يقف على عروق خشبية، ويمسك فى إحدى يديه التى امتلأت بالتجاعيد والألوان، فرشة يرسم بها على جدران من "طين"، إنه صاحب رسومات الحجيج "عيد السلواوى"، أحد أبرز رسامى جداريات الحج فى أسوان.
ويحرص أهل الصعيد عامة وأسوان خاصة، على الاحتفال بهذه المناسبة الدينية وإحياء فريضة من فرائض الإسلام، فى كل عام بالتزامن مع سفر وعودة حجاج بيت الله الحرام، وذلك من خلال تزيين جدران منزل الشخص المسافر لأداء فريضة الحج برسومات المناسك، احتفالاً بقدومه من بلاد الله الحرام.
تحدث عيد على السلواوى، لـ"اليوم السابع"، على احتفال أهل الصعيد بحجاج بيت الله الحرام، وكيف يتم استقبالهم فور عودتهم من أداء مناسك الفريضة، وتزيين جدران منازلهم بصور تعبر عن مناسك الحج ومشوار الرحلة المقدسة.
قال الفنان عيد السلواوى: يحتفل أهل الصعيد بالحاج الذى يسافر إلى الحج، ويكون هناك أيام احتفال فى سفره وأثناء عودته من الحج، وخلال هذه الفترة يتم تزيين جدران منزله بالرسومات والتى تعتبر إشارة إلى أن صاحب هذا المنزل هو من حجاج بيت الله الحرام هذا العام، وهى عادة اشتهر بها أهل الصعيد قبل فترة طويلة.
وأضاف، أنه يستخدم أدواته المكونة من فرشة مصنوعة من جريد البلح أو "صبات البلح"، وبعض الألوان والخامات التى يخلطها بنسب معينة لاستخدامها فى تلوين رسوماته على الجدران الطينية والأسمنتية حسب المنزل المتفق عليه، وهنا لا يشترط مبلغ معين على صاحب المنزل كنوع من المباركة بتزيين منزل أحد الأشخاص المشهود لهم بالمغفرة لأدائهم مناسك الحج.
وتابع، أن الرسومات عبارة عن رحلة الحاج، مثل ركوبه الطائرة والطواف بالبيت الحرام والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بجبل عرفات وزيارة قبر المصطفى عليه السلام، مدعومة ببعض الآيات القرآنية والكتابات الشهيرة لتهنئة الحجيج، وقد تشمل الرسومات أيضاً بعض مظاهر احتفال أهالى قرية الحاج بعودته مثل تخصيص حصان للحاج يركبه ويطوف به شوارع القرية وسط حضور من الناس وتقديم المباركات له وتوزيع الحلوى على الأطفال، وذبح الذبائح، وهى فى الغالب بعض العادات القديمة التى قد يكون جزء منها لا زال يحافظ سكان القرى على إحياءه حتى اليوم.
وقال: تستغرق الرسمة الواحدة نحو ساعة من الوقت، وساعتين أحياناً، لأن بعض الرسومات بها تفاصيل معينة لابد من إبرازها سواء فى حركة الأشخاص أو فى إظهار المناسك، وفى المجمل يستغرق رسم جدران المنزل بالكامل يوم متواصل.
وأشار إلى أنه تخصص فى بعض الرسومات الأخرى، بخلاف موسم الحج، وتشمل الجداريات الأخرى رسم مظاهر الأفراح وحفلات الزفاف وليالى الموالد للصوفية، كالمزمار البلدى ولعبة العصى، وغير ذلك، لافتاً إلى أن رسوماته تنال إشادة الجميع.
وحول سيرته الذاتية، أوضح السلواوى، أنه من قرية سلوا بحرى التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، ويبلغ من العمر نحو 70 عاماً، وبدأ مبكراً فى هذه المهنة التى توارثها من عمه شقيق والده، والذى كان محترف فى رسم جداريات الحج، وبذل مجهود كبير فى تطوير مهنته حتى وصل إلى هذا الحجد من الشهرة والسمعة الطبية التى يعرفها الكثير عنه.
وأكمل الفنان الأسوانى، حديثه قائلاً: كنت أترك المدرسة وأعمل مع عمى فى هذه المهنة التى ملأت قلبى حباً لها، لدرجة أنى بدأت فى ممارستها من سن مبكرة خلال 1964 وكنت في المرحلة الابتدائية، وكانت الناس تقول لى هذا الولد أشطر من عمه، وكنت مميزا في شغلي، أرسم الخط بحرفية تامة، سواء في الآيات القرآنية أو الجمل اللي أكتبها زى "حج مغفور"، وكل الممارسة جعلت منه فنان موهوب متقن لعمله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة