيتان» عندما تم استنزاف طاقة المركبة بسرعة كبيرة وعلى نحو مفاجئ إلى ما يقارب 40 %، واضطروا للصعود قبل نصف الوقت، واعتبرت الأوساط الإعلامية والهندسية رحلة «تيتان» نحو حتفها مغامرة كبيرة لغواصة غير مؤهلة ولم يراع القائمون عليها شروط الغوص والسلامة التى خاضتها قبلهم عشرات الفرق والمغامرين الذين زاروا السفينة وصوروها ومن بينهم جيمس كاميرون، وحسب خبراء الأعماق، لا يعد الوصول إلى النقاط البعيدة فى المحيطات مشكلة، إذا تمت مراعاة قوانين السلامة واشتراطاتها، كما فعل مغامرون آخرون مثل جيمس كاميرون، الذى وصل لأبعد نقطة فى الأرض، وهى «خندق مارينا» غرب المحيط الهادى.
غرقت تيتان ولا تزال هناك أسئلة عن السبب الذى دفع المغامرون لركوبها، وتقول تفاصيل التعاقد مع الشركة إن من يقبل الرحلة يوقع على احتمال الغرق والموت، وأن هذا جزء من المغامرة، وأن كل من يقبل على رحلة كهذه، أو رحلة للفضاء يعرف حجم الخطر، وبالتالى فهو يستعد له، وأن غرق هذه الغواصة تيتان لن يوقف استمرار تطوير هذا النوع من الغواصات، لأسباب بحثية أو استكشافية.
وفى المقابل هناك من يرى أن الأمر يتعلق بالأثرياء ورغبتهم فى التميز والمتعة بأى طريقة، لكن هناك من يرى أنه لولا هذه المغامرات والخسائر ما استطاع الإنسان تحقيق أغلب الاختراعات كالطيران والسفن، بل والصعود للفضاء، وتتواصل المناقشات هل كانت تيتان مغامرة أم محاولة انتحار؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة