يوسف أيوب يكتب: 30 يونيو لحظة فارقة فى بداية مسار جديد.. علاقات دولية متوازنة ومتنوعة.. سياسة خارجية قوامها الأساسى التنوع والحفاظ على مكونات الدولة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار

الجمعة، 30 يونيو 2023 12:00 م
يوسف أيوب يكتب: 30 يونيو لحظة فارقة فى بداية مسار جديد.. علاقات دولية متوازنة ومتنوعة.. سياسة خارجية قوامها الأساسى التنوع والحفاظ على مكونات الدولة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت ثورة 30 يونيو لحظة فارقة، ليس فقط فى إعادة الدولة المصرية للمصريين، وإنما فى الانطلاق خارجيا وفق سياسة ورؤية جديدة، تعتمد فلسفة واستراتيجية واضحة قوامها الأساسى التنوع واعتماد تبادل المصالح مبدأ، والحفاظ على مكونات الدولة الوطنية هدفا، وتحقيق أمن واستقرار الدول، عنوانا رئيسيا.
 
وفق هذه الرؤية والاستراتيجية بدأت الدولة المصرية بعد 30 يونيو فى نسج خيوط سياسة خارجية جديدة، لا تعتمد على وجه واحد، وإنما أخذت بمبدأ التنوع، لذلك فتحت القاهرة أبوابها وأيديها أيضا للشرق والغرب، فأوصلت رسالة واضحة للجميع، أن مصر الجديدة، لا تدين لأحد إلا لشعبها، وأنها لن تكون تابعة لأحد، وليست ضمن محاور أو أحلاف، بل تعمل على علاقات متوازنة مع الجميع.
 
فى بداية الأمر، راهن البعض على أن هذه السياسة لن تصمد طويلًا أمام ضغوط خارجية، وتحركات دولية من أطراف إقليمية لمحاصرة الثورة المصرية، لكن بعد 2014، وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيسًا للجمهورية، ووضعه لخيوط السياسة الخارجية والسير بها للأمام، تأكد للجميع أن الشخصية المصرية الجديدة، تنفذ ما قالته فعلا، ولا مجال للتراجع.
 
نعم تعرضت القاهرة لضغوط شديدة، بعضها سياسى، والكثير منها اقتصادى، لكن صمدت الدولة، وواصلت سيرها ومسعاها، رافضة التراجع، ليس عنادًا، وإنما اقتناعًا مدعومًا بسياقات متعددة بأن هذا المسار هو الصحيح.
 
ووسط متغيرات ومنعطفات عديدة تعصف بأركان النظام العالمى على كل المستويات سواء سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية كان لها تأثيراتها العميقة على نمط العلاقات بين الدول سلبًا وإيجابًا إدراكًا من كل دولة لمصالحها الحيوية ومحددات أمنها القومى، صاغت الدولة المصرية سياسة خارجية متوازنة قائمة على الاحترام والمصالح المشتركة مع دول العالم، كما عملت القاهرة برؤية واضحة على تأمين المصالح والأهداف الوطنية فى مختلف الدوائر شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا بالارتكاز على التنوع والتوازن واستكشاف الفرص القائمة والمستجدة لتعزيز العلاقات مع مختلف دول العالم مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمصر؛ ومحددات السياسة الخارجية التى رسمها الرئيس السيسى منذ خطاب التنصيب فى يونيو 2014.
 
وانطلاقا من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على تحقيق السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولى، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادى للعلاقات الدولية، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للغير، واستنادًا لرؤية القيادة السياسية وقراءتها لواقع ومستقبل الأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسى مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكًا لكون تحديد صانع القرار السياسى للأهداف والمبادئ التى تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها، جنت مصر ثمار سياستها الخارجية الجديدة فاستعادت بل وعززت مكانتها دوليًا وإقليميًا.
استقرار راسخ وتنمية شاملة فى إطار الجمهورية الجديدة انعكس بالتبعية فى التحركات الواعية للآلة الدبلوماسية المصرية دعمت من ثقتها فى تحركاتها الدولية والإقليمية فى منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية ونظام عالمى حافل بالمتغيرات والتفاعلات.
 
فكانت التحركات الخارجية متنوعة، ما بين أفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا، كما أعادت القاهرة رسم خريطة الأمن القومى العربى، وعملت على فك التشابكات العربية والخلافات البينية، وصولًا إلى توافق عربى، ظل مفتقدا لسنوات، وفى نفس المسار كان التوجه نحو أفريقيا، التى كادت أن تفقدها مصر، لكن الرئيس السيسى، كونه مؤمن بالعمق الأفريقى للدولة المصرية، أعاد صياغة علاقاتنا مع القارة السمراء، ومع مرور الأيام، بدأت العلاقات المصرية الأفريقية تستعيد رونقها وقوتها، وبعدما تأكد الأفارقة من صدق النوايا والتوجهات المصرية، استدعوا الدور المصرى، ليكون متحدثًا بلسان الأفارقة فى المنتديات والفعاليات الدولية.
 
حتى فى العلاقات مع القوى الكبرى، كانت مصر متوازنة، فلم تميل لهذا الطرف أو ذاك، وقد ظهر ذلك منذ اللحظة الأولى، حينما أكد الرئيس السيسى فى خطاب التنصيب 2014: «أما عن علاقتنا الدولية فى المرحلة المقبلة فستكون علاقات ديمقراطية متوازنة ومتنوعة لا بديل فيها لطرف عن آخر، فمصر تستطيع الآن أن ترى كل جهات العالم، مصر الجديدة ستكون منفتحة على الجميع لن تنحصر فى اتجاه ولن نكتفى بتوجه إننا نتطلع لتفعيل وتنمية علاقتنا بكل من أيد أو سيؤيد إرادة الشعب المصرى ونتعهد معهم على إحياء تعاوننا فى شتى المجالات ذلك التعاون الذى لن يقتصر الاعتزاز به على الدوائر الرسمية وإنما يمتد ليستقر فى وجدان شعوبنا وقاعدة للصناعات الثقيلة؛ فمصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفحتة فى علاقتها الدولية لقد مضى عهد التبعية فى تلك العلاقات».
 
من هنا صاغت القاهرة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والاتحاد الأوروبى واليابان والهند، وكل القوى الفاعلة دوليا، ولا تزال القاهرة تقدم النموذج الناجح فى إدارة علاقات دولية، تأخذ فى حسبانها الاستقرار الدولى والإقليمى وتلبية احتياجات المواطنين. 
 
والمتابع لأداء الدولة المصرية خلال الفترة الماضية، سيجد أنها اتسمت بالقدرة على توظيف وتطوير أدواتها لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحورى إقليميًا ودوليًا، مستمدة زخما قويا من رؤية القيادة السياسية الحكيمة، للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسى مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسى للأهداف والمبادئ التى تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.
 
واستثمرت الدبلوماسية المصرية ما وصلت إليه الدولة المصرية فى ظل قيادة الرئيس السيسى من قوة عسكرية وسياسية، للتحرك بمرونة مع مختلف القوى العظمى وفى الأطر الإقليمية ذات الصلة بدوائر السياسة الخارجية المصرية، فلم يكن مستغربًا نتيجة لذلك أن تكون مصر الطرف الإقليمى الحاضر بقوة وفاعلية، ليس فقط على الصعيد الثنائى، بل وفى القمم الجماعية التى جمعت بين قوى كبرى والدول العربية والإفريقية.
 
ونجحت مصر خلال عشر سنوات من العمل الشاق والعزيمة الصادقة فى أن تتبوأ دورها الإقليمى المحورى، الذى يسعى إليها بقدر ما فرض عليها وأخلصت فيه بلا تَزيُّد، وتمكَّنت باقتدار، من أن تنتقل من مرحلة استعادة التوازن إلى استعادة التأثير، وأن تكون طرفًا مؤثرًا فى مُحيطها الإقليمى، تضع خطوطها الحمراء التى تنسج بها قوة ردع تحفظ توازن المنطقة، وتحول دون انجرافها إلى هوة الفوضى، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الاستقرار الراسخ والتنمية الشاملة فى إطار الجمهورية الجديدة اللذان انعكسا بالتبعية فى تحركات واعية لبوصلة سياسة مصر الخارجية التى باتت واضحة الملامح فى توجهاتها، وزادت من ثقتها فى تحركاتها الدولية والإقليمية فى منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية.
 
ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطنى مستقل.. تلك هى محددات السياسة الخارجية التى رسمها الرئيس السيسى فى خطاب التنصيب فى يونيو 2014، والذى أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصري، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية مبادئ أساسية لسياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة، وذلك انطلاقًا من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولى، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادى للعلاقات الدولية، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للغير.
 
وبالنظر إلى ما حققته الدولة المصرية خارجيا خلال العشر سنوات الماضية، سنجد أنها فى المستقبل تعمل على تقوية دعائمها الخارجية، من خلال مزيد من الانفتاح على القوى الدولية والإقليمية، واستثمار السياسة الشريفة التى انتهجتها الدولة خلال الفترة الماضية، والتى كانت عنوانًا رئيسيًا لتوجهاتها، ونتج عنه سعى الكثير من الدول إلى إعادة العلاقة مع القاهرة، وفقا لقاعدة المصالح المتبادلة، وأيضًا التأكيد المصرى بأهمية الحفاظ على أمن واستقرار الإقليم.
 
ومن واقع التحديات الإقليمية الآنية، خاصة ما يحدث فى السودان واليمن وليبيا، وأيضًا التبدل فى خريطة التحالفات الإقليمية والدولية، سنجد أن مصر ستحافظ على سياق سياساتها الخارجية، لأن هذه التغيرات والتحالفات كانت فى ذهن القيادة المصرية حينما صاغت فلسفتها الخارجية بعد 2014، وأخذت فى الحسبان الرمال المتحركة التى تقف عليها القوى الدولية والإقليمية، وكان الرهان المصرى أنه مهما تبدلت المواقف فلا مجال للخروج عن نسق دعم الدول الوطنية، وأنه مهما حدث فإن الجميع مسيره العودة إلى هذا المسار.
 
والمتتبع للمسارات المصرية، سيجد أنها لا تؤمن بسياسة الأحلاف، لكنها تؤمن بأن هناك مصالح متبادلة يمكن أن تحقق للجميع الفائدة، لذلك فإنها ستعمل خلال الفترة المقبلة على الانضمام إلى منظمات ومنتديات دولية فاعلة، منها على سبيل المثال البريكس، الذى سيكون له تأثير اقتصادى إيجابى، بالإضافة إلى التحرك المستقبلى نحو تحقيق مزيد من التنمية لدول القارة الأفريقية، وهو نهج أخذته الدولة المصرية على عاتقها منذ 2014، وازداد رسوخًا يومًا تلو الآخر، وهو ما أوجد ثقة أفريقية فى القيادة المصرية، وهو ما تعمل القاهرة على بلورته فى مزيد من الانخراط الدولى للحفاظ على المكتسبات الأفريقية، والدفاع عن مصالح القارة السمراء.
 
اليوم السابع محتفيًا بذكرى ثورة 30 يونيو (5)
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة