التلوث الرقمى وتغير المناخ.. الكتاب الورقى يواجه الإلكترونى في مهمة لإنقاذ الأرض

الإثنين، 21 أغسطس 2023 01:12 م
التلوث الرقمى وتغير المناخ.. الكتاب الورقى يواجه الإلكترونى في مهمة لإنقاذ الأرض التلوث الرقمى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قد يعتقد البعض أن النشر الإلكترونى في مختلف مجالاته، وتحديدًا كل ما يوفر ويمنع قطع الأشجار لصناعة الأوراق، أمر ينقذ الكوكب الأزرق، ويحافظ عليه في ظل المخاطر الناجمة عن التغير المناخى، ولكن هل سألنا أنفسنا عن الأثر الذى ينتجه التحول التكنولوجي على الأرض؟

دراسات أجنبية جديدة، كشفت أنه على مدار ما يزيد عن عقد من الزمان، كان القراء الإلكترونيون يخترقون سوق الكتب، فى ظل توقعات بزيادة هذه النسب التى تخترق دول العالم، فعلى سبيل المثال من المتوقع أن ينمو السوق الأوروبي بنسبة 4.43٪ سنويًا بين عامي 2023 و 2028، وفي فرنسا، استحوذت الكتب الإلكترونية على 10.3٪ من مبيعات الكتب في عام 2022، وفى الولايات المتحدة بلغت 6.94%.

التلوث الرقمى وتغير المناخ.. أيهما أكثر الكتاب الورقى أم الإليكترونى
التلوث الرقمى وتغير المناخ.. أيهما أكثر الكتاب الورقى أم الإليكترونى

بالطبع هذه الأرقام تبزر كيف أن أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية تتميز بسهولة الحمل نظرا لوزنها الخفيف، ولسهولة استخدامها، ناهيك عن الميزة الأهم، وهى أن القارئ لا يحتاج إلا لجهاز واحد فقط، ليقرأ عليه العديد من الكتب التى يحصل عليها بضغطة شراء، على العكس تماما من الكتب الورقية.

قد تبدو مثل هذه الحجة البيئية منطقية، لكنها في الواقع ليست بهذه البساطة. فبين عامي 2003 و2023، تم إجراء عشرات الدراسات من قبل العديد من المنظمات والباحثين، في محاولة لحساب ما إذا كان للكتب الإلكترونية تأثير أقل على الكوكب الأزرق من الكتب الورقية أم لا.

وفقا لتقرير نشره موقع "بائع الكتب" فإن النتائج جاءت مختلفة، في عام 2008، أجرت شركة Carbon 4 الاستشارية المتخصصة في الاستراتيجيات منخفضة الكربون دراسة وجدت أن تصنيع جهاز قارئ الكتب الإلكتروني أنتج 235 كجم من ثاني أكسيد الكربون، بينما أنتج الكتاب الورقي 1.3 كجم فقط من ثاني أكسيد الكربون.

كما أظهرت الأبحاث أن البصمة الكربونية لكتاب واحد مطبوع تبلغ 7.5 كجم من ثاني أكسيد الكربون، بينما تبلغ البصمة الكربونية لقارئ الكتاب الإلكتروني 168 كجم من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعني أن إنتاج قارئ الكتب الإلكترونية ينتج عنه انبعاث 22.5 مرة من ثاني أكسيد الكربون أكثر من إنتاج كتاب مطبوع.

كما توصلت الدراسات إلى استنتاجات أخرى، في عام 2011، أوضح دانيال لويد، الباحث في جامعة ولاية كاليفورنيا بوليتكنيك، أن المستهلك يحتاج إلى قراءة ما بين 40 و 50 كتابًا إلكترونيًا لتعويض التلوث الناجم عن إنتاج جهاز قراءة إلكتروني.

وفي يونيو 2021، خلصت دراسة نشرتها شركة Heldgeog، وهي شركة استشارية هولندية متخصصة في التحول البيئي للشركات، إلى أنه إذا قرأ شخص ما أكثر من 25 كتابًا على مدى خمس سنوات، فإن القارئ الإلكتروني هو الأفضل للبيئة. من الكتب المطبوعة في 25 من أصل 27 فئة من فئات التأثير البيئي، مثل السمية البشرية واستنفاد طبقة الأوزون.

تقول الدراسة أن التلوث الرقمي هائل، وهو أسرع أنواع التلوث انتشارًا. تستهلك الصناعة الرقمية العالمية ما يكفي من المياه والمواد والطاقة لمنحها بصمة تبلغ ثلاثة أضعاف مثيلتها في بلد مثل المملكة المتحدة.

لكن بالطبع، لا يستخدم الكثير من الأشخاص الأجهزة اللوحية لقراءة الكتب فقط، كما أن حجم الشاشة يلعب دورًا في كمية المعادن اللازمة لتصنيع جهاز القراءة الواحد، ناهيك بالطبع عن العمر الافتراضي للبطارية وهو ما لا ينبغي التغاضي عنه، ومن هنا فالأمر أكثر تعقيدا.

يقول لورينز هيلتي، الأستاذ في قسم المعلوماتية بجامعة زيورخ، والذى درس البصمة البيئية للتقنيات الرقمية لأكثر من 20 عامًا، أنه إذا ما أخذنا في الاعتبار المعادن النادرة اللازمة لإنتاج أي جهاز رقمي، سنجد فى النهاية أن الكتب المطبوعة تأثيرها البيئي منخفض للغاية.

وتقول الدراسة لقد قيل لنا أن التحول الرقمي سيساعد على إنقاذ الكوكب، ولكن يؤسفنيا القول بأن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، لأن الصناعة الرقمية العالمية تستخدم 10% من الكهرباء في العالم، وتمثل ما يقرب من 4% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وهو ما يقرب من ضعف انبعاثات قطاع الطيران المدني العالمي.

وتوضح الدراسة أن غلاف القارئ الإلكتروني يحتوى على أكثر من 85٪ من البلاستيك المعاد تدويره، بينما تدعي أمازون أن منتجاتها الإلكترونية بما فيها Kindle تتميز بنسبة تصل إلى 75٪ من البلاستيك المعاد تدويره و100٪ من الألومنيوم يأتي من إعادة التدوير، وما يصل إلى 90٪ من المغنيسيوم المعاد تدويره.

هذه التدابير مشجعة، ولكن ما لم يتم عمل المزيد في جميع الصناعات للحد من التلوث الرقمي، فلا يزال لدينا أزمة، تحتم علينا فهم التكلفة البيئية للتكنولوجيا التى يقال لنا بأنها ستنقذ كوكبنا.

ووفقا للدراسات، فقد أصبح المستهلكون يدركون بشكل متزايد تأثير التكنولوجيا الرقمية، فبحث استطلاع رأي أجري في عام 2019 كشف أن 40% من الفرنسيين يرون أن هناك صلة بين ممارساتهم الرقمية والاحتباس الحراري. وفي المملكة المتحدة، يقوم اتحاد الناشرين الأوروبى بالعمل على نشر مبادرات الاستدامة المعنية بتثقيف المستهلكين حول استدامة عاداتهم الخاصة، ووفقا لأحدث البيانات فقد تقلص مبيعات الكتب الإلكترونية في المملكة المتحدة بنسبة 8.3٪ في عام 2022، وهو ما يعنى أن الحرص على استدامة بعض العادات قد يكون مفتاحًا لمستقبلهم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة